غالباً ما تدور حولنا جدالات واسعة، وسجالات متنافسة، بداية من العمل وحتى وسائل التواصل الاجتماعي، وقد نسمع مقابلات وتداخلات أو تدخُلات في مختلف برامج الراديو والتلفزيون. وعلى الرغم من ذلك، قد لا نجد لدينا الوقت دائماً للمراجعة والتفكير فيما يُطرح من قضايا حولنا، تلك التي تحتاج فيها الحجج إلى التحليل والتفكيك؛ ليتم وضع القضايا في منظورها الصحيح ومقارنتها وتفصيلها، وهنا تأتي أهمية فن المناظرة..
وفق هذا السياق، "سيدتي" التقت الباحث في تنمية المجتمع أحمد إسماعيل، في حديث حول فن المناظرة.
ويقول الباحث أحمد اسماعيل لـ"سيدتي": المناظرة شكل من أشكال المسابقات الممنهجة، التي تدور حول قضيّة معروفة أو سياسة أو إستراتيجية معيّنة أو حتى موضوع محدّد، بحيث تضمّ طرفين أساسيين؛ طرف مؤيّد للطرح وآخر معارض له. ويتم النقاش بين الطرفين وفقاً لقواعد وتوجيهات محدّدة.
تعريف المناظرة
هي المحاورة بين فريقين بالحجج والبراهين، تكون بين الأفراد حول موضوع، لكل منهما وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الفريق الآخر، فهو يحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه، مع رغبته الصادقة في ظهور الحق والاعتراف به لدى ظهوره.
أركان المناظرة
إن المناظرة لها ركنان أساسيان، هما:
الموضوع: أي أنه يجب أن يكون هناك موضوع تقوم عليه تلك المناظرة، والمراد بمسألة الموضوع هي نقطة البحث المشتركة.
الفريقان: يجب أن يكون هناك فريقان للتحاور حول موضوع المناظرة المحدد، حيث يكون هناك فريق ناقل للخبر أو حتى مدعٍ، ويكون الفريق الآخر معترض عليه.
آداب المناظرة
لابد من اختيار الوقت والمكان المناسب، حيث إن لذلك تأثيراً كبيراً على نجاح المناظرة، وأن يكون في النية للمناظرة النوايا السليمة، فلا يصاحبها أي شيء سلبي، مثل السب والفحش والتقصير والإهانة وغيرها، وأن يقصد بها الوصول إلى الحق، وتجنّب الاعتداد بالرأي والتمسك به على حساب الحقيقة المُراد إظهارها. تجنّب تجريح الطرف الآخر ووصفه بالمخطئ، وأن يكون الغرض من المناظرة هو مناقشة الأفكار وليس مناقشة الأشخاص، وإعطاء الطرف الآخر كامل وقته بالحديث وعدم مقاطعته؛ حتى يتمكن من إيصال فكرته بشكل واضح وسليم، وأن يكون الهدف من المناظرة إثبات صحة أو نفي خطأ القضية، وليس مجرد إثبات رأي طرف ونفي رأي الطرف الآخر، وألا يحاول طرف الإطالة في الكلام في موضوع ما، ويستخدم طرقاً من الإبداع الكلامي؛ حتى يفوت على من يناظره فرصة النجاح، وأن يكون صاحب الحق قاصداً الوصول إلى الصواب، ولا يفرق إن كان ظهور الحق على يده أو يد خصمه، وأن يبتعد المناظر عن الصفات الأخلاقية السيئة؛ مثل الرياء والغضب والكبر والحسد والحقد والسخرية والسب والشماتة والغيبة وإفشاء السر وهتك الستر والقطيعة والاستهزاء والنفاق.
تابعي المزيد: بعد إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة في السعودية.. سيدات الصناعة نجاح مؤثر ولافت في التنمية
أهداف المناظرة
ويهدف فن المناظرات إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها:
إثراء الثروة الفكرية واللغوية باستخدام اللغة العربية الفصحى من خلال التناظر، وتنمية المهارات على التفكير والفهم واستنباط الحقائق والإلمام المتكامل بالقضايا العامة والقومية، وإتاحة الفرصة للأفراد للتعبير عن آرائهم واحترام آراء الآخرين في إطار تربوي موجه، وتشجيعهم على القراءة الحرة والاطلاع وإذكاء روح المنافسة الشريفة، وتنمية مهارة الاستماع الجيد، مع التأكيد على أهمية الابتعاد عن الحدة والتعصب في الحوار، وتوعية المتناظرين بالقضايا العامة، تشجيع المتناظرين على الاطلاع والثقة بالنفس والارتجال.
أنواع المناظرات
فردية: تمثل وجهة نظر جماعية، مثل: مناظرة بين شخصين، كل واحد يمثل حزباً أو شخصاً يمثل العمال وشخصاً يمثل أصحاب العمل
فرضية: أي توضع مجموعة من الفروض (الأسئلة المحددة) ويطلب الإجابة عنها من أكثر من شخص في وضع ومكان مختلف عن الآخر، وتكون غالب هذه المناظرات ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية.
فردية تحاورية: وتكون عبارة عن فردين يتواجهان بصيغة السؤال والإجابة.
فردية بتنظيم جماعي أو فريقي: على أن يتماثل ويؤيد كل فريق اتجاه أو رأي يواجه به فريقاً.
ما هي شروط المناظرة؟
يقول الباحث في تنمية المجتمع: يجب أن يكون الفريق المتناظر على معرفة تامة بقوانين وقواعد المناظرة، ويجب أن يكون الفريق المتناظر على دراية تامة بالموضوع محور الخلاف، حيث إن كل فريق منهم سيتحدث ضمن القواعد محددة؛ حتى لا يتحدث بشكل عشوائي، ويجب أن يكون الموضوع يصلح لعمل مناظرات عليه؛ أي أن يكون قد مر على القواعد والضوابط المحددة، ويجب أن تتم المناظرة، ويعلم كل المتناظرين الأعراف التي تسير عليها.
فوائد إكتساب مهارات المناظرة
- المناظرة تتيح لك التفكير في مجالات ووجهات نظر مختلفة حول موضوع ما.
- المناظرة تشجّعك على التحدّث بأسلوب إستراتيجي منظّم.
- المناظرة تكسبك المزيد من الاتزان وتقدير الذات.
- المناظرة تساعدك على تعلّم كيفية بناء الحجج المقنعة حينما تضطر لاتخاذ موقف مغاير لوجهة نظرك.
- المناظرة تكشف لك جوانب أخرى للقضية المعروضة للنقاش.
تابعي المزيد: امرأة أندلُسيّة تطمحُ للجُلوس على عرش "الإيليزيه"
