شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تطورات ملحوظة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. طالت هذه التطورات كافة الأنظمة في المملكة أهمها نظام العمل السعودي لا سيما فيما يتعلق بملف عمل المرأة وتمكينها في وظائف لم تمارسها من قبل، بعد سنوات عجاف من البطالة ونظرة المجتمع، واهتزاز الثقة بإمكانات المرأة العاملة، والضغوط النفسية المجتمعية بسبب العادات والتقاليد.
وعليه لوحظ زيادة مطردة في صفوف النساء العاملات في السوق السعودي. لكن وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة لتمكين النساء وتقليص الفجوة بين الجنسين من أجل تحقيق التنمية الوطنية المستدامة، إلا أنه ما زال لا يرتقي لمستوى الطموح، فما هي المعوقات التي تقف أمام تمكين المرأة السعودية؟
"يعدّ التعنيف المعنوي أكثر أشكال التعنيف في العمل تعقيداً، وذلك بسبب صعوبة إثباته أو توثيقه" بقلم د. دعاء ميرة @DrMirah في #مدونات_سيدتي على الرابط https://t.co/xlLo85HUy1 pic.twitter.com/rJSWDPntYf
— مجلة سيدتي (@sayidatynet) April 29, 2023
تشير الدلائل إلى أن المرأة تواجه جملة من المعوقات غير المرئية تحد من وصولها إلى المناصب القيادية العليا في السلم الوظيفي، وهي ظاهرة ذات طابع عالمي تعرف بـ "السقف الزجاجي". تنقسم تلك المعوقات عدة أنواع رئيسة:
أولاً، العوامل الفردية أو الشخصية: وهي التي تتعلق بشخصية المرأة نفسها، وقدراتها ومؤهلاتها العلمية ومهاراتها، والتي تحول دون ممارستها للسلوك القيادي، عدم القدرة على التوفيق بين الأعباء المنزلية ومهام العمل، لجوء المرأة إلى تحكيم العواطف في معالجة المشكلات، شعور النقص لدى المرأة وضعف الثقة بالنفس. حيث أشارت مؤسسة ماكينزي إلى أن ما يعيق ممارسة المرأة للدور القيادي هو قناعاتها الشخصية.
ثانياً، المعوقات الاجتماعية (عائلية وثقافية): أي ما يتعلق بثقافة المجتمع واتجاهاته ومعتقداته، ونظرته للمرأة وكيفية تنشئتها وتهيئتها للقيام بمسؤولياتها، خاصة أننا في مجتمع شرقي ذكوري يهيمن فيه الذكور على الحياة العملية والاقتصادية، فقد أسهمت هذه المعوقات في تكوين صورة نمطية للمرأة باعتبارها أضعف من أن تتحمل المسؤوليات بهدف تسويغ استبعادها من المراكز القيادية، رغم وجود قائمة لا تنتهي من النماذج النسائية التي أثبتت تفوقها.
ثالثاً، المعوقات التنظيمية: منها نظرة القائد الإداري لعمل المرأة، عدم القناعة والثقة بقراراتها، عدم القدرة على تحمل المسؤولية القيادية، ومحدودية المؤهلات والخبرات الإدارية. كما تعاني معظم النساء من ممارسات عدة تؤثر على راحتهن في مكان العمل، وأبرز تلك الظواهر تندرج تحت خانة "التعنيف" والذي يتفرع منه ثلاثة أشكال هي الأكثر انتشاراً في بيئة العمل: التحرش الجنسي، التعنيف المعنوي، والتعنيف المؤسساتي.
ويعدّ التعنيف المعنوي أكثر أشكال التعنيف في العمل تعقيداً، وذلك بسبب صعوبة إثباته أو توثيقه. ومن الأمثلة عليه: عدم إظهار الرضا عن أداء الموظفات، عدم الإشادة بمجهوداتهن، استخدام العبارات القاسية والإحراج أمام الزملاء.
ومن تداعياته: شعور الموظفات بأنهن غير مؤهلات لأداء وظيفتهن، وفقدان ثقتهن بأنفسهن، الشعور بالتقصير الدائم، وتحميل أنفسهن مسؤولية ما يحصل، ضعف التركيز، وغيرها من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية مثل قلة الإنتاج، تدني الشغف وعدم الشعور بالانتماء الوظيفي.