التشكيلية السعودية ميساء سليمان: في تضاد الألوان جمال وفي التشابه حياة

التشكيلية السعودية ميساء سليمان: في تضاد الألوان جمال وفي التشابه حياة
التشكيلية السعودية ميساء سليمان: في تضاد الألوان جمال وفي التشابه حياة

اكتشفتها أختها، في أولى تجاربها التشكيلية، فاقترحت عليها صقل موهبتها بالدورات والورش الفنية لتخلصها من الضغوط النفسية التي كانت تمر بها جراء فقد والديها - رحمهما الله - فأخذتها الفرشاة إلى عالم آخر من الخيال والسفر وشغف الألوان والكانفس، وأصبح الفن التجريدي شغلها الدائم، فتصدرت الدورات في المودرن آرت من جامعة سانت مارتينيز لقوة أعمالها. إنها التشكيلية ميساء سليمان، التي كشفت لـ«سيدتي» أنها تعمل حالياً لإقامة معارض تشكيلية في روما وفينيسيا ولندن، إلى بجانب عرض أعمالها التشكيلية على منصات عالمية فنية، مثل (SRTSY) و(Artsper). وترى في تضاد الألوان جمالاً وفي التشابه حياة، فتسقط قصص الناس ومشاعرهم وقضاياهم وهمومهم في لوحة. كما عملت على دمج الخط العربي بالفن، في محاولة للخروج عن القالب التقليدي لمخاطبة أوسع شريحة ممكنة لعشاق الفن والخط. المزيد من التفاصيل في الحوار الآتي :

التشكيلية السعودية ميساء سليمان


دائماً ما كنت تصرحين «على كل امرأة أن تكون هي»، إذاً، عرفينا ببساطة من هي ميساء سليمان؟


ميساء بنت سليمان، ابنة لرجل متميز، شغوفة بعالم الفن والجمال والأعمال، وأم وأخت وصديقة تهوى العطاء والأعمال الخيرية وتحمل هموم الآخرين، أحمل درجة الماجستير في الإدارة.
كنت منذ الصغر مطلعة على الفن من خلال والدَي -رحمهما الله- كانت لهما علاقات كثيرة، ويحبون السفر والثقافة والفنون، أمي عاشقة للكتب والشعر، ووالدي عاشق للفن والكتابة ورقيق كالنسمة.


صقل الموهبة

 

لوحة (إسراء الروح)


حدثينا عن بداية شغفك بالفن التشكيلي، ومتى اكتشفت موهبتك؟


بدأ شغفي بالفن التجريدي بالصدفة قبل سنوات عدة، ففي مرحلة من حياتي كنت تحت ضغوط، وبحالة صعبة، فطلبت مني أختي دينا، فنانة تشكيلية ومهتمة بالنقد والدورات والورش الفنية، أن آخذ عندها بالمرسم دورات لكي أبتعد عن التفكير، ومن أول دورة تدريبية عشقت الرسم والألوان والكانفس، وأخذتني الفرشاة إلى عالم آخر من الخيال والمتعة والهدوء، ومن ثم صقلت موهبتي من خلال الورش التدريبية في الفن التجريدي، وسافرت إلى كل مكان، وتعلمت على يد أشهر كبار الفنانين في الفن التجريدي، بجامعة سانت مارتينيز في المودرن آرت، وأصبح شغفي الدائم وراحتي هو مرسمي.


ممن تلقيت الدعم والتشجيع، ومن قدوتك؟


أول داعم لي في الفن هي أختي دينا، فهي من محبي الفن التجريدي، وقيّمة للفن، ولديها مقتنيات فنية، منذ أول نظرة لها لإحدى لوحاتي عرفت أني فنانة، وزملائي الفنانين أيضاً دعموني، كما كانت مؤسسة مسك من أكبر الداعمين لي، وكذلك جمعيات الثقافة والفنون بالمملكة. بالنسبة إلي، قدوتي هو كل فنان مميز في الفن التجريدي.

أعمالي التشكيلية تحكي قصص الناس ومشاعرهم وقضاياهم وهمومهم


حاضنة للفنانين


ما التحديات التي واجهتك، وكيف تغلبت عليها؟


التحديات كثيرة، منها عدم وجود جهات مسوقة لأعمال الفنانين، إضافة إلى عدم وجود حاضنة للفنانين التشكيلين، لكن ولله الحمد أعتقد أن وجود مؤسسات وبرامج داعمة للفنانين، إضافة إلى رؤية 2030، تجعلنا متفائلين بأن القادم أجمل .
تابعي معنا تفاصيل لقاء سابق مع التشكيلية الكويتية لينا حجازي: رسالتي إنسانية أسعى من خلالها إلى نشر الطاقة الإيجابية


ترك أثر جميل

 

لوحة (دروب البداية)


ما الإنجازات التي تفخرين بها؟


بالنسبة إلى الإنجازات، أعد نفسي بالطريق إليها، ولا أتذكر من إنجازاتي سوى ابتسامة من ينظر إلى أعمالي أو الحيرة لبعض التفاصيل وسؤالي عنها، وأحياناً دموعهم عند حديثي عن قصة هنا وهناك تحملها لوحة من اللوحات.
ولكن، سأخبرك بأني كنت متصدرة الدورات في المودرن آرت من جامعة سانت مارتينيز لقوة الأعمال من بين فنانين من كل العالم، وشاركت بأعمالي في الآرت فير العالمي في بروكسل، ولدي أعمال في معارض في إسبانيا ودبي، كما لدي أعمال منشورة في مجلة بريطانية عالمية للفن المعاصر، وشاركت في الكثير من المحافل الفنية والمعارض في وطني السعودية، وتم اقتناء الكثير من أعمالي لجهات حكومية وغير حكومية، وأسعى دائماً إلى الأفضل، وترك أثر جميل للمشاهد، وأن أكون من ضمن الفنانين الذين تدوم أعمالهم في أذهان المتلقين.

أطمح إلى عرض لوحاتي على منصات عالمية فنية، مثل (SRTSY) و(Artsper)


شعور طاغٍ


ثمة تنوع في «البلته» اللونية.. فكيف يسهم اللون في خلق قيم جمالية؟


اللون وضدّه أو اللون وما يشبهه يمثلان حياة البشر. في التضاد جمال وفي التشابه حياة، هذا ما أشعر به عند اختيار ألواني؛ حيث أسقط قصص الناس ومشاعرهم وقضاياهم وهمومهم وأنثرها لوناً، ومن ثم أعطي المدى البعيد لوناً آخر لأحكي توجهاتهم ومخاوفهم وشجاعتهم وأنطلق به، وفي النهاية يجد المشاهد جمالاً باللون ويأخذه الشعور إلى الأجمل.


ما اللوحة التي منحتك شعوراً «بالسعادة»؟


كل لوحاتي تمنحني شعوراً طاغياً لا مثيل له، لكن بعض الأعمال أقرب إليَ من غيرها، بحكم قصتي، وما تعنيه لي، أبرزها لوحة «مكانك يا يُبه» عام 2019؛ إذ تذكرنني دائماً بأنه مهما غيب الموت والدي الغالي «رحمه الله» فذكراه ما زالت مطبوعة بالذاكرة، وتبقي ذكراه الأمل في لوحتي التي تتبع خطواته، وأيضا لوحة «روحانية»، وضعتها عند مدخل مرسمي كونها تشكل منعطفات حياتي التي مررت بها في الحرم المكي بمكة المكرمة، عندما كنت أذهب إلى العمرة، ويمر بي شريط من الذكريات: حزن وسعادة وألم، وأتوجه إلى الله بالدعاء والمناجاة.
سيعحبك متابعة اللقاء مع الفنانة التشكيلية والخزفية الإماراتية حصة العجماني: أعمالي قصص من الحجر والطين


قريبة من الناس

 

لوحة (إعمار روح وأعمار)


تبدو اللوحة كحكاية، فما الذي يلهمك ويقود رؤيتك، من حيث الإبداع والوعي المجتمعي؟


بالتأكيد، شعور الفنان نحو كل ما حوله شعور فريد ومميز. بالنسبة إلي، كنت دائماً قريبة من الناس، أشعر بآلامهم، وأحمل همومهم، وبالتالي أي قضية أو موقف أشاهده أجد نفسي أحمله معي إلى اللوحة. وأما الإبداع فأجده كحالة يستطيع كل إنسان أن يصل إليها إذا تجذّر، ووصل إلى حالة من السكينة والهدوء وصفاء القلب.

عملت على دمج الخط العربي بالفن التجريدي لمخاطبة أوسع شريحة من عشاق الفن والخط


الفنون مرتبطة ببعضها


تكتبين نصوصاً موازية لبعض أعمالك.. فكيف تعملين على إيجاد علاقة بين النص والعمل الفني؟


بالنسبة إلى النصوص، كنت قد بدأت بها قبل الرسم؛ حيث إن أمي -غفر الله لها- كانت تنظم الشعر وكنت أحفظه لها، ومن بعد إصابتها بمرض السرطان وفقدي لها، وجدت نفسي أكتب لها، وأصبح قلمي يكتب شعراً؛ لأني أريد أن أشبهها، ولدي الكثير من النصوص التي تفسّر بعض أعمالي.وأعتقد من منظوري الخاص أن الفنون كلها مرتبطة ببعضها البعض، مثل الكتابة والشعر والرسم والتصميم وهندسة الديكور والتصوير؛ لأنها تعتمد على التصور الذهني للخيال، وتتبلور لتكون واقعاً منظوراً ومُشاهداً.


يُعد الفن التشكيلي المعاصر من أكثر أنواع الفنون شيوعاً، فكيف تسنى لريشتك الانطلاق نحو الابتكار، لإخراج أعمال فنيّة معاصرة؟


بالنسبة إلي كل ما حولي يدفعني إلى الابتكار، ومنذ الصغر وأنا أشاهد كل ما حولي بنظرة الدهشة، وأسعى إلى المعرفة، وأحب العلم، وشغوفة بالفن المعاصر؛ لأنه مدهش وغريب وحديث وعالمي، وكوني فنانة سعودية أحببت أن أخدم وطني، وأوصل رسالتي بصفتي امرأة سعودية تعيش في وطن يميزها ويرفعها، وأصل بها إلى العالم من خلال الفن المعاصر.


قال إليانور روزفلت «المستقبل لأولئك الذين يؤمنون بجمال أحلامهم»، ما طموحاتك المستقبلية؟


طموحاتي المستقبلية لا حد لها، وهي أن تجد أعمالي الظهور على المستوى المحلي والعالمي، وأعمل حالياً على التعاون لإقامة معارض تشكيلية في مدن أخرى.. روما وفينيسيا ولندن، إلى جانب ذلك أطمح إلى عرض أعمالي التشكيلية على منصات عالمية فنية (SRTSY) ، مثل و(Artsper).
نفترح عليك متابعة هذا الحوار مع الفنانة التشكيلية وداد صالح البكر: الفن الحقيقي إبداع فطري ومهارة مكتسبة

 

 

لوحة بعنوان (الهناء بعد العناء)