يهلّ علينا العيد ليغمرنا بالسعادة والبهجة والفرح، الذي يأتي بعد صيام شهر كامل، يأتي ليجعلنا نحمد الله على كل النعم الموجودة.. والتساؤل الذي يراود كل مسلم، وعن هذا تطرح الدكتورة مي عبدالهادي السؤال: ما هو سر السعادة وما أكثر شيء أفرحك بالعيد، هل هي مظاهر الاحتفال المميزة لعيد الفطر، مثل: ارتداء الملابس الجديدة والجميلة، والتي تُعبّر عن مدى تميّز هذه الأيام واختلافها عن باقي أيام العام؛ حيث يحرص الجميع على شراء الملابس له ولأبنائه ولعائلته، أم شراء الملابس للفقراء والمحتاجين وإهداؤهم إياها؟ فهذه أيام مباركة وجميلة، يحب أن يظهر الجميع فيها بشكل ملائم.. أم في العادات الغريبة التي يتبعها بعض الأطفال في ليلة العيد، وهي تحضير ملابسهم الجديدة وتجريبها أكثر من مرة، والتأكد من أناقتها؟ والبعض يفضل وضعها أمامه في الغرفة حتى يوم العيد بدلاً من تخزينها في الأماكن المحددة للملابس.. فلملابس العيد فرحة إضافية لدى الأطفال، تجعلهم يشعرون بمدى تميّز هذه الأيام، والعيد هو الوقت الأنسب لهم ليفرحوا ويلعبوا ويصلّوا مع أصدقائهم وعائلاتهم.
سر السعادة
تقول علياء خليفة: رؤيتي للمسلمين من شتى بقاع الأرض، وهم مجتمعون يصلون صلاة العيد معاً، هو أكثر ما أسعدني في العيد ، هذه المشاهد تسر المؤمنين وتُفرح قلوبهم، وتُحزن وتؤلم قلوب آخرين.
وتقول سهام يوسف: سر السعادة وأكثر ما أسعدني يوم العيد شيئان: سالة طمأنت قلبي. ومفاجأة غير متوقعة من أقرب صديقاتي، أدامها الله بحياتي.
فيما تقول مها جوهر: فرحت بالعيد لأن الله وفقني لأتبع سنة النبي، صلى الله عليه وسلم، في احتفاله بالعيد.. فرحت بالعيد لأنني أمضيته مع عائلتي..فرحت بالعيد لأنه وهبني من الصحة ما يجعلني أستمتع بوقتي أيام العيد.
وقالت مها حسين: دائماً أكثر شيء يسعدني في العيد ، لقاؤنا بصلاة العيد مبكراً، وعودتنا نتجمع ببيت أبي وأمي ونفطر معاً، ونعطي العيديات، طبعاً من بعد وفاة أبي أصبحت أدفع فقط! ومعظم الأحيان نتناول الغداء أيضاً معاً، وتابعت: سر السعادة في العيد هو صوت أولادي يضحكون ويتكلمون بمرح.. فقد صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه لما قدِم المدينة مهاجراً من مكة، وجدهم يحتفلون بعيدين؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "كان لكم يومان تلعبون فيهما، وقد أبدلكم اللَّه بهما خيراً منهما، يوم الفطر، ويوم الأضحى".
لماذا يفرح المسلم بالعيد؟
يقول الشيخ مصطفى محمد، واعظ بوزارة الأوقاف: يفرح المسلم بالعيد للآتي:
- أن الفرح في العيد سُنة نبوية شريفة، ففي الصحيحين، عن عائشة، رضي الله عنها، أنها قالت: دخل عليّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعندي جاريتان تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، تضربان بدف، قالت: وليستا بمغنيتين؛ فاضطجع على الفراش، وحوّل وجهه.. ودخل أبوبكر، رضي الله عنه؛ فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فأقبل رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فقال: دعهما، يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا.. فلما غفل غمزتهما فخرجتا.
-شكر المسلم ربّه
حيث أنعم عليه بإتمام صيام شهر رمضان المبارك؛ راجياً أن يكون الله تعالى قد قبل عمله فيه، وتجاوز عن تقصيره.. والفرح المأمور به المسلم في العيد ، هو الفرح الذي لا يُطْغِي ولا يؤذي؛ فلا يحمله ذلك الفرح على الطغيان بارتكاب المحظورات شرعاً أو عقلاً، من منهيات الشرع، أو الأفعال التي يأباها ويجافيها العقل السديد، ويمجها ويناقضها السلوك الرشيد، ولا يذهب به الفرح إلى حد إيذاء نفسه أو إخوانه المسلمين أو مجتمعه أو بيئته.
- العيد فرصة للتواصل بين المسلمين
وإظهار الألفة والمودة في علاقاتهم الاجتماعية، ولاسيما صلة الأرحام وذوي القربى.. وحين يتبادل الناس التهاني بالعيد؛ فإن الأجواء يغمرها الفرح والبهجة، وتشيع في النفوس دواعي الألفة؛ فتذوب الخلافات، وتختفي الأحقاد، ويزول غيظ الصدور؛ لأن النفوس تهيّأت للصلح والتسامح.
- العيد شاهد على حرص الإسلام على الوسطية والتوازن
لأن العيد يجمع بين تلبية المطالب البشرية، بإشاعة الفرح والحبور في النفوس، وممارسة اللهو المضبوط بضوابط الشرع، وبين الوفاء بالمطالب الإيمانية الروحية، عن طريق العبادات المشروعة، كصلاة العيد، والتكبير، ونحو ذلك من الاستغفار والتحميد والتهليل.. إلخ.
- فرحة العيد لتذكر المسلم فريضة الذكاة
قبل أن يخرج المسلم إلى صلاة العيد يوم الفطر عليه واجب ديني لا بد أن يؤديهذلكم هو تأدية زكاة الفطر، وهذا الواجب تهيئة نفسية للمسلم كي يكون فرحه مضاعفاً، بما يدخله عليه شعوره بإسهامه في مشاركة إخوانه المسلمين من راحة وسعادة، كما أن هذا الواجب يتيح للفقير والمحتاج مشاركة إخوانه المسلمين فرحتهم بالعيد، ولذا فإن الإسلام يحث المسلمين على أن تكون صدقاتهم الواجبة وغير الواجبة محققة أهدافها «وإذا أعطيتم فأغنوا».
- العيد مناسبة للترفيه المبرّأ من الزيغ والابتذال
فالترفيه المباح البعيد عن محظورات الدين ومجافيات الخلق القويم والعقل الراشد، ضرورة تقتضيها مناسبة الفرح بالعيد، وتتطلبها حاجة المسلم إلى تجديد نشاطه؛ ليُقبل على عبادة ربه بهمة ونشاط؛ إذ المقرر أن الترفيه ضرورة لحفز همم الإنسان وتنشيط مداركه، التي قد لا يستقيم سيرها على نمط واحد في كل الأوقات؛ فلا بد من الترويح عن نفس الإنسان لتسترد صفاءها وحيويتها.
- العيد يرتبط بالزينة
قال الله تعالى، على لسان موسى، صلى الله عليه وسلم: «قال: موعدكم يوم الزينة وأن يُحشر الناس ضحًى»، قال ابن كثير، رحمه الله: يوم الزينة أيْ: يوم عيدهم واجتماعهم، والزينة سبب من أسباب الفرح والحبور.
فرح الاطفال فترة العيد
ويُشكل الأطفال والعيد ثنائيّة متداخلة مع بعضها البعض، ويتمثل هذا التداخل بتشكيل لوحة مليئة بالفرح والسعادة والهناء؛ فالفرح لا يمتلك هوية ولا وطناً، والعيد بالنسبة للأطفال، قطار مليء بالفرح الملوّن، وضحكات الأطفال البريئة، والتي تملأ الأرض بهجة وعفويّة؛ فعادةً ما يُردد الأطفال أغاني العيد الشعبيّة، وفي صبيحة العيد يلهو الأطفال ويلعبون في متنزهات وساحات مدنهم، وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة التوسعة على الأطفال في أيام العيد، وتتمثل التوسعة في الطعام والشراب والنفقة، ولكن ينبغي أنْ تكون التوسعة من غير إسراف وتبذير؛ فالتعبير عن العيد لا يكون بالإسراف.