يعدّ مجال الدعاية والإعلان من أهم القطاعات المؤثرة على تطور النشاط الاقتصادي والنجاح التسويقي في المملكة العربية السعودية بحكم قدرته على توجيه وتحفيز الطلب الاستهلاكي وبناء السمعة والصورة الذهنية للعلامات التجارية وغيرها من الجهات الحكومية أو المنظمات الربحية وغير الربحية. من هذا المنطلق، تعدّ السعودية من أهم أسواق الدعاية في منطقة الخليج والشرق الأوسط، حيث تحتل المرتبة الأولى بحجم إنفاق (أكثر من 1.5 مليار دولار سنة 2021).
الموقع الريادي للسوق السعودية في مجال الإعلان يمكن تفسيره بالوزن الاقتصادي، وحجم الطلب في المملكة، إضافة إلى تطور وتنوع المشهد السمعي البصري والرقمي، الذي شهد طفرة من حيث الكم والكيف في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة. تتميز السوق السعودية بحجم طلب كبير وقدرة شرائية عالية للمستهلك السعودي، ما يعطي لهذه السوق جاذبية تسويقية عالية استقطبت أهم وأشهر الماركات العالمية والوطنية. في هذا الإطار، يشهد مجال الدعاية والإعلان في المملكة تطوراً كبيراً يمكن ملاحظته في علاقة بالعوامل الآتية:
- تطور وتنوع عدد المتدخلين في قطاع الدعاية مع وجود أهم وكالات الإعلان العالمية وظهور عديد الوكالات المحلية.
- نضج الممارسات الإعلانية مع تطور الخطاب الابتكاري تماشياً مع التغيرات التي يشهدها المجتمع السعودي، والتحولات الاقتصادية الكبرى التي تندرج ضمن رؤية 2030.
- ظهور جيل جديد من الشباب السعودي المنفتح والمطلع على أهم المستجدات في عالم التسويق والإعلان الرقمي.
من جهة أخرى، عرف المستهلك السعودي تغيرات كبيرة على مستوى النمط الاستهلاكي من خلال الإقبال على خدمات جديدة مثل الترفيه والثقافة والسياحة، إضافة إلى التطور الكبير في مجال الخدمات الرقمية ما أدى إلى تنوع المحتوى الإعلاني من حيث المواضيع المطروحة تماشياً مع خصائص الطلب. كما أن المجهود المبذول من طرف عديد الجهات الحكومية في إطار حملات التوعية وتوجيه الرأي العام من أجل الترويج لسلوكيات إيجابية وتطوير الوعي المجتمعي، كلها عوامل أسهمت في تطوير وتنوع الخطاب الإعلاني ومستوى الابتكار الإبداعي في الأفكار المطروحة. هذا وقد أسهم الانفتاح الثقافي والمجتمعي الذي تشهده المملكة في تنوع المشهد السمعي البصري وخاصة الرقمي مع تطور المحطات التلفزيونية والمنصات الرقمية، إضافة إلى تعدد قاعات السينما والتي زادت من الدخل بحجم 400 مليون، بعد افتتاح السينما والاستعمال المكثف لوسائل التواصل الاجتماعي حيث يشكل سوق الإعلان الرقمي 65 بالمئة من حجم سوق الاستثمار في السعودية حسب الأرقام الأخيرة الصادرة من إبسوس 2021.
اعتباراً لكل العوامل السابقة، أصبح قطاع الإعلان يمثل مجالاً واعداً لتوظيف الجيل الجديد من الكفاءات السعودية التي اكتسبت معارف أكاديمية وخبرات عملية مميزة. حيث نلاحظ وعياً متزايداً من الشباب بأهمية مجال الدعاية، الذي أصبح يغري كثيراً من الشباب السعودي، وخاصة رواد الأعمال، مع تزايد الشركات الناشئة في مجال الإعلان الرقمي وصناعة المحتوى. هذا ويتوقع الخبراء والمختصون أن هذه الطفرة ستدعم مع التطور والتنوع المتزايد للاقتصاد السعودي تماشياً مع رؤية 2030، ما يؤكد على الاهتمام المتزايد بقطاع الإعلان ومزيد من تنظيمه عبر قوانين وتشريعات متطورة تتناسب مع تطور المجتمع والأولويات الاقتصادية.