دائماً يأخذنا الحنين إلى الماضي وجماله وذكرياته الرمضانية، ونستشعر هذا الجمال في رمضان الحاضر وروحانيته، الذي هو امتداد لذلك الماضي الجميل، فقد استقبل العالم الإسلامي شهر الخير والعطاء والبركة، شهر رمضان المبارك.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من صوّامه وقوّامه، ونسأله تعالى أن يحفظ لنا ديننا وأمننا وأن يعيده علينا بصحة وعافية.. رمضان كل ما فيه جميل، نستشعر فيه بركة الوقت في صلة الرحم بين الأهل، والزيارات بين الجيران والأصدقاء.
"وحدها الكتابة تسمح لنا بأن نتكلم حتى ونحن نتوارى تحت التراب، لتؤكد لنا بأن الجسد مجرد غبار" بقلم د. ابتسام الوسلاتي في #مدونات_سيدتي على الرابط https://t.co/NH8NJnMi4T pic.twitter.com/LNVHU5CK1o
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) April 25, 2023
جلسات الذكر، وازدحام المساجد بالمصلين، وصلاة القيام، ودعاء التهجد الروحاني، كلها تجلب السكينة والتواصل بين الأحباب، وتجلب للروح البهجة والسعادة، في رمضان طقوس وعادات مميزة وجميلة متعارف عليها في جميع الدول الإسلامية، كلها تحت مظلة العطاء والرحمة والتراحم بين جميع أفراد المجتمع.
يأخذني الحنين إلى ذلك الزمن الجميل في البيت الكبير، الساعة الثالثة عصراً؛ حيث يبدأ الجميع بالاستعداد لإعداد مائدة الفطور الرمضانية، وجرت العادة أن تجتمع بعض من نساء الجيران المتمرسات في إعداد الأطباق الرمضانية المميزة تحت إشراف جدتي. في هذا الوقت يكون الجميع مشغولاً كل في مجاله، هناك من يعدّ الهريس، وهناك من يحضر الثريد المكون من نوع معين من الخبز الرقيق الذي يعدّ خصيصاً لشهر رمضان مع مرق اللحم، وهناك من يتفنن في تحضير الحلويات، وأهمها لقمة القاضي (لقيمات).
وبما أننا كنا صغاراً كان الفضول يأخذنا هنا وهناك، لنرى ما تم إعداده للفطور، مستمتعين بالروائح الشهية لأجمل أطباق رمضانية، مع العلم أن وجودنا يسبب القليل من الفوضى والإزعاج، إلا أن هذا لا يمنعنا من المشاركة والمساعدة في هذه الطقوس الجميلة على الرغم من وجودنا المزعج.
وقبل أذان المغرب بقليل، تبدأ مرحلة تبادل الفطور بين الجيران، ومن جميل ما أذكره أن فطور المؤذن يتم إعداده في بيتنا؛ حيث إن المسجد قريب جداً، وكنا نحرص أن نذهب مع العامل لتوصيل الفطور مع أبناء الحي.
كان هذا الوقت جميلاً جداً؛ حيث يلتقي أطفال الحي (الفريج) قبل الفطور، وكانت كل أحاديثنا على ما تم إعداده من أطباق وبكل براءة.
وما زال رمضان، اليوم، على الرغم من التغيرات واختفاء بعض الأمور العفوية البسيطة، جميلاً بكل ما فيه من عادات وطقوس ومشاعر وروحانية تنقي أرواحنا من تراكمات ما قبل الشهر الفضيل.
اليوم رمضان يعني بداية جديدة بروح نقية لمواجهة الحياة بحب.
