تحظى مرحلة المراهقة باهتمام خاص نظراً لحساسية طبيعتها، ولم يهتم المختصون بمراحل عمر الإنسان كاهتمامهم بمرحلة المراهقة، فكلمة المراهقة تأتي من كلمة رهق التي تحمل ضمن معانيها الخفة والعجلة وركوب الخطر، فهي الاستيقاظ من الكمون وكأن بحراً من المشاعر والأحاسيس والانفعالات والأفكار كان هادئاً وفجأة جاءت عاصفة قوية فأخذت أمواجه تتلاطم وتتسابق وتندفع، كما أنها كل ما يدور داخل فكر ووجدان وشعور كل المراهقين وخاصة المراهقات، فالأنثى أرق وأكثر تحسساً لأي عواصف تهب بكيانها وتعصف بأفكارها بعد أن كانت في مرحلة الطفولة والبراءة والأحلام الصغيرة المتمثلة بشراء الألعاب والعرائس أو التنزه داخل الحدائق واللعب في مدن الألعاب مع قريناتها من الفتيات الصغيرات.
المستشارة الأسرية سمر عبد الوهاب تخبرنا بطبيعة مرحلة المراهقة وما تحمله من هواجس لصاحبتها ...
بداية تقول سمر: "سرعان ما تتغير حياة الطفولة البريئة وتتبدل بعد بلوغ الفتاة وبداية مرحلة المراهقة لديها، حيث تصبح وردة متفتحة تغمرها الأنوثة، وتبدأ في اكتشاف ملامحها من جديد والتغيرات التى تطرأ عليها وتبدأ تلاحظ نموها، فاهتماماتها وأفكارها تتغير، حتى انفعالاتها وأحلامها وتطلعاتها للمستقبل لم تعد تتمثل في الخروج واللعب مع الأطفال أو شراء الحلوى، ولكن أصبح المستقبل مجهولاً والتفكير به يسبب حالة من الرعب، ومن هنا تبدأ التساؤلات داخلها: ماذا سيحدث؟ وكيف ستتعامل وتواجه مستقبلها؟؟؟ وبالطبع تبدأ أحلامها بالحب والزواج والسفر والثروة والعمل في أفضل مكان والتميز، فكثرة الأحلام تسبب لها نوعاً من التشتت، وكل الأفكار تتسارع داخلها، مما يجعلها في حالة صرع دائم، وربما تصبح كثيرة الصدام مع من حولها لاسيما الوالدين" .
لماذا يحب الابتعاد عن الحب؟
وتنصح عبد الوهاب الفتيات في هذه المرحلة لاسيما اللواتي يخفن على مستقبلهن ويتملكهن الاضطراب في هذه الفترة قائلة : "اهدئي وعليك أن تدركي ماذا يحدث داخلك بوعي، ولا تخافي فكل ما يدور داخلك طبيعي، وهذه هي ملامح مرحلة المراهقة، وكل الفتيات المراهقات يشعرن بذلك، فحاولي أن تقفي مع نفسك وأن تهدئي من روعك وترتبى أفكارك وأحلامك، فالمستقبل بيد الله، ولكن عليك الاجتهاد في دراستك حتى تحصلي على المستقبل العملي الذى تتمنينه لنفسك، ولا أطلب منك أن تكبحي خيالك وأحلامك بالفارس الذي سيأتي على الحصان الأبيض ليأخذك وتنعمي معه بحياة سعيدة مستقرة، ولكن نصيحتي لكي أن لا تتركي أي فارس تشعرين معه بالحب والانجذاب أن يعبث بأفكارك وأحاسيسك المرهفة، فكوني ذات شخصية قوية، ولا تكوني سهلة الانقياد، وتأكدي أن الحب الحقيقي سيأتي لا محالة، ولكن اصبري حتى لا ترهقي قلبك الصغير الأبيض فى تجارب سيئة، فليس كل شاب وفارس يصلح أن يكون حبيبك، ومثلما أنتِ خائفة وأفكارك متلاطمة كالموج وأحاسيسك غير مستقرة كذلك الشاب المراهق، فلا تنخدعي في الحب الزائف، فعندما تمر فترة المراهقة وتصل مرحلة النضج بسلام ستشعرين بالفرق، وستجدين الحب الحقيقي، فلا تتسرعي وركزي كل تفكيرك وأحلامك في المذاكرة وبناء مستقبلك التعليمي والمهني، فالمميزون والناجحون نجوم متلألئة فكوني منهم، وابدئي برسم ملامح مستقبلك من الآن، واستعينى بالله على ذلك، ولا تترددي فى طلب المشورة من والدتك أقرب الناس لقلبك وأكثرهم حرصاً عليك أو أختك الكبرى أو من أي شخصية ذات علم وخبرة تثقين بها، ولكن ليست صديقتك وإن كنتِ تثقين برأيها وتحبينها فتأكدي أنها بمثل عمرك وتمر بمثل الذي تمرين به، فكلاكما بحاجة للمشورة والمساعدة، وأخيراً آنستى الجميلة أنتِ كالزهرة البيضاء المتفتحة، وما تمرين به طبيعى جداً، فمرحلة المراهقة هي مرحلة التخبط والخوف وركوب الخطر، فاهدئي ورتبي أفكارك ومشاعرك، وكوني قوية وتحكمي بهما، واجعلي هذه المرحلة تمر بسلام حتى تصلي بنفسك إلى النضج فهو بر الأمان".