سرطان الثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعاً بين النساء حول العالم، وهو يُشكل تحدياً صحياً كبيراً ليس لأنه قد يهدد حياة المرأة بالقلق والخوف حول صحتها، بل لأنه يثير مخاوف ترتبط بجوانب أخرى مختلفة من حياتها.
منها الخصوبة والقدرة على الإنجاب، حيث يتجاوز التأثير النفسي للمرض على النساء الشابات؛ ليمتد إلى مخاوف بشأن دوام الخصوبة وتحقيق حلم الإنجاب، ليصبح السؤال: هل يؤثر سرطان الثدي على خصوبة المرأة.. أو على قدرتها على الحمل.. حتى بعد العلاج؟
والآن وبمناسبة شهر أكتوبر الوردي، التقينا ورئيس قسم الأورام السرطانية بالجامعة الدكتور ياسر الليثي للتعرف إلى العلاقة بين سرطان الثدي والخصوبة، والتدخلات الوقائية للحفاظ على الخصوبة، وهل يعيق المرض الإنجاب.. وتفاصيل كثيرة تنتظر الشرح والتوضيح.
تأثير سرطان الثدي على الخصوبة
تتأثر الخصوبة في حالات سرطان الثدي بشكل رئيسي تبعاً للعلاجات المستخدمة لمكافحة المرض؛ فالعلاج الكيميائي والإشعاعي والهرموني يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على وظائف المبيضين، ويُعتبر من أكثر أنواع العلاجات التي تؤثر بشكل مباشر على قدرة المرأة على الإنجاب.
حيث إنه يؤدي أحياناً كثيرة إلى تقليل عدد البويضات السليمة المتاحة للإخصاب، وقد يتسبب في انقطاع الطمث المبكر أو تقليل فرص الحمل في المستقبل، كما يختلف تأثير المرض على الخصوبة، وفقاً لنوع الأدوية المستخدمة، وجرعتها، وعمر المرأة عند بدء العلاج؛ فالنساء قبل بلوغهن سن الأربعين، قد يكنّ أقل عرضة لفقدان الخصوبة بشكل دائم مقارنة بالنساء الأكبر سناً.
التدخلات الوقائية للحفاظ على الخصوبة
في ظل التقدم الطبي، والندوات والحملات الطبية التي تقام في شهر أكتوبر الوردي من كل عام، أصبح من الممكن اتخاذ خطوات قبل بدء العلاج للحفاظ على الخصوبة، ومن بين الخيارات المتاحة:
تجميد البويضات أو الأجنة قبل بدء العلاج الكيميائي، ما يتيح للمرأة فرصة إنجاب الأطفال بعد انتهاء العلاج، باستخدام البويضات أو الأجنة المجمدة، لكن من الضروري أن يتم اتخاذ هذه الإجراءات قبل بدء العلاج، لأنها تتيح للمرأة فرصة للحفاظ على أمل الإنجاب في المستقبل، إضافة إلى وجود أدوية لحماية المبيضين أثناء العلاج الكيميائي، وتُستخدم هذه الأدوية في بعض الحالات لتقليل تأثير العلاج على المبايض، مما يساعد في الحفاظ على وظائفها بعد انتهاء العلاج.
هل يمكن الإنجاب بعد الشفاء من سرطان الثدي؟
وهو السؤال الأكثر شيوعاً بين النساء الناجيات من سرطان الثدي، والخبر السار هو أن العديد من النساء اللواتي يتعافين من سرطان الثدي يمكنهن الحمل بنجاح، خاصة إذا تم اتخاذ تدابير للحفاظ على الخصوبة قبل العلاج، ومع ذلك فإن التخطيط للحمل بعد الشفاء يجب أن يتم بالتعاون الوثيق مع الأطباء المختصين.
الانتظار لسنوات قبل الحمل
عادة ما يُنصح الناجيات من سرطان الثدي بالانتظار لفترة زمنية تتراوح بين عامين إلى خمسة أعوام بعد الانتهاء من العلاج وقبل التفكير في الحمل، وهذا الانتظار يهدف إلى التأكد من أن المرأة قد شُفيت تماماً، وأن المرض لن يعاود الظهور، وهو ما يعزز فرص الحمل والإنجاب دون مخاطر صحية على الأم أو الجنين.
لكن في بعض الحالات، خاصة عندما يكون المرض قد تطور إلى مراحل متقدمة، أو عند استخدام علاجات معينة، قد يكون من الصعب أو المستحيل الحمل بشكل طبيعي، وفي هذه الحالات يمكن اللجوء إلى تقنيات مساعدة على الإنجاب مثل؛ التلقيح الصناعي أو استخدام البويضات المجمدة.
هل تريدين معرفة نسبة نجاح التلقيح الصناعي؟
هل يزيد الحمل من خطر عودة السرطان؟
والسؤال أحد المخاوف التي تراود النساء الناجيات من سرطان الثدي، وهذه المخاوف مبررة بالنظر إلى أن الحمل يرافقه تغيرات هرمونية كبيرة، خاصة في مستويات هرمون الإستروجين، الذي يُعتبر في بعض الأحيان مسبباً لتطور بعض أنواع سرطان الثدي.
لكن الأبحاث الحديثة أظهرت أن الحمل لا يزيد من خطر عودة سرطان الثدي لدى الناجيات اللواتي تم شفاؤهن بشكل كامل، بل إن بعض الدراسات تشير إلى أن النساء اللواتي يحملن بعد الشفاء من السرطان قد يكنّ أقل عرضة لعودة المرض مقارنةً بالنساء اللواتي لا يحملن.
التأثير النفسي والاجتماعي لتشخيص سرطان الثدي على الخصوبة
نعم من الناحية النفسية، يعتبر تأثير سرطان الثدي على الخصوبة والإنجاب تحدياً كبيراً للعديد من النساء، فكثيراً ما تشعر المرأة التي تخضع لعلاج سرطان الثدي بأنها فقدت جزءاً من أنوثتها أو أنها قد فقدت فرصتها في تحقيق حلم الأمومة، هذه المشاعر قد تؤدي إلى زيادة الضغط النفسي، وربما الإصابة بالاكتئاب والقلق.
الدعم النفسي والاجتماعي في هذه المرحلة يلعب دوراً كبيراً في مساعدة المرأة على تجاوز هذه المشاعر السلبية؛ فمحادثة الأطباء حول خيارات الحفاظ على الخصوبة وتوفير المعلومات الضرورية للمرأة حول إمكانيات الإنجاب بعد العلاج، يساعد في التخفيف من مخاوفها وطمأنتها بأنها قد تظل قادرة على الإنجاب بعد الشفاء.
إضافة إلى ذلك، فإن دعم الأسرة والأصدقاء يلعب دوراً حاسماً في تحسين الحالة النفسية للمرأة، والشعور بأنها ليست وحدها في هذه الرحلة، وأنها تحظى بدعم وحب منْ حولها، ما يجعل التحديات التي تواجهها أقل وطأة، وفي نهاية المطاف، فإن التقدم الطبي أتاح العديد من الخيارات التي تساعد المرأة على الحفاظ على خصوبتها حتى بعد العلاج.
التخطيط المسبق والتعاون مع الأطباء المتخصصين هما المفتاح لضمان حصول المرأة على أفضل فرص لتحقيق حلم الأمومة بعد الشفاء، وبغض النظر عن التحديات التي تواجهها المرأة، فإن الأمل موجود، ومع الدعم النفسي والاجتماعي المناسب، يمكن للمرأة التغلب على هذه التحديات ومواصلة حياتها بثقة وقوة.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.