السعادة هي الرضا والسلام النفسي وتقبل الظروف والتكيف معها ومع الأحداث.إن من أهم مسببات السعادة التخلص من الضغوط والطاقة السلبية من خلال التغلب عليها، وعدم التفكير والتركيز عليها، ويمكن أن يتم ذلك بالتدريج والتدريب، فالإنسان لديه مخزون من الأمور السلبية والأمور الإيجابية، وعليه التفكير والتدريب دائماً على التركيز على الأمور الإيجابية في حياته، فيمكن التفكير في خبر سعيد حدث للإنسان، أو عمل جيد أتقنه ونال إشادات عليه، كما عليه التركيز على نعم الله التي أنعم بها عليه المولى سبحانه وتعالى عليه.
تقول الدكتورة هبة علي خبيرة التنمية البشرية لسيدتي :إن السعادة تأتي من التغلب على المطبات الحياتية، فظروف الحياة مثلها مثل الطرق التي نسير عليها، وعندما يواجهنا مطب صناعي فإننا على الفور نقوم بتهدئة السيارة، وهو ما يجب أن نفعله في حياتنا، فعلينا أن نتحرر من ضغوط الحياة، ونواجه مطباتها وأزماتها بالهدوء والتخفيف من الضغوط، فمسببات السعادة حولنا كثيرة، وعلينا أن نبحث عنها ونركز عليها.
ضمان السعادة في المستقبل
- العيش وفق قناعاتك:
يعني العيش وفق قناعاتك عدم القبول بأقل ممَّا تستطيع تحقيقه، والتواصل بوضوح، وطلب ما تريده وتحتاج إليه من الناس، وقول الحقيقة كما تراها حتى عندما يحكم عليك الآخرون، والتصرُّف بطرائق تتوافق مع أخلاقك وقيمك، واتخاذ الخيارات بناءً على ما تؤمن به وليس ما يعتقده الآخرون، فافعل دائماً ما تراه صحيحاً مهما كان صعباً حتى لو لم يعرف أحد ما إذا كنت قد فعلته أم لا.
-تجنُّب البلبلة ومُسبِّبيها:
تصل إلى مرحلةٍ في الحياة يتعيَّن عليك فيها التخلُّص من كل البلبلة التي لا داعي لها والأشخاص الذين يسبِّبونها؛ إذ يُعدُّ عدم الإصغاء إلى مزاعم الآخرين طريقة فعَّالة جداً للتخفيف من التوتر والابتسام أكثر.فالحياة أقصر من أن تضيِّع وقتك في التحدث عن الناس والنميمة وإثارة القلاقل التي لا معنى لها، إذا كنت لا تعرف شيئاً فاسأل الشخص المعني، وإذا كنت لا توافق على شيء فعبِّر عن رأيك بصراحة، وإذا لم يعجبك شيء فقل ذلك، لكن لا تحكم على الناس من وراء ظهورهم.
-استبدال إطلاق الأحكام بالتشجيع:
لا أحد يعرف حقاً ما الذي سيفعله في موقف معيَّن حتى يعيشه، فمن السهل جداً الحكم على تصرفات شخص آخر وفق ما تفترض أنَّ أفعالك ستكون عليه لو كنت مكانه، لكنَّك تعرف فقط ما تعتقد أنَّك ستفعله، وليس ما ستفعله حتماً.
فإنَّنا نميل إلى الحكم على الآخرين وفق أفعالهم، وعلى أنفسنا وفق مُثُلنا العليا؛ لذا ابذل قصارى جهدك لتوقف نفسك عن فعل ذلك عندما تلاحظ أنَّك تطلق الأحكام، وتذكَّر أنَّه عندما نحكم على شخص آخر أو ننتقده، فهذا لا يعبِّر عن الشخص بل عن حاجتنا لننتقد؛ خلاصة القول: يوجد ما يكفي من النقاد في هذا العالم؛ لذا شجِّع الناس عوضاً عن الحكم عليهم، وسترى نتيجة ترضيك.
- التحلِّي بالإيجابية وقضاء الوقت مع أشخاص إيجابيين:
لا تعني السعادة غياب المشكلات، بل القدرة على التعامل معها؛ لذا ركِّز على طاقتك الداخلية والإيجابية، فأنت مسؤول عن كيفية تفاعلك مع الأشخاص والأحداث في حياتك، فيمكنك إمَّا نشر طاقة سلبية في حياتك، أو اختيار أن تكون إيجابياً من خلال التركيز على الأشياء الهامَّة حقاً، لذا تحدَّث عن النعم في حياتك أكثر ممَّا تتحدث عن مشكلاتك، وتذكَّر أنَّ مواجهة المصاعب وحدها لا تعني أنَّك تفشل، فكل نجاح عظيم يتطلَّب نوعاً من الكفاح الجدير بتحقيقه.
بالإضافة إلى ذلك، ابذل قصارى جهدك لقضاء مزيد من الوقت مع الأشخاص الإيجابيين ووقت أقل مع الأشخاص السلبيين، لأنَّ الأشخاص الذين يشكُّون فيك ويحكمون عليك ولا يحترمونك عن عمد، لا يستحقون وقتك واهتمامك.
- اتخاذ خيارات جديدة عند الحاجة بدلاً من السماح للخيارات القديمة بتحديد مصيرك:
لا يمكنك أن تقرِّر ما إذا كنت ستتأذَّى في هذا العالم أو متى ستتأذى، لكن لديك بعض السيطرة على مَن أو ما الذي سيؤذيك؛ إذ تعتمد شخصيتنا في النهاية جزئياً على الأشخاص والأشياء التي نسمح لها بدخول حياتنا؛ لذلك لا ترضَى بالعلاقات والمواقف التي ثبت أنَّها لا تستحق اهتمامك، بل مارس حقك في الاختيار واختر غيرها.
كن البطل في حياتك وليس الضحية، قد لا تتحكَّم بجميع الظروف التي تحدث، لكن يمكنك أن تقرِّر عدم التأثر في الظروف نفسها باستمرار.
-التمسُّك بالحقيقة:
تسهيل الأشياء ليس محاولة العيش بأقل ما يمكن، فذلك هو الفقر، بل هو مقدار كفاءتك في إعطاء الأولوية للأشياء الهامَّة، وتخصيص وقتك وفقاً لذلك لمتابعة الأشياء التي تُحدِث فرقاً في حياتك.
بدلاً من جمع مزيد من الأشياء، حسِّن حياتك بإزالة الفائض عبر التخلُّص من الفوضى غير الضرورية والتأثيرات السلبية والعلاقات السامة، وميِّز أنَّه يوجد فرق كبير بين ما تريده وما تحتاج إليه، بين ما هو فائض عن الحاجة وما هو ضروري.
-التمسُّك بالحقيقة:
من الأفضل أن تتأذى من الحقيقة بدلاً من التنعُّم في الكذب، خاصة إذا كانت هذه الكذبة مرتبطة بجوهر شخصيتك بأي شكل من الأشكال، لأنَّه يمكنك التظاهر لبعض الوقت، لكن لا يمكنك الهروب من نفسك والحقيقة إلى الأبد، فلا يمكنك أن تقرِّر ألا ترى وتشعر بنفسك، ولا يمكنك أن تقرِّر إيقاف أفكارك وأن تكون شخصاً آخر تماماً.
فلا تحاول أن تكون ما يريده الآخرون، كن من أنت عليه، فالأشخاص الذين يستحقون وقتك يريدون أن يتعاملوا مع أشخاص واثقين بأنفسهم بما يكفي ليكونوا على طبيعتهم، وهذا جيد، لأنَّك لن تكون سعيداً بالتظاهر بكونك أي شخص آخر.
- التعبير عن حبِّك دون تحفُّظات:
الحب هو فعل؛ لذا تصرَّف بناءً عليه، كن سبب شعور شخص ما بأنَّه محبوب، فبعد سنوات عدة من الآن، لن يتذكَّر الناس الملابس التي ارتديتها، والسيارة التي قدتها، وربما حتى اسمك، لكنَّهم سيتذكَّرون كيف جعلتهم يشعرون والذكريات الإيجابية التي قدمتها لهم.
إذ يعتمد التأثير الحقيقي الذي تُحدثه في الناس على الوقت والاهتمام الذي تبذله لتعليم أولئك الذين يعرفون أقل منك، والاهتمام بمن يحتاجون، ودعم أولئك الذين يكافحون، وتحمُّل مَن هم مختلفون عنك، فكل ذلك هو تعبير عن حبك.
- تقوية علاقتك مع شريك حياتك:
الحب لا يقتصر على إيجاد الشخص المناسب فحسب، بل يشمل أيضاً العمل معه لبناء علاقة صحيحة، ولا يتعلَّق الأمر بمقدار الحب الذي تشعر به في البداية، بل مقدار الحب الذي تبنيه وتنمِّيه حتى النهاية، فيجب أن تكون العلاقة صحية ومحبة وطيبة ومتفائلة وإيجابية، ويجب أن تسعدك وأن تجعل حياتك أكثر إشراقاً على الأمد الطويل.
فتبدو علاقة كهذه رائعة، لكنَّها ليست سهلة؛ إذ يستغرق الأمر وقتاً واهتماماً وشخصين على استعداد للعمل معاً كل يوم، لبناء علاقة وطيدة.
-التخلي عن الأشياء التي لا تناسب حياتك:
ستحدث أشياء لن تفهمها دائماً، لكن ربما ليس من المفترض أن تفهم كل شيء، فربما يجب أن تتحلَّى بالإيمان وتتقبَّله وتدعه يحدث؛ لذلك لا تحاول فرض أي شيء، قدِّم أفضل ما لديك، ثمَّ اترك الأمور تأخذ مجراها.
فمعظم الظروف السلبية جزء من حياتك، لأنَّك تستمر في التفكير فيها فقط، في حين تحدث الأشياء الإيجابية في حياتك عندما تنأى بنفسك عاطفياً عن الأشياء السلبية؛ لذا توقف عن التمسُّك بما يؤلمك، وافسح المجال لما تشعر أنَّه صحيح، ولا تدع ما هو خارج عن إرادتك يتداخل مع كل الأشياء التي يمكنك التحكم بها.
-التصرف بإنسانية:
"الإنسان" هو التصنيف الحقيقي الوحيد الذي ولدنا به، ومع ذلك فإنَّنا ننساه بسهولة؛ إذ يعني أن تتعلَّق بتصنيف آخر، مثل: مكتئب، أو مطلَّق، أو مريض، أو فقير، أن تكون مثل المطر الذي لا يعرف أنَّه أيضاً الغيوم والجليد، والذي ينسى أنَّه بالأساس ماء، لأنَّ شخصياتنا أكثر بكثير من الشكل الذي نحن عليه حالياً، ومثل الرياح والمياه والسماء، سيتغيَّر شكلنا عدة مرات في حياتنا، في حين سنبقى إلى الأبد بشراً.
- طرح الأسئلة الصحيحة على نفسك:
ما هي الأسئلة التي تطرحها على نفسك بانتظام؟ هل تساعدك على فهم هدفك فهماً أفضل؟ أم أنَّها تزيد من حيرتك؟ الأسئلة التي تتعرَّض لها بانتظام لها تأثير قوي في اتجاه حياتك، وليس من المستغرب أنَّك مصدر الأسئلة التي تسمعها؛ لذا بدلاً من البحث عن أجوبة في الخارج، ابدأ بطرح الأسئلة الصحيحة على نفسك، على سبيل المثال:
• "من أنا؟".
• "ماذا أحتاج؟".
• "كيف أعمل بطريقة أفضل؟".
• "ما الذي عليَّ التخلِّي عنه؟".
• "ما هي الخطوة التالية التي يمكنني اتخاذها الآن؟".
الأمر كله يتعلَّق بالاستفسارات الذاتية التي تساعدك على البقاء وفياً لمبادئك، والسعي وراء رغباتك، والنمو خلال المحن، وإضافة قيمة إلى العالم من حولك.