رياضة جديدة على مجتمع محافظ ومتحفظ، ولكنها استطاعت أن تتحدى وتشق طريقها، رغم كل المحاذير؛ على اعتبار أن من تمارسها هي فتاة مسترجلة، وأنها رياضة خاصة بالرجال، ولكن الإصرار والتحدي كوَّنا معاً فريقاً صغيراً ومبشراً من «فتيات الكاراتيه في غزة».
«سيدتي نت» التقت بمدرب الفريق ومؤسسه وصاحب فكرته، وهو أستاذ جامعي، وكذلك ببعض بنات الكاراتيه، وكانت هذه الأضواء، فالدكتور عماد حماد هو أستاذ جامعي في جامعة الأقصى في غزة، وقد شغل منصب مدير فني ومدرب للمنتخبات الفلسطينية من عام 1996 حتى عام 2008، ورئيس لجنة المدربين في الاتحاد الفلسطيني للكاراتيه، ورئيس لجنة المسابقات وعضو مجلس إدارة في الاتحاد الفلسطيني للكاراتيه، وحالياً رئيس اللجنة الفنية العليا في الاتحاد الفلسطيني للكاراتيه، والذي أجاب على تساؤلاتنا كالتالي:
• كيف تقبل المجتمع فكرة أن تدرب فتيات ونساء للكاراتيه؟
- طبعاً بالنسبة للمجتمع الفلسطيني، وخاصة المجتمع الغزي، في طبيعته وعاداته وتقاليده بشكل عام غير متقبل فكرة أن الفتاه تمارس الرياضة، وخاصة رياضة الكاراتيه؛ للاعتقاد بأن ممارسة الرياضة، وخاصة الرياضات القتالية، لا يمارسها سوى الرجال، ولكن بدأت هذه الفكرة تتضاءل؛ نتيجة زيادة الوعي بأهمية هذه الرياضة للفتاة، وبما لمسوه من فوائدها المتعددة؛ حيث تعمل على تقوية الجسم، وإكسابه اللياقة البدنية العالية، بالإضافة إلى أنها تمكن الفتاة من الدفاع عن نفسها في حالة تعرضها لسوء، كذلك فهي تزيد الثقة بالنفس، وتعمل على الارتقاء بالقدرات العقلية (الذكاء، الدقة، التركيز والانتباه)
• ما هي الشرائح العمرية للفتيات المقبلات على رياضة الكاراتيه؟
- الإقبال من جميع الأعمار، لكن الإقبال من صغيرات السن أكثر، وتمثل نسبة الفتيات الممارسات لرياضة الكاراتيه في نادي غزة الرياضي 30% من عدد اللاعبين الممارسين لهذه الرياضة، وهي تعد نسبة كبيرة مقارنة بالألعاب الأخرى، فأصغر لاعبة كاراتيه في الفريق، الذي يضم حوالي 30 فتاة وامرأة، عمرها 6 سنوات، وهناك من عمرها 8 أو 10 سنوات، بالإضافة لسيدات متزوجات.
رياضة وعنف
• هل تقترن رياضة الكاراتيه بالعنف في رأيك، ويمكن اعتبار أن الفتاة التي تمارسها مسترجلة؟
- بالعكس، رياضة الكاراتيه تقترن بالسلام، ويطلق عليها لقب «رياضة الأخلاق»، فهي تعتبر من الرياضات القتالية، ولكنها رياضة تستخدم للدفاع عن النفس والرقي بالروح والسمو بها، بالإضافة إلى أنها تعمل على بناء الجسد بناءً سليماً، وتعمل على الارتقاء بالقدرات العقلية بشكل كبير، وبناء الشخصية كذلك، وهي تعتبر من الرياضات الصحية التي تحقق الرشاقة للجسم.
ماذا قالت الفتيات
وللفتيات ممارسات رياضة الكاراتيه آراء، وعلى اختلاف أعمارهن، فـ«ريم أبوندى»، متزوجة، ويشجعها زوجها على ممارسة الكاراتيه، وتدرس أيضاً في الجامعة، ولا ترى غضاضة بأن تتعلم المرأة رياضة تدافع بها عن نفسها وتكسبها لياقة. فيما تجد «ديانا الكولك» في ممارسة الكاراتيه وسيلة للتخلص من الضغط النفسي، بسبب الدراسة، خاصة أنها طالبة في الثانوية العامة. ولدى «نور صالح» أسباب أخرى لممارسة الكاراتيه؛ فهي ترى أنها وسيلة للدفاع عن النفس، خاصة في بلد عربي يفتقر للأمان والاستقرار في الشارع، وهي وجدت ممانعة في البداية من عائلتها، ولكنها صممت على المضي، وسوف تستمر بعد زواجها الذي سيتم خلال فترة قصيرة، وقد حصلت نور على الحزام الأزرق حالياً، وتطمح للحصول على الحزام الأسود.
«هناء شحاتة»، وهي في العشرين من عمرها، وحاصلة على الحزام البني، وهي تلعب الكاراتيه منذ 3 سنوات، ووجدت ممانعة من عائلتها في البداية، ثم لم تلبث أن وافقت أمام حبها لها ونجاحها، وتراها وسيلة للرشاقة واللياقة البدنية والدفاع عن النفس، وليست رياضة العنف كما يشاع عنها.
و«سيرين البكري»، 14عاماً، لم تجد معارضة من أهلها، بل على العكس كما تقول، بل إن كل أفراد عائلتها شقيقات وأشقاء يمارسون هذه اللعبة، التي تجعلهم يحافظون على لياقتهم البدينة، وترى أنها هي شخصياً قد أصبحت ذات جسم رشيق وذهن متقد ومتيقظ بفضل ممارستها.
وهكذا.. ورغم التحديات والمعوقات التي تواجه هذا الفريق؛ مثل عدم وجود صالة خاصة لتدريب الكاراتيه في نادي غزة الرياضي، بالإضافة لعدم وجود الدعم المادي الكافي لهذه الرياضة؛ لكي يتمكن المدرب من الارتقاء بها هو وفريقه، والنظرة المجتمعية الخاطئة.. إلا أن الإصرار على الاستمرار مازال قوياً ومشجعاً ولافتاً.