الطبيعة الملهمة مبادرات شبابية صديقة للبيئة

الطبيعة الملهمة مبادرات شبابية صديقة للبيئة
الطبيعة الملهمة مبادرات شبابية صديقة للبيئة

منذ سنوات خلت، ومع أزمة تغير المناخ على كوكب الأرض، باتت الدعوات إلى أهمية الحفاظ على البيئة والعودة إلى الطبيعة تتنامى بشكل واضح، فكيف يمكن أن يسهم الشباب في هذا المجال؟ وما الدور الذي يمكن أن يقوموا به في التوعية حول أهمية الحفاظ على الغطاء النباتي، والرجوع إلى استهلاك الخضروات المزروعة بطريقة طبيعية من غير أسمدة كيميائية؟.. هذا ما سنطلع عليه من خلال التحقيق الآتي.

الرياض | عبير بوحمدان Abeer Bou Hamdan - الرباط | سميرة مغداد Samira Maghdad
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine - تونس | منية كواش Monia Kaouach
القاهرة | أيمن خطاب Ayman Khattab


سلوكيات مزعجة

سهام الوساني

سهام الوساني: يجب وجود شرطة دائمة وصارمة للحفاظ على البيئة وفرض غرامات قاسية على المخالفين

ترى المغربية سهام الوساني، طالبة ماجستير بالأدب العربي، أن الحفاظ على البيئة هو حفاظ على حاضرنا ومُستقبلنا ومستقبل من يلينا. وإهمالها يعني إهمالنا لبقاء الإنسان وجميع الكائنات الحيّة. تضيف: «إنها مسؤولية كبيرة تُحدد مصير الصحة والمناخ. لذلك علينا الحرص على أن يكون روتيننا اليومي صديقاً للبيئة، من أصغر الممارسات إلى أكبرها: من مُخلفات الأكل إلى مُخلفات المُقتنيات اليومية، مع تجنب استخدام البلاستيك بصفة نهائية واستبداله بالكرتون أو الزجاج. وأيضاً تقليل استهلاك المُنتجات السريعة غير القابلة للتدوير». تتابع: «شخصياً أحرص أن أكون مواطنة صديقة للبيئة لا أرمي القمامة أينما كان، وأعمل على ترشيد الماء باستمرار، وأختار المنتوجات المحلية الطبيعية بما في ذلك الغذاء والماكياج والأزياء. يزعجني كثيراً بعض السلوكيات من بعض الأشخاص، خاصة مع الازدحام في الصيف على الشواطئ؛ حيث تنتشر القمامة من دون إي إحساس بالمسؤولية، لذلك أنا من الناس الذين يشجعون على وجود شرطة دائمة وصارمة للحفاظ على البيئة، وفرض غرامات قاسية على كل من يعبث بالحدائق والشواطئ والفضاءات الطبيعية. نحن مسؤولون عن الأمراض والتلوث بالدرجة الأولى، ووجب تنظيم حملات يومية لنعيش نحن والأجيال التي بعدنا في بيئة نظيفة وسليمة. الشباب مدعوون للانخراط بجدية في موضوع الحفاظ على البيئة؛ لأنها سر الوجود والبقاء البشري».

 


منصة للتشجير الذكي

د. محمد الشيخ

د. محمد الشيخ: منصة نباتك تتيح زراعة الأشجار عبر استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي

عدَّ الدكتور محمد الشيخ، الشريك المؤسِّس في منصة «نباتك» ومبادرة «جامعة بلا كربون»، أن «هناك مبادراتٍ بيئية مختلفة في السعودية على مستوى القطاعين الحكومي والخاص، ونحن ذاهبون نحو الحِقبة الخضراء، وخفض انبعاثات الكربون، وتحقيق أهداف الرؤية الطموحة 2030 في هذا الجانب».
وقال: «اليوم، كل شخصٍ، يستطيع أن يزرع الأشجار، والشباب منخرطون في هذه المبادرات بشكلٍ كبيرٍ من خلال حملات التوعية، والأنشطة والفعاليات، وأيضاً عبر بعض المشروعات الناشئة التي يقدمها روَّاد الأعمال في المجال البيئي. ‏الشباب لهم دورٌ كبيرٌ في دفع المجتمع المحيط بهم وأصدقائهم إلى تغيير سلوكهم، وممارسة حياتهم اليومية بأسلوبٍ مستدام، وبما يدعم ويحمي البيئة، ويعزِّز نمو الغطاء النباتي بطريقةٍ سليمةٍ ومدروسة».

 


تجربة شخصية

وتحدَّث الدكتور محمد عن تجربته في هذا المجال قائلاً: «اختبرت هذا الأمر بنفسي عند دخولي الجامعة بالإشراف في عديدٍ من المبادرات المتعلِّقة بالاستدامة، ومواجهة المشكلات البيئية، ومتطلبات تغيُّر نمط الحياة، من ذلك الإشراف في نادي الاستدامة السعودي الذي يضمُّ خبراء، يطمحون إلى تعزيز مفهوم الاستدامة بجميع أبعادها، ويسعون إلى تحقيق تنميةٍ مستدامةٍ في المملكة العربية السعودية، كما كان لي دورٌ في برامج نادي الاستدامة بجامعة الأمير سلطان».
وحول منصة «نباتك» التي تعدُّ مبادرةً غنيةً في الجانب البيئي، ذكر الشريك المؤسِّس فيها: «انطلقت منصة نباتك بهدف حل مشكلةٍ بيئيةٍ اجتماعيةٍ من خلال ابتكارٍ، يتيح لكافة أفراد المجتمع والقطاعين الخاص والحكومي زراعة الأشجار بأسهل الطرق الممكنة عبر استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي، إذ يمكننا أن نعرف الأشجار التي زُرعت، وأين مواقعها بالضبط، وتاريخ زراعتها، ونسبة الكربون الممتص، إضافةً إلى معلوماتٍ أخرى، وستكون لدينا خارطة أشجارٍ، هي الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط».
واختتم الدكتور محمد حديثه بتحديد فوائد الخطوة قائلاً: «هذا الأمر سيؤدي إلى تغيير الوعي عند الجيل الواعد، وتعزيز ثقافة زراعة الأشجار ودعم البيئة من أجل تحقيق مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر».
إقرئي المزيد عن مشاكل وتحديات البيئة التي يواجهها عالمنا العربي


مبادرة شبابية نسائية طلابية

إسكندر عماد

إسكندر عماد: علينا تطوير النشاط الزراعي بطريقة مبتكرة

يعدّ اللبناني إسكندر عماد، ماجستير في الإدارة العامة والتسويق، ومن مؤسسي مبادرة غرسة خير، أن هذه التجربة هي مبادرة شبابية نسائية طلابية تقوم على تشجيع الأسر والمجتمع على الزراعة العضوية من داخل المنازل، وهو مشروع تعاضدي يقوم على دمج كافة فئات المجتمع بالنشاط الزراعي والتطوّعي والاجتماعي، عبر سلال زراعية مبتكرة يقوم المشروع بتجهيزها، وهي مجموعة من الشتول والبذور والأدوية العضوية جاهزة للغرس مخصصة لزراعتها على الأسطح والشرفات تجوب القرى والمدن، عبر دمج أكثر من 250 متطوّعاً من فئة الشباب من مختلف المناطق اللبنانية؛ بهدف إشراكهم في العمل الزراعي، وتشجيعهم على العودة إلى الأرض والاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المتاحة.

 


الإرث الزراعي

يضيف إسكندر قائلاً: «يقوم المشروع على الحفاظ على الإرث الزراعي الذي تركه الأجداد، والحرص على استدامته، ونقله إلى جيل الشباب الحالي، عن طريق تخصيص أراضٍ لزراعة البذور الوطنية التي باتت مهدّدة بالانقراض، لزيادة كميتها حتى تصبح في متناول الجميع، وتعزّز مبدأ السلامة الغذائية لها، من خلال ابتكار أدوية عضوية طبيعية بعيدة عن أي تركيب كيميائي بوصفها بديلة من الأدوية السامة، وهي تكافح إلى حدّ كبير الأمراض الشائعة التي تتعرّض لها المزروعات؛ ما يتيح إنتاج منتجات زراعية عضوية سليمة وصحية».
ويتابع: «يوفّر المشروع الدعم للمشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة للشباب الذين يمتلكون أرضاً أو يرغبون في استثمار أرض زراعية من خلال تقديم كافة المستلزمات الزراعية، إضافة إلى الإرشادات الزراعية والمتابعة، من خلال ربطهم عبر خطوط ساخنة بالمزارعين القدامى، لنقل إرثهم من جهة، واستفادة الشباب من هذه المعلومات من جهة أخرى». ويواصل حديثه بالقول: «أثبتت تجارب العمل الزراعي لجيل الشاب على مدار 3 سنوات مدى قدراتهم الواسعة وإبداعهم في توظيف إمكاناتهم لتطوير النشاط الزراعي بطريقة مبتكرة. من ناحية أخرى، تسهم مشاركة الشباب، في حثّ المجتمع على ضرورة استهلاك منتجات زراعية عضوية بعيدة عن أي تركيب كيميائي، خاصة أنهم يقومون بفعل الزراعة بأنفسهم؛ إذ يوفرون منتجات زراعية عضوية من خلال زراعتهم لها، وتسويقها أو تحويلها إلى إنتاج صناعي متنوّع».
يستدرك قائلاً: «إن انتهاج سياسة الزراعة العضوية وتفعيلها بوصفها نشاطاً فعّالاً ضرورياً للحفاظ على صحة جسدية ونفسية سليمة، وهذا ما جعل مشروع غرسة خير ينتشر بين جيل الشباب بشكل واسع؛ إذ يوفر التوازن بين مصدر غذائي سليم وصحي، ومردود اقتصادي مهم في آنٍ معاً».


الوعي البيئي

آمنة إسماعيل

آمنة إسماعيل: أدرب الأطفال للقيام بسلوكيّات صديقة للطّبيعة

من تونس، ترى آمنة إسماعيل، طالبة سنة ثانية بالمدرسة التحضيرية - اختصاص بيولوجيا وجيولوجيا، وناشطة في جمعيّة أطفال الأرض البيئيّة المدعومة من منظّمة «اليونيسيف»، أنّ الوعي البيئي بات ضرورة أساسيّة لمواجهة التغيّرات المناخيّة ولتحسين جودة الحياة على صعيد محلّي وإقليميّ وعالميّ، لذلك اختارت أن تنشط ضمن جمعيّة بيئيّة لتسهم في التّوعية، وتشجّع على العودة إلى الطّبيعي. تلتقي آمنة الشّباب في المعاهد والجامعات لتشعرهم بمسؤوليّتهم الشّخصيّة في الحفاظ على البيئة والعودة إلى الطبيعية، عبر اتخاذ سلوكيّات جديدة وصديقة للبيئة، وتدعوهم إلى استهلاك بيولوجي يضمن لهم التمتّع بخضروات غنيّة بالفيتامينات ومضادات الأكسدة، تقيهم من أضرار المبيدات الحشريّة والأسمدة الكيميائيّة، وما تتسبّب فيه هذه المواد من أمراض.
تحدّثهم أيضاً عن أهمّية الغطاء النّباتي (أشجار وأعشاب تنبت من تلقاء نفسها)، ودوره في تثبيت التّربة وخصوبتها، وتحذّرهم من قطع الأشجار وإتلافها، وتمدّ بعض الشّباب من متساكني الغابات ببعض النّصائح والمهارات لاعتمادها عند نشوب الحرائق.
اقرئي أيضاً عن مختصة في البيئة: مبادرة السعودية الخضراء" خارطة الطريق لمواجهة التغير المناخي

 


تغيير العقليات

تتابع آمنة قائلة: «أشرف أيضاً على توعية بعض الشّباب ليتبنّوا القضايا البيئيّة في جهاتهم، ويسعون إلى تغيير العقليات لتتغيّر السّلوكيات، وتتمّ العودة إلى الطّبيعة، فقد أصبح لزاماً على الشّباب الإحاطة بآبائهم الفلّاحين لإقناعهم بضرورة التّقليل من استخدام الأسمدة الكيميائيّة والمخصّبات الزّراعية والمبيدات الحشريّة؛ لما تلحقه هذه المواد من أضرار بالتّربة، وما تحدثه من تحويرات على خصائصها الطّبيعية المفيدة والمتجدّدة». وتؤكد ضرورة تشجيع الفلّاح ودعمه ليكتفي بالطّريقة الطبيعيّة في زراعته، وذلك من خلال تثمين منتوجاته البيولوجية، وإنشاء مسابقات ومعارض للتعريف بها وإبراز جودتها، وتخصيص جوائز لأفضل ضيعة طبيعيّة وأفضل منتوج بيولوجي.


توعية الأطفال

تتوجّه آمنة أيضاً إلى الأطفال، فتلتقي بهم في المدارس، وتدخل عليهم بعض الأجواء المرحة، فتعدّ لهم مسابقات في الكتابة والرّسم والمسرح عن مواضيع تهمّ الأرض والتّربة والزّراعة الطبيعيّة؛ لتشدّ انتباههم، وتمرّر لهم معلومات مهمّة عن الطّبيعة، تجعلهم يتّخذون سلوكيّات إيجابيّة وصديقة للطّبيعة.
تقترح آمنة أيضاً إحداث حدائق في المدارس، يزرع فيها الأطفال بعض الخضروات بطريقة طبيعيّة ومن دون أسمدة كيميائيّة، فيتابعون نموّها بفضول وشغف؛ مّا يولّد فيهم حبّ النّباتات، ويمكّنهم من استهلاك خضروات طبيعيّة صحّية.


تحفيز الآخرين وإلهامهم

إحسان جبريل

إحسان جبريل: العودة إلى الطبيعة يدفعني دائماً إلى إنشاء حدائق منزلية مع الجيران

يشير إحسان يحيى جبريل، مهندس زراعي مصري، إلى أنه بناء على تخصصه في مجال الزراعة يمكن أن يسهم مع الشباب في العودة إلى الطبيعة، والحفاظ على الخضرة الخالية من الأسمدة، وهي ما تسمى «الزراعة العضوية».
يوضح قائلاً: «هذا ما اتبعه مع الأسرة الصغيرة التي تعيش من حولي، وهم الجيران؛ حيث نقوم بتأسيس حدائق صغيرة في المنازل أو المشاركة في مشاريع زراعة مجتمعية خالية من المبيدات الكيميائية أو الأسمدة الاصطناعية، كما شاركت في مشاريع بيئية، مثل: زراعة الأشجار، وتنظيف الشواطئ، وتنظيم حملات لجمع النفايات. هذه المشاريع تسهم في الحفاظ على الخضرة وتعزز الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة».
ويضيف: «باختصار، يمكن للشباب الإسهام بشكل فعّال في العودة إلى الطبيعة، والحفاظ على الخضرة واستخدام النباتات خالية من الأسمدة، من خلال الزراعة العضوية، والتوعية والتثقيف، والمشاركة في المشاريع البيئية، والاهتمام بالحدائق العامة، والتقليل من النفايات».
وعن دور الشباب في التوعية حول أهمية الاهتمام بالخضرة والطبيعة، يرى إحسان أنه يكمن في قدرتهم على تحفيز الآخرين وإلهامهم لاتخاذ إجراءات إيجابية تجاه البيئة، عبر توجيه النقاش، وتوضيح أهمية الاهتمام بالخضرة والطبيعة، والتأكيد على الأثر الإيجابي الذي يمكن للفرد أن يحققه من خلال التصرف بوعي تجاه البيئة.
يتابع قائلاً: «يمتلك الشباب مهارات تكنولوجية متقدمة وقدرة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال. يمكنهم الاستفادة من هذه القدرات للتوعية والتحفيز على الاهتمام بالبيئة، عبر نشر المعلومات والأفكار المتعلقة بالاستدامة والحفاظ على الطبيعة. كما يمكنهم تطوير مشاريع ومبادرات تهدف إلى استخدام الموارد الطبيعية بطرق أكثر فاعلية، وتعزيز الاستدامة في الحياة اليومية، واتخاذ خطوات إيجابية لتشجيع الآخرين على القيام بالمثل وتعميم الثقافة البيئية».
تعرفوا على فن تصميم الأحواض النباتية