أظهرت البحوث أن تمكين الموظفين مرتبط بمعدلات أعلى من الأداء الوظيفي، والرضا الوظيفي، والانتماء المؤسسي.
يمكن تصوّر عملية التمكين على شكل معادلة ذات طرفين: المؤسسة، والموظف. يتحتم على المؤسسة التي تتبنى عملية تمكين الموظفين تهيئة الظروف التي تساعدهم على ممارسة كفاءاتهم، بما يقوي روح المبادرة لديهم. أما الطرف الآخر في عملية التمكين، فهو الموظف نفسه، فإذا لم يكن الفرد على استعداد لأن يصبح موظفاً متمكناً، ستذهب جهود المنظمة سدى. يجب أن يكون لدى الموظف الثقة في النفس، وتحمل المسؤولية، والقدرة المعرفية التي تساعده على عملية اتخاذ القرار. والعكس صحيح؛ أي إذا توافرت كافة متطلبات التمكين لدى الموظف، لكنه واجه إدارة لا تؤمن بالتمكين وتجيد اللامركزية، فعندها ستفشل عملية التمكين لا محالة.
لكي تنجح جهود التمكين داخل المنظمة، لا بد من توافر مستلزمات لدى طرفي المعادلة. فمن ناحية الموظف، لا بد من أن يكون لديه شعور بقدرته الذاتية، ويأتي دور التمكين ليدعم شعور هذا الموظف بقدراته الذاتية، وذلك بقيام إدارة المؤسسة بتذليل كل ما يمكن أن يسبب له الشعور بالعجز. يطلق العلماء على هذا النوع من التمكين، التمكين النفسي. وهو يتأتى من أمور عدة، أهمها: شعور الفرد بأن المهمات التي يؤديها ذات معنى وقيمة له وللآخرين Meaningfulness، وتحقق الكفاية والجدارة لدى الموظف؛ أي قدرته على إنجاز مهمات عمله بنجاح ومهارة عالية، اعتماداً على خبراته ومهاراته ومعرفته Competence، وامتلاك الفرد الحرية الكافية لاختيار طريقة تنفيذ عمله، وأخيراً إدراك الفرد أن وجوده في المنظمة يؤثر في القرارات التي تتخذها Impact.
أما بالنسبة إلى المنظمة، فلكي تنجح عملية التمكين، لا بد من توافر ستة متطلبات ضرورية، كما يأتي:
القيادة الممكِّنة: هي إدارة تفوض الصلاحيات، وتوفر الموارد والمعلومات لموظفي المستويات الإدارية الأدنى، وتشرك الموظفين في عمليات اتخاذ القرار، وتدعم المبدعين، وتكافئهم، وتقوي الثقة بين المنظمة والعاملين فيها.
العمليات الممكِّنة: تتمثل في الحصول على المعلومات، والتنسيق ما بين الأقسام، والتدريب. وتعدّ العمليات التي تتم داخل المنظمة وسيلة لإطلاق إمكانات العاملين من أجل تحقيق أهداف المنظمة.
ثقافة ممكِّنة: يتطلب التمكين الفعال ثقافة تنظيمية تهتم بسلوك الأفراد، واتجاهاتهم، وتركز على تمكين العاملين.
إدارة المعرفة: تعني الحصول على المعلومات والبيانات، واستخلاص الجيد منها، ومعالجتها، وتخزينها، وتسهيل عملية الرجوع إليها من كافة أفراد المنظمة. فحصول الموظف على المعرفة الجيدة تزيد من مهاراته، وخبراته، وقدرته على أداء مهمات العمل، واتخاذ القرار بكفاءة واستقلالية.
فرق العمل: تجني المنظمات التي تدعم العمل الجماعي فوائد جمة، منها: المرونة، وتحسين الإنتاجية، وخفض التكلفة، وحل الكثير من المشكلات والصعوبات. كما أن القرارات والأفكار التي تتخذها الجماعة أفضل من الأعمال التي تؤدّى بصورة فردية، وفي ذلك تمكين كبير للفرد والفريق.
تكنولوجيا الإنتاج: توافر التكنولوجيا المتطورة والمتخصصة، والقدرات البشرية الماهرة والمتخصصة لتشغيل هذه التكنولوجيا من دون الاستعانة بجهات خارجية.
من هنا نجد أن التمكين النفسي، والتمكين الهيكلي داخل المنظمة الواحدة، مكملان لبعضهما البعض؛ أي إذا توافرت عوامل التمكين النفسي لدى الفرد، وغابت القيادة والعمليات والثقافة والمعرفة والتكنولوجيا الممكِّنة، فلن تنجح عمليات التمكين، والعكس صحيح.