قراءة قصص الأطفال عادة جميلة ومفيدة.. واليوم لم تعد قراءتها مقصورة على وقت قبل النوم وحده، فمن الممكن أن تحكيها الطفلة وسط زميلاتها بالمدرسة، وتستطيع الابنة سردها بين صديقاتها بالنادي.. فهي قصة اختارتها من مكتبتها، و حكاية أُعجبت بتفاصيلها.. وعبرة استفادت منها وأرادت أن تعرفها لغيرها. وقصة اليوم عن "الفتى.. صاحب العضلات" الذي أصبح مفتوناً بنفسه وبقوة عضلاته.. لدرجة الغرور والتعالي على غيره!
القصة كتبتها: خيرية هنداوي
- جلست "عاليا" وسط الحديقة بين كتبها، وهي ممسكة بين يديها بكتاب القصص، الذي أحضره لها والدها يوم ميلادها، وأخذت تحكي لصديقاتها اللاتي يجلسن حولها الحكاية فقالت: كان هناك فتى يبلغ من العمر 14 عاماً، يعيش بإحدى القرى المجاورة، وكان دائم الحديث عن نفسه ومهاراته أمام الناس، وعن رحلته الشاقة لتنمية عضلاته، حتى أصبح يمتلك مهارات جسدية عالية، فلا يستطيع أحد منافسته أو التغلب عليه- كما يعتقد-، ولهذا أطلقوا عليه.. في شارعه ووسط مدرسته وحتى بين شباب قريته لقب الفتى المغرور! وفي يوم من الأيام قرر الفتى المغرور أن يقف في وسط القرية التي يعيش فيها، ناظراً بغرور لكل مار في الشارع، وأخذ يصيح بأعلى صوت: هل يريد أحد منافستي؟ هل من منافس؟ والفتيان بالشارع يسمعون ما يقول ويصيح به، وينظرون إليه وعلى وجوههم علامات الاستفهام والاستغراب الشديد، والفتى لا يهتم ولا يكترث، بل يزيد ويكرر سؤاله.. هل من منافس؟!
- ولما توقف الناس حوله مندهشين مما يسمعون، أخذ الفتى صاحب العضلات.. يتجول بينهم، حتى وقعت عينه على واحد منهم، ونظر إليه نظرة متعالية وسأله من جديد: هل تستطيع منافستي؟وكان الجواب..: لا أستطيع منافستك..فلسنا في مباراة، ولا يوجد حكم يحفظ قواعد اللعبة يحكم بيننا في نهاية الجولاتّ، وأنا لا أنافس أو أدخل مباراة من دون ضوابط للمنافسة.. رد عليه الفتى المغرور ساخراً : وماذا في ذلك؟ دعنا نرى من الأقوى! هي الثقة في النفس.. وليست غروراً كما تعتقدون.. ومشى وهو يضحك بسخرية، ضحكة عالية متفاخرة.. للمرة الثانية.
- وعندما لم يجد الفتى المغرور أحد يستجيب لدعواته، استمر بالضحك، وظل يتمشى في الشارع بتفاخر وسط الفتيان، ولما ضاق بصمتهم.. ذهب إلى فتى آخر ونظر إليه من أعلى إلى أسفل وسأله: هل تنافسني أنت؟ فأجاب: لا أقدر على منافستك، لا وقت لديّ؛ فأمي أرسلتني لأشتري لها بعض الأغراض، وطلبت مني ألا أتأخر عليها، وعلي أن أمضي الآن.. هنا بدأت تظهر علامات الغضب على ملامح الفتى المغرور، وذهب إلى فتى ثالث، وسأله نفس السؤال: ما رأيك.. هل تنافسني؟، فرد عليه: أنا لا أهوى المنافسات؛ فأنا عاشق للقراءة أنا متفرغ لها.. نحن في الإجازة!
قصص للأطفال: ليلى والغراب والببغاء
- وعندما لمح الفتى المغرور صديقه خارجاً من منزله، جرى نحوه وسأله.. لماذا لا نتنافس معاً أمام الجيران والأصدقاء ليروا من منا الأقوى؟.. وسمع نفس الجواب ولم يصدق هذه المرة.. فقد كان الرفض من صديقه وزميله بالفصل! استشاط الفتى صاحب العضلات غضباً، وأخذ يركل حجارة الأرض بقدمه بكل قوة، ثم جرى بسرعة كبيرة إلى المنزل؛ إذ بدأ يظن أن الفتيان يسخرون منه.. هنا شعر الصديق بتعاطف تجاه صديقه الفتى المغرور، وأراد ان يشرح له الموقف ويهدئ من ثورته، وأن يذهب إليه.. ليحكي معه.
- في نفس الوقت الذي زاد ركض الفتى المغرور صاحب العضلات، حتى وصل إلى منزله غاضباً ثائراً، و أثناء دخوله إلى الغرفة الخاصة به، تعثر بكرة زجاجية صغيرة، كان يلعب بها أخوه الصغير في المدخل، فسقط أرضاً وهو يرتكز بشكل قوي على قدمه، فأصيبت بالكسر، وأمر الأطباء بضرورة تجبيسها ورفعها من على الفراش بحبل، وأن ينام لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع حتى يلتئم الكسر في ساقه.
- وعندما شاهد الصديق الوفي ما حدث.. وقف بجانب صديقه؛ وقرر أن يأخذ بيده حتى يشُفى من الكسر الذي أصاب قدمه، ومن الغرور الذي أعمى عينيه وجعله لا يرى سوى نفسه.. وطوال الثلاثة أسابيع كان "صالح" يذهب لصديقه بشكل يومي، بعد عودته من المدرسة.. وكانت مهمته أن يخفف عن صديقه جلسة السرير التي ستطول إلى 3 أسابيع من دون حركة، ونقل وشرح ما تم دراسته بالمدرسة، وأن يزيل عنه صفة الغرور أو التعالي التي لصقت به وبات يتعامل بها مع الناس ومن حوله.
- قال صالح: لقد شاهدتك يا صديقي العزيز وتابعت اهتمامك برياضتك المفضلة.. وهي تقوية عضلات جسمك، وشعرت بالمجهود الذي تبذله لساعات.. وأنا فخور بك.
- الفتى المغرور: إذن لماذا لا تريد منازلتي واختبار قوتي وقوتك؟ لقد ألححت عليك عدة مرات، ولم أكن أقصد إيذاءك.. هي ثقة بالنفس.. لماذا تظنون أنها غرور وتكبر؟ كنت أريد أن أعرف فقط من الأفضل والأقوى!
- صالح: أعرف.. أنت صديق طفولتي العزيز، ولكن الفرق كبير بين الثقة بالنفس والغرور والتكبر، الثقة تمد الإنسان بالراحة والأمان، بينما الغرور يجعلك تتعالى بما تملك وتتكبر على الأضعف، القدرات متعددة؛ وهناك من يفضلون الانشغال بالقراءة، وهناك يا صديقي من يحب قضاء وقت فراغه بعمل الخير وتقديم المساعدة للغير.. وآخرون منحوا قوة في مجال وبعضهم في مجال ثانٍ.
- الفتى المغرور: لكني لا أتفاخر أو أتعالى.. أنا فقط مسرور وسعيد بقوة عضلاتي وهيئتي.. وأنت تعرف أنني لا أنتمي إلى نادٍ أو أي ساحة رياضية رسمية.
- ويتابع صالح: الخطأ الأكبر ليس الانتماء لنادٍ ووجود مدرب يتابع نمو عضلاتك ويوجهك.. الإنسان يا صديقي لا يتميز بما يملك، مال أو جمال أو قوة عضلات أو حتى براعة وتفوق ونجاح.. يتحدث صالح - وكأنه يتحدث بلسان كل شباب وأصدقاء القرية-: الفرق بين إنسان وآخر؛ هو حسن المعاملة وكم القيم والمبادئ التي تسير عليها.. والتي تظهر في سلوكياتك مع من حولك؛ من احترام للصغير والكبير.. وتقدير الفقير والغني.. والأهم مراعاة واحترام من يختلف عنك.. شكلاً وفكراً وسلوكاً.. وتغلق "عالياً" الكتاب وتبدأ بالسؤال.
قصص للأطفال: " أرزاق" وعروستها القماش
سؤال وجواب
1- لماذا أطلقوا لقب "الفتى المغرور" على بطل القصة؟
2- كم عدد شخصيات القصة؟
3- هل توافق على كلام الفتى المغرور، أم ترحب برأي الأصدقاء؟
4-ما هو الفرق بين إنسان وإنسان؟
5-ما رأيك في شخصية "صالح" الصديق؟