نحن -كبشر- مذهلون في اختلاق الأعذار التي تحد من قدراتنا؛ بدءاً من عدم الذهاب إلى الصالة الرياضية، وصولاً إلى الدراسة للامتحان؛ حيث من السهل التوصل إلى أعذار حول سبب عدم قدرتنا على متابعة الأشياء "الهامة وغير العاجلة".
لكنَّ الحقيقة هي أنَّنا جميعاً نختلق الأعذار من وقت إلى آخر، وهي عادة نستخدمها لتبرير "سبب" عدم متابعتنا لالتزام محدد؛ فإذا كنت قد طورت هذه العادة السيئة، وصرت تختلق الأعذار طوال الوقت؛ فربَّما قد حان الوقت للحد من هذا السلوك، ولكن بالتأكيد، عليك ألَّا تختلق الأعذار حول عدم قدرتك على البدء في التخلص من هذه العادة الآن.
يقول الدكتور تامر شلبي، خبير التنمية البشرية لـ«سيدتي»: يعتاد الناس على اختلاق الأعذار؛ ذلك لأنَّ فعل هذا هو إجابتهم الافتراضية على كلِّ شيء؛ فهم بالكاد يفكرون في تحمل المسؤولية، وقد اعتادوا على ابتكار أحد الأعذار للتهرب من المسؤوليات المنوطة بهم، لكن من الهام بدلاً من ذلك، تحقيق أقصى استفادة من كلِّ موقف، وعدم اختلاق عذر له أبداً.
الأعذار التي يجب التوقف عن اختلاقها
- مقارنة نفسك بالآخرين:
عندما تقارن نفسك بالآخرين -خاصة أولئك الذين حققوا بالفعل ما تريد تحقيقه- فأنت تركز على نقاط ضعفك وليس على نقاط قوتك، وربَّما يشعرك هذا بالهزيمة واليأس إذا رأيت فجوة كبيرة بين مكانك الحالي ومكانهم.
على سبيل المثال: لنفرض أنَّك تريد تعلم لغة جديدة، والحصول على بعض التدريب من خلال التحدث مع شخص آخر تعلم تلك اللغة مسبقاً، ولكنَّ هذا الشخص يتكلمها بطلاقة، وقادر على التحدث بسرعة وتلقائية مذهلة.. في حين أنَّ هذا قد يبدو مخيفاً بالنسبة إليك، إلَّا أنَّ عليك أن تتذكر أنَّه كان في الوضع الذي أنت فيه الآن، وأنَّه في مرحلة مختلفة من عملية التعلم فحسب.
قد يقارن أشخاص آخرون في مواقف أخرى أنفسهم بك، وأنت لا تدرك ذلك؛ لذا فإنَّه لمن الهام أن تتذكر ألَّا تضع افتراضات عندما يتعلق الأمر بما يفكر فيه الناس، أو ما تجربتهم الحقيقية.
إذا كنت تختلق عذراً لعدم تجربة شيء جديد؛ لأنَّك تقارن نفسك بالآخرين الخبراء في هذا المجال؛ فتذكر أنَّهم كانوا يوماً ما في مكانك، وقد تمكَّنوا بجهدهم من الوصول إلى ما هم عليه اليوم.
لذا؛ بدلاً من التركيز على ما ليس لديك، ركز على نقاط قوتك، وتبنَّ عقلية الامتنان، وذلك بأن تكون ممتنناً للفرص المتاحة لك لتحقيق النمو، وتبدأ تحسين شعورك تجاه نفسك.
- الخوف من المجهول:
يميل الناس إلى توخي الحذر من المخاطر التي قد تعطل واقع حياتهم الحالية، وغالباً ما يعارضون القيام بأيّ تغيير على سلوكياتهم اليومية المريحة؛ حتى ولو كان ما يفعلونه حالياً لا يصب في مصلحتهم.
هناك مثال بسيط على ذلك، وهو أنَّ الناس غالباً ما يكونون بطيئين في محاولة تبني عادة جديدة لأنَّها قد تعطل روتينهم المعتاد، وينطبق الشيء نفسه على العمل؛ إذ يتردد الأشخاص في إجراء تغييرات وظيفية لأنَّهم يخشون ألَّا تكون النتيجة جديرة بالمخاطرة، ويعتقدون أنَّ البقاء في وظائفهم الحالية هو الخيار الأسهل.
قد تسوء الأمور بالتأكيد، لكنَّها قد تسير على ما يرام أيضاً، ويمكن للمجهول أن يكون مخيفاً، لكنَّ هذا لا يعني بالضرورة أنَّه سيّئ.
قد تنعم بالكثير من الأشياء الجيدة في حياتك من خلال المخاطر التي تتعرض إليها في المناطق التي لا تعرفها؛ لذا لا تفترض أنَّ أيَّ شيء مجهول بالنسبة إليك، سيتحول إلى شيء سلبي؛ ذلك لأنَّ هذا ليس صحيحاً في أغلب الأحيان.
لذا، اعتد على الخوض في المجهول، من خلال تكرار ممارسته، وتخلَّ عن روتينك اليومي، عن طريق تجربة طريقة مختلفة في العمل، أو الذهاب إلى صف جديد للتمرينات.
سيساعدك منع نفسك من اتباع روتين متشدد، أو تغيير طريقة تفكيرك الاعتيادية، على الترحيب بالمجهول بدلاً من الخوف منه.
- إلقاء اللوم على الآخرين:
من أكثر الأشياء المدمرة التي يمكنك القيام بها في الحياة: "أن تلعب لعبة إلقاء اللوم"؛ فهذه الخطوة أساسية في التسبب بمقدار كبير من الإحباط والتعاسة في حياة الناس.
ينطوي هذا على إلقاء اللوم على شخص آخر بخصوص شيء غير مرغوب فيه قد حدث لك، وأن تبقى مقتنعاً بأنَّه كان خطأ شخص آخر؛ بدلاً من أن تكون استباقياً وتقوم بالتغييرات اللازمة لحل المعضلة بنفسك، وغالباً ما ينتج هذا عن التفكير غير العقلاني وغير الصحي بالنسبة إليك، أو إلى الشخص الذي تلقي عليه اللوم.
يميل الناس أيضاً إلى تحميل الأوضاع أو الظروف الخارجية مسؤولية إخفاقاتهم؛ فعلى سبيل المثال: هل سمعت يوماً أحدهم يتذمر لأنَّه لا يكسب ما يكفي من المال، ومن ثَمَّ يلقي باللائمة على الوضع الاقتصادي الحالي؟ يُفقِد القيام بهذا الشخص الإحساس بالمسؤولية الشخصية عن شيء يريد تغييره في حياته الخاصة.
لذا، تولَّ أمر حياتك، وأدرك متى تلوم الآخرين، ومارس السلطة التي لديك على حياتك، من خلال تولي مسؤولية أيِّ شيء يقع في نطاق سيطرتك.