تمتلك المرأة الكثير من الأسلحة الدفاعية، لمواجهة الصعوبات وللتغلب على المشاكل الداخلية والخارجية التي تقابلها، وقديمًا كان يصفها العلماء بأنها ردود فعل أو أساليب استجابة لا شعورية؛ ومع التطور الحديث اكتشف العلماء أنها حيل دفاعية شعورية ومقصودة، ولكل من الرجل والمرأة حيل خاصة بهما.
عن المقصود بتلك الحيل وعددها، وسبب انتشارها خلال السنوات الأخيرة، أعد الدكتور «تامر جمال» استشاري الطب النفسي بمركز «إشراق» دراسة وافية، ختمها بعدة إرشادات صالحة للتطبيق.
الواقع يقول إن الطرفين ـ الزوج والزوجة ـ يمتلكان بعضًا من الحيل، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى أكثر من20 حيلة، 6 حيل منها هي الأكثر استخدامًا، ويرى أن المرأة تواجه الكثير من الخلافات الزوجية، ومشاكل في العمل ومع الأبناء، ولذلك هي في حالة احتياج دائم للحيل.
ستة أساليب
الدكتور« مجدي دهب» أستاذ الأعصاب بكلية طب جامعة الأزهر، كشف عن هذه الحيل ووصفها بأنها وسيلة لضبط التوازن النفسي عند المرأة منها:
- الكبت
حيلة بواسطتها يتم دفع المواقف والأفكار غير المقبولة إلى دائرة اللا شعور، وبعيدًا عن الشعور؛ كما هو الحال إذا رغبت المرأة في الوصول إلى هدف صعب المنال، هنا عليها أن تكبت هذه الرغبة، وتقنع نفسها بأنها لا تريد هذا الشيء، فتبعده عن دائرة اهتمامها، ليرحل بعيدًا عن ذهنها، ودون التفكير في طريقة تساعدها للوصول إليه.
- الرجوع
وفيه تريد المرأة العودة إلى مراحل سابقة في النمو؛ حيثُ ترجع إلى تصرفات بدائية لا تتناسب ومرحلتها العمرية؛ هربًا وعدم قدرة منها على مواجهة عمرها الحقيقي، والتفاعل من خلاله.
- التبرير
وفيه يتم قبول تبرير السلوك أو الدوافع، أو المشاعر غير المقبولة؛ بخلق أسباب أخرى لتفسيرها، وهنا لا تعدم المرأة وسيلة في تبرير أي تصرف تقوم به، ولو كان غير متوافق مع الواقع، أو غير مقبول اجتماعيًّا، فتجد على الفور مبررًا له أمام الناس وأمام نفسها أيضًا.
- الإسقاط
وهي الحيلة التي تلجأ لها المرأة من دون أن تشعر؛ لحمايتها من القلق الذي ينشأ من الصراع الداخلي، عند اتهامها بأي صفة تراها ظالمة لها، فمثلاً: إنْ غضبت من زوجها، أو اشتد الخلاف والصراع بينهما، تراها تُسقط ذلك على أبنائها، في صورة حدة وقهر وغضب، وكذلك إن واجهت أعباء وصراعات داخل عملها؛ نراها تسقطه على أصدقائها أو زملائها في العمل أو على زوجها وأبنائها أيضًا.
- الإنكار
وهي حيلة تُبعد بها المرأة الأشياء التي تسبب قلقًا لها عن دائرة وعيها، فتنكرها بسرعة، وترفض تقبلها، مما يخفض التوتر، ويصل بالمرأة إلى توازن نفسي ولو مؤقتًا،وتظهر هذه الحيلة عند سماع الأنباء غير السارة.
- التسامي
وفيه يتم توجيه الطاقة المرتبطة بنزعات غير مقبولة إلى أنشطة مقبولة نفسيًّا واجتماعيًّا، وهذا التسامي يحقق درجة ضئيلة من الإشباع للنزعات الغريزية، وغيرها من النزعات.
الأكثر استخدامًا!
وفي هذا المجال قام الدكتور« تامر جمال» استشاري الطب النفسي بمركز إشراق للدراسات الاستشارية والتربوية، وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية بإعداد بحث مطول عن الحيل الدفاعية، توصل فيه إلى عدة نقاط: حيثُ قال: الحيل الدفاعية هي أساليب استجابة دفاعية تظهر عند حدوث خطر يهدد الاستقرارالنفسى ويسبب صراعًا داخليًّا، وتعتمد هذه الحيل على تزييف الواقع، وهي كثيرة وقد تصل إلى أكثر من 20 حيلة، وأن منها 6 حيل هى الأكثر استخدامًا بين النساء والرجال، وإن كانت المرأة تفوق الرجل في استخدامها، نتيجة لكثرة الهموم التي تواجهها.
الجيش الخفي
أو الجيش الدفاعي هي الصفة التي تطلق على تلك الحيل، وهو موجود في النفس البشرية، كما يقول د.تامر جمال في دراسته، وكثرة استخدامه وتكرار ظهوره يمنحه الصفة الآلية؛ فيبدأ في العمل دون شعور، ولذلك يميل بعض العلماء النفسيين إلى وصفه بأنها حيل لا شعورية، وإن كان هناك رأى يميل إلى أن الإنسان مسئول عن كل سلوك صادر عنه.
وهذه الحيل مكتسبة في الغالب، سواء للمرأة أو الرجل، ولا يولد بها الإنسان، بل يستمدها من الظروف والعوامل المحيطة.
التسامي.. يكسب!
كما أثبتت الدراسة أن التسامي هو الحيلة الأكثر إيجابية وسلامًا وأمنًا والأقل ضررًا على الشخص والمجتمع وسط هذا العدد الكبير من الحيل، ويضيف موضحًا: هناك من الدوافع التي لا يمكن كبتها؛ كالدوافع الجنسية والعدوانية، والمرفوض التعبير عنها اجتماعيًّا، ولذلك تُحبط هذه الدوافع بالداخل، ويأتي دور حيلة التسامي لإشباع الإحباط بطريقة غير مباشرة؛ للتنفيس عن ضغوط التوترات الناتجة عنها، بالقيام بسلوك مقبول؛ كالأعمال الفنية وممارسة الرياضة، وهو أمر مفيد للمرأة في كافة مراحل عمرها.
حيل سلبية
وتقول الدراسة: أما الحيل الأخرى-غير التسامي- فهي حيل سلبية، لا تساعد على التقدم، والسير للأمام، وتضر بالحياة الإنسانية والزوجية بشكل خاص، لذا يكثر استخدامها بين المجتمعات الضعيفة والدول النامية، ومن سلبيات الاعتماد عليها: الخرس الزوجي، الطلاق، عدم تحمل المسؤولية، عدم الرغبة في إنشاء أسرة، الشك، الخيانة، الاتهامات المتبادلة!
يرجع د.تامر جمال استشاري الطب النفسي السبب إلى زيادة الضغوط والأعباء النفسية، وفي المقابل- كما يقول- كان لابد أن يتم التدريب النفسي داخل المراكز الاستشارية لتعديل مثل تلك ردود الأفعال، وبالفعل تشكل النساء نسبة %70 من المترددين على هذه الدورات التي تهدف إلى تعديل السلوك، والابتعاد عن تزييف الواقع، والمفاجأة أن الرجال هم الأكثر استجابة إلى تعديل السلوك.
ويتم ذلك من خلال الرياضات النفسية؛ والتي فيها تتعلم المرأة كيف يكون الحلم والحكمة في التعامل مع الأمور؟، وكيفية إدارة الغضب وإدارة الحزن، والتعامل مع المواقف بمنطقية ودون انفعالات!
إرشادات
يختم بها د.تامر جمال دراسته ويوجهها إلى المرأة أولًا، والأم ثانية:
- ارصدي نقاط القوة وحلليها.
- ارصدي نقاط الضعف وحلليها.
- استغلي الإمكانات والطاقات.
- عدِّلي أسلوب التفكير ليتناسب مع الواقع.
- تكيفي مع الواقع مهما كان.
- اصبري مما له من سند ديني في القرآن والسنة.
- الرضا والقناعة يمدانك بالشعور بالواقع أكثر.
- لا تستخدمي أسلوب القمع والقهر والتسلط في تربية الأبناء.
- لا تتدخلي أنت وزوجك في الشؤون الخاصة لأبنائك، وأعطيهم مساحة من الحرية.
- واجهي نفسك بالخطأ الذي تم الوقوع فيه، واستبصري الحقيقة واعترفي بالذنب.
- وجود الصديق الصادق ضرورة من ضروريات التوازن النفسي، خاصة إن كان يواجه الطرف الآخر بالأخطاء.
- استشيري متخصصًا أو معالجًا.