تتميز الكاتبة العربية والسعودية خاصة، بقدرتها على تخطي كل القيود والتعبير بحرية من خلال ما تكتب، سواءً عن طريق اسمها الصريح أو المستعار، ما جعل لها شأناً خاصاً وصوتاً مسموعاً، لا يمكنك معه إلا الإنصات له، والعيش في تفاصيله التي تنقلها بمصداقية عالية، وتفاصيل تميزها عن غيرها.
فالكاتبة السعودية حالة متفردة ومعقدة، فقد خرجت من عنق الزجاجة متأخراً بعدما عصرها الرفض لزمن طويل، وأنها الأن تخرج من عباءة الإنكار، إلى رحابة الحياة الطبيعية .
هذه الأحداث التي عشناها نحن الكاتبات السعوديات كانت كفيلة بأن تصقل الألماس من فحم الذكورية.
فلها الحق الآن أن تتصدر المكان، بقوة وعزيمة، لأنها وهبت حقها بعد حرب طويلة وشهيدات كُثر دفنهن عار أن يكون معهن قلم!
عني ككاتبة فقد عشت مرحلة قاحلة، مهمشة، و قد أكون عند البعض منبوذة! وذلك لأنني رفعت صوت الإنسانية وحرية التعبير واستقلالية الرؤية، وواجهت من التجاهل، ما جعلني فارسة بمرتبة الصبر، حتى أُثبت أن قلمي جامح يستحق الالتفات له، ولا أخجل من قول هذا بل كل ما مررت به كان كافياً لأن أؤمن بهدية الله لي في أن أكون شاعرة و قاصة ذات عبارات خاصة ومتفردة، والحقيقة هذا ليس غروراً إنما نعمة عليّ تقديرها وتقديمها بشكل يليق بالواهب.
وفي تأكيد على ما ورد صدر ديواني الأول "حنجرة المكحلة" عام 2009، وقد سلط الضوء على اسمي لفترة جيدة، لكنني لاحظت بعدها أن الديوان لم يلفت انتباه القارئ العادي، بل اكتفى بالنخبة، وهذا يعود لمفرداته المعقدة أو كما أصفه أنا (استعراض) لعضلاتي اللغوية، والحقيقة العجيبة شعرت وقتها بأنني أخفقت!
فكان عليّ أن اقرأ أكثر عن الحياة، وألا أكتفي بتصنيفٍ واحدٍ من الكتب، وحينما فعلت، حققت في عام 2010 رصيداً لامعاً من الرضى، حيث تصدر كتاب "شهقة باب" الأعلى مبيعاً في معرض الكتاب الدولي بالرياض، ثم سلكت منعطفاً وعراً وبالغ الخطورة في اختيار عنوان كتابي الذي تلاهما الذي صدر عام 2013 "نسبة كحول"، وتصدر الكتاب واجهات أكبر المكتبات المحلية والدولية، ومازلت أعيش نشوة نجاحه.
وفي الحقيقة.. حينما قررت أن أطلق العنان لمخيلتي، كان إعصار رفض مجموعتي الأخيرة التي صدرت بعد محاولات متواصلة ليرى النور عام 2018 بعنوان "عَرق القوارير"، طرحت من خلاله قصصاً عن المأزق العاطفي والجسدي والنفسي والمجتمعي، الذي تمر به المرأة و تعيشها بتفاصيل قد تكون لدى البعض خطاً أحمر، وطرحها في كتاب، يعني إثبات وجودها على أرض الواقع.
لذا أنا أهمس في آذان كل السيدات اللاتي عشن تاريخاً حافلاً بالخيبات، بعبارات لا يفهمها إلا صاحبة كيد لطيف.