بعد سن ّ الأربعين، تبدأ النساء في مواجهة مجموعة من التغيّرات الجسدية والهرمونية التي قد تؤثر بشكل كبير على صحتهن العامة. من أبرز هذه التغيّرات تباطؤ عملية الأيض، مما يجعل الحفاظ على الوزن أمراً أكثر تحدّياً. كما يقلّ مستوى هرمون الاستروجين، مما قد يساهم في زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام، أمراض القلب والسكري.
في هذه المرحلة العمرية، يصبح من الضروري تبنّي نظام غذائي متوازن يدعم الصحة العامة ويقلل من مخاطر هذه المشاكل الصحية، كما توضح اختصاصية التغذية جنى حرب لـ "سيدتي".
التغذية السليمة في نهاية الأربعينيات لا تقتصر فقط في الحفاظ على الوزن، بل تساعد أيضاً في تقوية العظام، دعم صحة القلب، وتحسين مستويات الطاقة، مما يعزز من جودة الحياة والرفاهية في هذه المرحلة المهمة من حياة المرأة.
التغييرات التي تطرأ على جسم المرأة بعد الأربعين
- تباطؤ عملية الأيض: الأيض هو العملية التي يحوّل فيها الجسم الطعام إلى طاقة. مع تقدّم السن، يقلّ النشاط البدني وتقلّ الكتلة العضلية، مما يعني أن الجسم يحرق سعرات حرارية أقل في الراحة. نتيجة لذلك، قد تجد النساء صعوبة أكبر في الحفاظ على وزن صحي، وتحتاج إلى تعديل النظام الغذائي والنشاط البدني لمواكبة هذا التغيير.
- انخفاض مستويات هرمون الاستروجين: هرمون الاستروجين هو هرمون رئيسي لدى النساء يلعب دوراً كبيراً في تنظيم العديد من وظائف الجسم، بما في ذلك الحفاظ على صحة العظام وصحة القلب. بعد انقطاع الطمث، ينخفض إنتاج الاستروجين بشكل ملحوظ. هذا الانخفاض يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام (وهي حالة يصبح فيها العظم هشاً وسهل الكسر) وأيضاً يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب، حيث إن الاستروجين يساعد في الحفاظ على صحة الأوعية الدموية.
- توزيع الدهون: بعد انقطاع الطمث، يتغيّر توزيع الدهون في الجسم بسبب انخفاض مستويات الاستروجين. بينما كانت الدهون تتوزّع بشكل متساوٍ في الجسم في مراحل سابقة، فإن انخفاض الاستروجين يؤدي إلى زيادة تراكم الدهون في منطقة البطن (أي حول الأعضاء الداخلية). دهون البطن تعتبر أكثر خطورة صحياً لأنها ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني. ويمكن أن تؤدي هذه التغييرات في توزيع الدهون إلى زيادة الوزن بشكل غير مرغوب فيه، خاصة في المنطقة الوسطى من الجسم.
من المهم التعرّف إلى كيفية الحصول على العناصر الغذائية الضرورية للجسم وفق طبيبة.
أهمية التغذية المناسبة
التغذية الصحية تعتمد على اتباع نظام غذائي متوازن وغني بالعناصر الغذائية الأساسية. يشمل هذا النظام:
- الفواكه والخضروات: تحتوي على الفيتامينات، المعادن، ومضادات الأكسدة التي تدعم الجهاز المناعي وتقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة. من المهم تناول مجموعة متنوّعة من الألوان لتعزيز الفوائد الصحية.
- البروتينات الصحية: البروتين ضروري للحفاظ على كتلة العضلات التي تبدأ في الانخفاض بعد الأربعين. يساهم أيضاً في تعزيز الشبع وتنظيم الوزن. ولعل أبرز مصادر البروتين: السمك (مثل السلمون والسردين)، الدجاج، البيض، البقوليات (مثل العدس والحمص).
- الألياف: تساعد في تحسين الهضم وتسهيل حركة الأمعاء، كما تساهم في التحكم بمستويات السكر في الدم وخفض الكوليسترول. أما مصادر الألياف، فهي: الشوفان، الخبز الكامل، الفواكه (مثل التفاح والتوت)، والخضروات (مثل البروكلي والجزر).
- زيادة النشاط البدني: من المهم الحفاظ على النشاط البدني والتمارين الرياضية التي تعزز من الكتلة العضلية، مثل تدريبات القوة. هذا يمكن أن يساعد في تسريع الأيض وتقليل الدهون البطنية.
- أوميغا-3: الأحماض الدهنية تقلل من الالتهابات وتدعم صحة القلب والمفاصل. أما مصادر أوميغا3، فهي: الأسماك الدهنية (مثل السلمون، الماكريل، والتونة)، بذور الكتان.
- الحديد: بعد سن الأربعين، قد يحصل نقص في الحديد، مما يؤدي إلى التعب والضعف. أما مصادر الحديد، فهي: اللحوم الخالية من الدهون، السبانخ، العدس، والفاصوليا.
- الكالسيوم وفيتامين دي D من العناصر الأساسية لصحة المرأة فوق سن الأربعين، حيث يساهمان في دعم صحة العظام والحفاظ على قوة الجسم بشكل عام. مع التقدم في العمر، يقلّ امتصاص الجسم للكالسيوم وقد يتعرّض البعض لنقص فيتامين D مما يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام و الكسور. أما أهم مصادر الكالسيوم الغذائية، فهي: منتجات الألبان مثل الحليب، الزبادي، والأجبان. فيما أهم مصادر فيتامين D: التعرّض لأشعة الشمس المباشرة لفترات قصيرة بانتظام.
- المكملات الغذائية عند الحاجة (يُنصح باستشارة الطبيب قبل البدء بالمكملات).
سن الأربعين: نصائح إضافية
- الابتعاد عن الأطعمة المصنّعة: مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية.
- شرب الماء بانتظام: حيث يساعد في الحفاظ على الصحة العامة والتخفيف من العديد من التغيّرات التي قد تحدث مع التقدم في العمر. ولضمان الترطيب الجيد اشربي من 6-8 أكواب في اليوم.
- التقليل من السكر والملح: للمساعدة في التحكم بمستويات السكر في الدم وضغط الدم.
نموذج لوجبة يومية صحية
- وجبة الفطور: شوفان مع شرائح موز ومكسّرات صحية، مع الحليب الخالي من الدسم.
- وجبة خفيفة: تفاحة مع ملعقة من زبدة اللوز.
- الغداء: سلطة خضراء تحتوي على السبانخ، الجرجير، قطع الدجاج المشوي، بذور الشيا، وبعض شرائح الأفوكادو.
- العشاء: سمك السلمون المشوي مع بطاطس مشوية وخضروات مثل البروكلي والجزر.
- وجبة خفيفة مسائية: لبن زبادي يوناني مع بذور الكتان.
تفصيل الاحتياجات الغذائية حسب التغييرات الهرمونية
مع تقدّم النساء في العمر واقترابهن من سن الأربعين فما فوق، تبدأ التغيرات الهرمونية، وخاصةً انخفاض مستويات هرمون الاستروجين، في التأثير على الجسم بطرق عديدة. هرمون الاستروجين له دور رئيسي في تنظيم العديد من وظائف الجسم، وانخفاضه قد يؤدي إلى الهبات الساخنة الذي يعاني منها معظم النساء بعد فترة انقطاع الطمث، لذا، يُنصح بالآتي:
- تناول الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم: مثل المكسرات، بذور اليقطين، والشوكولاتة الداكنة. المغنيسيوم يساعد في تحسين النوم والاسترخاء العضلي.
- التقليل من الأطعمة الحارة والكافيين: يمكن أن تؤدي الأطعمة الحارة والمشروبات المحتوية على الكافيين إلى زيادة شدّة الهبّات الساخنة، لذا يُفضل تجنّبها قدر الإمكان.
- إدارة التوتر من خلال تقنيات الاسترخاء وتمارين التنفس العميق.
- الإقلاع عن التدخين: التدخين يمكن أن يزيد من شدّة الهبّات الساخنة، لذلك يعدّ الإقلاع عن التدخين من أهم النصائح لتقليل هذه الأعراض.
وفي الختام، تقول اختصاصية التغذية جنى حرب:"يعدّ اتباع نظام غذائي متوازن ومتكامل خطوة حاسمة للحفاظ على صحة المرأة فوق سن الأربعين، إذ يلبي احتياجاتها المتغيّرة ويدعمها في مواجهة تحديات العمر. إن اختيار الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل الكالسيوم، فيتامين D ، البروتينات، والألياف يعزز العافية ويُسهم في الوقاية من الأمراض المزمنة. بتناول غذاء صحي ومتنوّع، يمكن للمرأة أن تحافظ على نشاطها وحيويتها، مما يمكنها عيش حياتها بأفضل صورة ممكنة، مليئة بالصحة والقوة والثقة.
ينصح بمتابعة أغذية توازن الهرمونات وتساعد في تحسين المزاج بحسب اختصاصية.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.