عادة ما تصاحب الأطفال حالة من القلق والتوتر والاكتئاب بعد انتهاء الإجازة بمرحها وانطلاقاتها والعودة للدراسة؛ حيث يكون مطالباً بالاستيقاظ المبكر والتحصيل والواجبات المدرسية، بجانب توقعات الأهل المرتفعة الخاصة بأداء الطفل، وهو ما أطلق عليه علماء الطب النفسي بـ"اكتئاب ما بعد الإجازة للطفل" الذي يحدث مع بدايات الدراسة.
وهي حالة تؤثر في الصحة النفسية للأطفال صغاراً كانوا أو كباراً؛ لهذا وجب على الآباء عدم إجبار أطفالهم على الدرس بشدة يومياً بعد المدرسة، ولا بأس من بعض المرونة في ما يخص الواجبات المدرسية والمواد التي على الأطفال تحضيرها، وخطوات أخرى كثيرة على الآباء القيام بها بوصفها نوعاً من الدعم النفسي للطفل في تلك المرحلة.
"سيدتي" التقت الدكتور طارق عبد العزيز أستاذ طب نفس الطفل بمركز البحوث، للحديث عن اكتئاب الدراسة، ونصائح لإدارة الصحة النفسية للطفل ومحاولة دعمه.
اكتئاب ما بعد الإجازة
الأطفال يعانون مما يُعرف بـ«اكتئاب ما بعد الإجازة»، وهي حالة تحدث مع الكبار أيضاً عند العودة من العطلة إلى دوامهم في العمل.
نعم، كثير من الأطفال والبالغين قد يعانون من القلق التوتر مع اقتراب العودة للمدارس، وربما يتعرضون إلى بعض الأعراض المرضية مثل آلام المعدة والإسهال بفعل التوتر والقلق.
ورغم أن المدرسة واحدة من أهم الأماكن التي يتعلم فيها الطلاب، وينمون فكرياً واجتماعياً وعاطفياً، بجانب رغبة الطلاب القوية بالعودة إلى بيئة مدرسية صحية؛ فإن الانتقال من الإجازة للدراسة قد يمثل تحدياً صعباً.
كما توجد فروق فردية بين الطلاب؛ ما يجعلهم لا يتفاعلون مع التغيير بالطريقة نفسها، فقد يُدرك بعض الطلاب أن العام الدراسي القادم سيبدو مختلفاً عن السنوات الماضية، وآخرون يحملون مشاعر أخرى.
ولمساعدة الطفل على الانتقال؛ لا بُدَّ من التركيز على ما هو إيجابي والبعد عما هو سلبي، وقد نجد عواطف بعض طلاب المدارس الثانوية تتأرجح بين الحماس والقلق، مدعمين للتغيير، ولكن مع شعور بالتوتر.
وصايا أساسية للأم
- الجلوس مع الولد، ومحاولة معرفة سبب ما يقلقه من الذهاب إلى المدرسة، هل هو قلق بشأن تكوين صداقات جديدة أو هو قلق من أن تكون الواجبات المنزلية صعبة؟
- اسألي طفلك من جديد: هل يوجد شيء يسبب لك القلق، مثل تغيير الفصول الدراسية؟ فمجرد التحدث عن هذه التفاصيل والتعبير عن التوتر على هيئة كلمات؛ يساعد الطالب الذي يشعر بالتوتر على الإحساس بالأمان.
- تحدثي مع الولد عن تجارب الأهل الخاصة، والقلق الذي كان لديهم وكيف تغلبوا عليه، وقتها سيعلم الولد بأنه ليس وحده في هذا الموقف، وأنه لا بأس بأن يكون متوتراً، وأنه توجد طرق لتجاوز هذا التوتر.
- البحث عن فرص لتسهيل دخول الولد في روتين العودة إلى المدرسة، بالتحدث إلى إدارة المدرسة حول مخاوفه، وتشجيع الولد بأن يكون مرناً، ومحاولة تغيير مشاعره على مدار العام.
- إخبار الطفل برفق وهدوء بأنه من الممكن ألا يشعر بالراحة في بداية الأمر، وذلك للتخفيف من التوتر والشعور بالطمأنينة، فمع القلق يمكن أن يكون سريع الانفعال وأن تحدث مشكلات بالنوم والتوتر الجسدي والقلق.
نصائح لإدارة الصحة النفسية للطفل
- وضع روتين يومي والحفاظ عليه: بمساعدة الأبناء الطلاب على الاستيقاظ والنوم في الأوقات نفسها كل يوم قدر المُستطاع.
- الالتزام بنظام غذائي صحي: والتركيز على ممارسة الأنشطة البدنية، حيث يساعد الجسم السليم في الحفاظ على مزاج وفكر صحيين.
- مساعدة الولد في التعرف إلى بعض الأصدقاء: وتشجيعه على التواصل قبل بدء المدرسة؛ للشعور بالثقة والحصول على الدعم من خلال الأصدقاء.
- تعلُّم مهارات جديدة لإدارة التوتر: وتتم بدفع الأولاد إلى استكشاف كيف يمكن للاسترخاء أو التركيز الذهني بممارسة اليوغا، وتهدئة الذهن.
- الوعي والدعم: وعند الاعتقاد بأن الطفل بحاجة إلى مصادر إضافية للدعم، يجب التحدث مع طبيب نفسي لتحديد مصادر أخرى للدعم النفسي للطفل.
- صعوبة في التعامل مع أطفالهم: لتهيئتهم ودعمهم نفسياً، عبر إلزامهم بالنوم باكرا ومراجعة المناهج سريعاً أو إجبارهم على الانتهاء من القصص الصيفية التي يجب عليهم قراءتها وتحليلها -مثلاً.
- العودة للمدرسة: لا تتطلب الالتزام بروتين يومي صحي (النوم باكرا على سبيل المثال) فقط، بل أيضاً تجهيزاً نفسياً لما قد تتطلبه السنة الدراسية من تركيز ذهني، والالتزام بوقت مخصص لحل الواجبات.
مشكلتان نفسيتان قد يواجهما الأطفال
-
المشكلة الأولى:
رغم فرحة الأطفال بلقاء زملاء الفصل من جديد عند العودة للدراسة، بقدر ما يشعرون أنهم بحاجة للراحة من العطلة الصيفية قبل تقبل النظام الدراسي من الفور، خاصة بعد العودة من السفر أو من قضاء إجازة في مكان بعيد.
وهناك الأطفال الذين يعانون في العادة من مشكلات في الانخراط الاجتماعي، أي لا يُعَدُّون «اجتماعيين»، فهم يواجهون ضغطاً نفسياً كبيراً قبيل بدء العام الدراسي الجديد.
والأطفال الذين تعرضوا في سنوات ماضية للتنمر في المدرسة من قبل أقرانهم، ينشأ لديهم ضغط نفسي كبير وقلق من العودة إلى الأجواء ذاتها مرة ثانية.
وفي هذه الحالة، يمكن للأهل اكتشاف المشكلة عبر تصرفات الطفل، أي البكاء المستمر وطلب عدم الذهاب للمدرسة بشكل متكرر، والطبع العدائي والحاد أحياناً عند ذكر المدرسة.
يجب اللجوء فوراً لحلول لمساعدة الطفل على التحدث عن تجربته في السنة الماضية، واستشارة مختصين للتعامل مع المشكلة.
-
المشكلة الثانية:
تتمثل في هؤلاء الأطفال الذين يعانون من صعوبات تعليمية وأكاديمية، مثل مشكلات في القراءة أو النطق بشكل واضح وسليم؛ فهم يتأثرون أكثر عند الدخول إلى المدرسة مجددا، ويعانون بشكل كبير من مشكلات نفسية في بداية السنة.
وهنا، يجب على الأهل التنبه للمشكلات الأكاديمية التي يعانيها أطفالهم قبل الانخراط في العام الجديد، ومعرفة أن هذه الأمور قد تسبب ضغطاً نفسياً سلبياً على الطلاب عند بداية كل مرحلة جديدة.
قواعد نفسية للتعامل.. لا غنى عنها للآباء
الاهتمام بالإنصات للطفل
إذا كان طفلك يعبر عن موقف يخاف منه؛ فينبغي الاستماع إليه بعناية، والتحقق من مشاعره.
ضبط النغمة
عندما يأتي الطفل بمشكلاته، يجب ألا يصرخ أحد منكما في وجهه، يمكن أن يكون لمثل هذه الاستجابة تأثير نفساني عميق في الطفل.
التفاصيل اليومية
يُعَدُّ الروتين اليومي المحدد ضرورياً جداً للطفل؛ يساعده على تبني عادات جيدة، وأن يكون أكثر انضباطاً ويخفف أيضاً من القلق.
غرس العادات
الاستماع للطفل والعمل على راحته، يجب ألا يتحول إلى طفل مدلل، وعليه أن يتعلم قضاء بعض الوقت بمفرده، وأن يتخذ بعض القرارات الصغيرة.
تعليم الطفل التكيف
يجب أن تخبر الأسرة الطفل ببعض الحقائق في ما يتعلق بأن عليه التكيف مع أشياء جديدة، والتأكد من أن يكون التعليم والتوجيه بمقدار مناسب.
طلب المساعدة المهنية
من الطبيعي أن ينزعج الطفل من مغادرة المنزل والذهاب إلى المدرسة لساعات طويلة، ولكن إذا وجد الآباء أن تأثر أطفالهم امتد لأكثر من أسبوع أو أسبوعين، فيجب عليهم محاولة معرفة السبب الحقيقي وراء القلق.
* ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.