تعدّ بيئة العمل الإيجابية أحد العوامل الرئيسة التي تساهم في تحقيق التفوق والرضا لدى الموظفين. فعندما تُبنى بيئة تشجع على التعاون وتعزز التفاعلات الإيجابية بين المديرين والموظفين، يزداد الأداء المؤسسي ويتحسن العمل الجماعي. ولكن، إذا قلب المديرون السيئون تلك البيئة إلى جحيم، فإن العواقب يمكن أن تكون كارثية.
يعد المدير الذي يتسم بالسلوك السيئ والإدارة غير الفعّالة عاملاً مؤثراً بشكل كبير في بيئة العمل. حينما يترأس مديرون سيئون دفة الإدارة يمكن أن تتحول بيئة العمل إلى مكانٍ مليء بالتوتر والضغوط، يمكن وصفه بأنه "جحيم" للموظفين.
يتبع المديرون السيئون أنماطاً سلوكية سلبية تُحيل بيئة العمل إلى جحيم كالاستبداد والتحكم. المدير الذي يتبع هذا النمط يميل إلى تولي السلطة بشكل مفرط؛ حيث يتخذ القرارات من دون توجيه أو استشارة للموظفين. ويفتقر إلى الاحترام لآراء الآخرين ويجبرهم على اتباع أوامره. كما يفتقد هؤلاء المديرون إلى مهارات التواصل الفعّال. المدير السيئ يتجاهل التحفيز والتقدير ويتجاوز النجاحات والإنجازات بسهولة.
المدير الذي يتبع هذا النمط يميل إلى تنميط الموظفين وانتقادهم بشكل مستمر، كما أنه يركز على السلبيات بدلاً من تعزيز الإيجابيات؛ ما يسبب شعوراً بعدم الرضا والاستياء. كما يستثمر هذا النوع من المديرين وقته وجهوده في إثارة الصراعات الشخصية بدلاً من التركيز على الأهداف والمهمات. لا يهتم هذا النوع من المديرين بتطوير وتدريب فريقه، بل يحرمهم من فرص تحسين مهاراتهم.
هناك علامات مبكرة تشير إلى أن بيئة العمل قد تكون في طريقها للتحول إلى بيئة جحيمية. أولاً، ارتفاع معدلات الاستقالة. ثانياً، زيادة معدلات الغياب. ثالثاً، قلة التفاعل والتواصل. رابعاً، تدهور أداء الموظفين. خامساً، زيادة الصراعات والتوتر. سادساً، تراجع الاندماج الوظيفي. سابعاً، تدهور العلاقات الاجتماعية. ثامناً، عدم تحقيق الأهداف والمهمات. تاسعاً، عدم الشعور بالتقدير. عاشراً، تراجع الإبداع والابتكار.
إذا لاحظت هذه العلامات في بيئة العمل، فإنها قد تكون إنذاراً مبكراً إلى وجود مشكلات تحتاج إلى علاج قبل أن تتحول بيئة العمل إلى جحيم يؤثر سلباً في الأفراد والأداء المؤسسي.
القيم والثقافة المؤسسية الإيجابية مثل الاحترام، والتعاون، والتفاني في العمل، لها تأثير كبير في تحسين بيئة العمل وجعلها أكثر إيجابية، وتعزز من روح المعنوية لدى الموظفين، تجعلهم يشعرون بأنهم جزء من فريق يقدر مساهماتهم ويشجعهم على تحقيق التميز. كما أن تبني القيم المؤسسية التي تؤكد أهمية التعلم المستمر وتطوير المهارات، تشجع الموظفين على الاستفادة من الفرص التعليمية والتدريبية. وعندما تعزز القيم المؤسسية الإيجابية من الانتماء والهوية الفريدة للمؤسسة، يشعر الموظفون بالفخر بالانتماء إلى هذه البيئة؛ ما يؤدي إلى زيادة الالتزام والانخراط.
هناك العديد من الشركات التي نجحت في تحقيق تغيير إيجابي من خلال تعزيز القيم المؤسسية مثل شركة زابوس، وهي شركة تقنية تركز على تطوير البرمجيات والألعاب التعليمية. تعتمد زابوس على قيم مثل التعلم المستمر والابتكار والتعاون. وتشجع الموظفين على تطوير مهاراتهم والعمل معاً في بيئة إبداعية. بفضل هذه القيم، تمكنت زابوس من تطوير منتجات مبتكرة وتحقيق نجاح في مجال التعليم التقني. مثال آخر شركة غوغل، وهي شركة تكنولوجيا معروفة بقيمها المؤسسية المبتكرة والمستدامة؛ حيث تعزز قيم التنوع والشمول والتفاهم الثقافي، وتسعى إلى توفير بيئة عمل تشجع على التعلم المستمر وتمكين الموظفين من تحقيق إمكاناتهم.