عشِقَ الفن التشكيلي، فمارس هوايته منذ الصغر، حالماً بأن يصبح فناناً محترفاً يوماً ما، ويصل بلوحاته ومجسَّماته إلى العالمية.رغم أنه وصف نفسه بالهاوي في الفن التشكيلي ، إلا أنه قدَّم عديداً من الأعمال التي لاقت رواجاً كبيراً فلُقِّبَ بـ "بيكاسو السعودية"، لكنه اضطر إلى ترك شغفه طويلاً حتى عاد إليه أخيراً بعد انقطاعٍ دام نحو 35 عاماً.هاشم أحمد الجمعان في حواره مع "سيدتي نت ، كاشفاً عن أهم المحطات في مسيرته العملية، مؤكداً اعتزازه بالمجسَّمات الثلاثة التي أبدعها لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
بدايةً، حدِّثنا عن المجسَّمات الثلاثة التي جسَّدت فيها صورة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما المدة التي استغرقتها، والمواد التي استخدمتها؟
قدَّمت ثلاثة مجسَّمات عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، الأول كبيرٌ، وأطلقت عليه اسم "محور العز"، واستغرق مني نحو عشرة أشهر، واستخدمت فيه الخرسانة حيث قمتُ بصبِّها في قالبٍ، أعددته بشكل خاصٍّ لهذا المجسَّم، أما الثاني، فكان بورتريه، وسمَّيته "سيدي ولي العهد"، واستعملت فيه الجبس الأبيض، وزوَّدته بهيكلٍ داخلي من الحديد من أجل حمايته، واستغرق مني نحو شهرين ونصف الشهر، كذلك اعتمدت البورتريه في المجسَّم الثالث، وجسَّدت فيه حركة البشت التي اشتهر بها ولي العهد، واستخدمت فيه الجبس الأبيض، واستغرق عمله شهرين ونصف الشهر.
كانت لك تجربةٌ سابقةٌ لمجسَّمٍ عن ولي العهد أيضاً، من أين نبعت فكرته؟
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، هو عرَّاب الرؤية المباركة، ومحور التغيير الإيجابي في بلادنا، لذا نبعت فكرةٌ في ذهني بتقديمٍ مجسَّمٍ عنه فخراً واعتزازاً بكل ما يقدمه لوطننا الغالي.
نحن لسنا أقل من الغرب في التمسُّك برموزنا، وتخليد نجاحاتهم، وما قدمته أقل شيءٍ نفعله لرمز التطوير والنجاح والتقدم في بلادنا. الفكرة جاءتني قبل ثلاثة أعوام، إذ تمنَّيت تقديم عملٍ جبارٍ، أثبت فيه حبي وولائي لقيادتنا الرشيدة، لكنَّ المهمة لم تكن سهلةً، وتطلَّبت مني بذل جهدٍ كبيرٍ إلى أن وصلت إلى النتيجة النهائية بجهودٍ شخصية، واستغرق مني المجسَّم نحو عشرة أشهرٍ، وركزت فيه على حركة "مشلح" سيدي ولي العهد التي تغنَّى بها الجميع.
هل هناك خطواتٌ أساسيةٌ لبداية أي عملٍ فني بالنسبة إليك؟
نعم. أي عملٍ أقدمه أحرص فيه على التأسيس السليم، لأن نجاحه يرتبط بالبدء به على أسسٍ واضحة.
كيف خططت لهذا العمل، وكم ساعةً كنت تعمل عليه في اليوم؟
كوني متقاعداً، وجدت وقتاً كبيراً للعمل على هذا المجسَّم، وكما ذكرت سابقاً، استغرق إنجازه نحو عشرة أشهر، وفي بعض الأيام كنت أعمل طوال الـ 24 ساعة مع بعض فترات الراحة.
ما المواد التي استخدمتها لإنجاز المجسَّم؟
جسَّدت المجسَّم على شكل مبنى بقاعدةٍ خرسانية من الحديد المسلَّح والمصبوب بالخرسانة الإسمنتية، مع اعتماد هيكلٍ كاملٍ من الحديد للقاعدة والعمود، وصبِّه على شكل قطعةٍ واحدة بطول ثلاثة أمتار وعشرة سنتيمترات وعرض مترين وبوزن طنين.
بماذا شعرت بعد الانتهاء من هذا العمل؟
شعورٌ لا يوصف. أحسست بالاعتزاز وأنا أقف أمام المجسَّم، كما انتابني شعورٌ بالفخر لتقديم عملٍ عن ولي العهد رمز الصلابة وروح الشباب.
هل أبدعت من قبل منحوتاتٍ أخرى بهذا الحجم؟
لدي محاولاتٌ كثيرة، لكن لم يسبق لي أن قدَّمت منحوتةً بهذا الحجم.
أُطلِقَ عليك لقب "بيكاسو السعودية"، ما قصة هذا اللقب؟
بعد عودتي للفن التشكيلي أنجزت لوحاتٍ فنية عدة، دمجت فيها بين الحروف العربية والفن الرقمي، وجاءت مميزةً جداً، وأعجبت كل مَن شاهدها، منهم الدكتور محسن الشيخ آل حسان، رحمه الله، وهو إعلامي قديرٌ ومخضرم، فأطلق عليَّ هذا اللقب "بيكاسو السعودية"، على الرغم من عدم معرفته بعملي على المجسَّم، إذ كنت أشتغل عليه بسرية.
حدِّثنا عن بداياتك في عالم الفن التشكيلي كيف جاءت؟
الرسم كان مجرد هوايةٍ بالنسبة لي، بدأت حينما كنت في المرحلة الابتدائية، لكنني توقفت عن ممارسته في المتوسطة، واستمر ذلك 35 عاماً، لأعود إلى هذا الفن الجميل مجدداً بكل شغفٍ وحماسٍ وبأفكارٍ فريدة، ونضوجٍ أكبر.
ما المعارض التي شاركت بها؟
لم أشارك حتى الآن في معارض حية. شاركت في حدثٍ عبر المنصة الدولية في الدنمارك بعنوان"همسة نت"،وفي معرضٍ مصغَّر بمرسمي، كما عرضت مجسَّماتي في مركز الملك سلمان الاجتماعي بمناسبة اليوم الوطني الـ 92، وأتطلَّع إلى أن أقيم قريباً معرضاً شخصياً، بإذن الله، أعرض فيه أعمالي.
أين تجد نفسك أكثر في الفن التشكيلي أم صناعة المجسَّمات؟
التخصُّصان قريبان من قلبي، وبفضل الله أتقن العمل بهما.
ما الصعاب التي واجهتك في بداياتك؟
وجدت صعوبةً في توفير الإمكانات اللازمة لمتابعة عملي، إلى جانب ضعف الدعم، ومتى ما توفر ذلك، لن يجد أي فنانٍ عوائق في عمله.
في رأيك، هل يولي الإعلام اهتماماً بالفن التشكيلي والمجسَّمات؟
هناك حراكٌ إعلامي في هذا الجانب، لكنه ضعيفٌ جداً، ويجب على وسائل الإعلام تعزيز اهتمامها بالفن التشكيلي في السعودية، فنحن نمتلك طاقاتٍ فنية كبيرة من المحترفين والهواة.
هل نفَّذت مجسَّماتٍ ميدانية يمكن اعتمادها في مناطق معينة بالرياض؟
مع الأسف لم أفعل ذلك حتى الآن، وهذا حلمٌ من أحلامي التي أتمنى تحقيقها مستقبلاً.
ما العوائق التي تقف أمام الفنان المختص بالنحت؟
تنقصنا الإمكانات، لا سيما في الأدوات، ومساحة العمل في الورشة، والدعم المالي.
لكل فنانٍ فلسفةٌ خاصةٌ واتجاهٌ فني يختلف به عن الآخرين، ما فلسفتك في النحت؟
النحت بحد ذاته فلسفةٌ، تستحقُّ التأمل والإبحار فيه.
كيف ترى مستقبل فن النحت في السعودية؟
مستقبل جميل وزاهر، خاصةً بعد أن وفر ولي العهد الفرص للمبدعين من الشباب السعودي لإظهار مواهبهم بكل حرية ودون أي قيود.
مَن الأشخاص الذين تركوا أثراً كبيراً في حياتك الفنية، وأسهموا في رسم خطواتك بالمجال؟
كل إنسان يفخر بمَن حوله ويشجعه ويدعمه. الأثر الكبير كان لنفسي قبل أي أحدٍ آخر، نفسي التي وقفت أمام كل الظروف، وواجهت قلة الإمكانات والدعم، بفضل الله طبعاً، وفي المرتبة الثانية كل مَن وقف معي بدعاءٍ صادق وموقفٍ حقيقي.
هل هناك عملٌ تعدُّه الأقرب إليك؟
نعم. مجسَّم "محور العز" هو الأول والأقرب إلى قلبي.
ما المدرسة الفنية التي تأثَّرت بها؟
تأثَّرت كثيراً بالمدرسة التجريدية بعد عودتي إلى الفن.
ثلاث رسائل لمَن توجهها، وماذا تقول فيها؟
الرسائل كثيرة، لكن سأختار أهم ثلاثةٍ منها، وأظنها الأهم في حياة كل إنسانٍ.
الرسالة الأولى: هي "مخافة الله".
الرسالة الثانية: "العمر والوقت ليسا حاجزَين أمام إنجاز أو إنجاح أي عمل".
الرسالة الثالثة: "نحن فعلاً شعبٌ جبار، يا سيدي ولي العهد خض بنا كل طريق ونحن معك".
أين تحب قضاء إجازتك؟
في ربوع بلادي الجميلة.
ماذا تعني لك الكلمات التالية: الرسم، النحت، الإصرار، الغضب، الفرح؟
الرسم: هو حياةٌ.
النحت: هو أسلوبٌ وفلسفة.
الإصرار: هو روحٌ لي.
الغضب: ليس له مكانٌ لدي.
الفرح: يجدني في كل وقتٍ حتى في أسوأ حالاتي، ومَن يعرفني يعلم أنني أبتسم دائماً ولله الحمد.
ما مشروعاتك المستقبلية؟
لدي أفكارٌ ومشروعاتٌ كثيرة تدور في مخيلتي، من أهمها وضع بصمتي في كافة الميادين بالمملكة العربية السعودية عبر مجسَّمات تليق بوطننا الغالي، وولاة الأمر، وشعبنا الطيب، وأن أسطِّر وأجسِّد فيها روح الطموح والرؤية.