لا يا دَهَش عِلْمي بكم بالضّحيَّة
واليوم هذا التُّوم بَيَّن هلاله
في هذا البيتِ، ذِكرٌ لبعضِ مسمَّياتِ الأشهرِ الهجريَّة التي استخدمها الأجدادُ قديماً، ففي البيتِ تتوجَّدُ الشاعرةُ "ذكر بنت شويحط الشمريَّة" على غيابِ ابنها "دَهَش" الذي غاب من "الضّحيَّة"، وهو شهرُ ذي الحجَّة، إلى أن ظهرَ هلالُ التُّوم، و"التُّوم" بمعنى التوأمِ، ويُطلَقُ على شهرَي ربيعٍ الأوَّل، وربيعٍ الآخر، كما يُطلَقُ على شهرَي جمادى الأوَّلى، وجمادى الآخرة.
وفي تسميةِ الأجدادِ لشهورِ السنةِ الهجريَّة ما يستحقُّ الذكرَ والاهتمامَ والتوثيقَ، فشهرُ محرَّمٍ، كانت التسميةُ الشائعةُ له سابقاً "العْمَر"، أو "عاشور" أي عاشوراء، وفي ذلك وصفَ الشاعرُ صاهود بن لامي طولَ غيابه في إحدى "مغازيه"، وامتدَّت أربعةَ شهورٍ، من عاشور "محرَّم" إلى التُّوم "ربيع الأوَّل والآخر":
غزيت أنا يا عبيد بهلال "عاشور"
وأول صفر والتوم كله تمامِ
غديت أنا بظهورهن تقل ناطور
جانا الشتا ما شفت زرق الوشامِ
وكانوا يسمُّون شهرَ رجبٍ "غَرّا"، وشهرَ شعبانَ "قصيّر"، لأنه يسبقُ شهرَ رمضان، وتشعرُ الناسُ بقصره، وسرعةِ انقضاءِ أيامه. وفي ذلك يقولُ الشيخُ نوَّاف بن النوري بن شعلان، وتُنسَبُ أيضاً للشاعرِ بصري الوضيحي:
العام لا مرسال ولا علم، لا طروش
هذا شهر شوَّال، وقصيّر زَلّ
وهنا الشاعرُ راشد الهجلي الشمري، يذكرُ مدَّة بقائِه في السجنِ، التي امتدَّت من التُّوم "جمادى الأولى وجمادى الآخرة"، مروراً بالغرّا "رجب"، وحتى قصيّر "شعبان":
التوم والغرّا وليالي قصيّر
وأنا بحبس صِك بابه وأنا بيه
وكان الأجدادُ يسمُّون شهرَ شوَّالٍ "الفطر الأوَّل"، وشهرَ ذي القعدة "الفطر التالي أو الثاني" باعتبارهما الشهرَين اللذين يأتيان بعد رمضان، ويكون فيهما الفطرُ.
وختامُ السنةِ الهجريَّة، كما ذكرنا، يكون بشهرِ الضّحيَّة أي شهرُ ذي الحجَّة، وسُمِّي بذلك، لأنَّ الأضاحي
تُذبَحُ فيه.