انطلق مايز صفوان (63 عاماً) من منزله الواقع في منطقة الأوزاعي (ضواحي بيروت) والمطلّ على البحر في 11 أكتوبر مع 9 من أفراد عائلته هم: زوجته مريم صفوان (45 عاماً) وبناته مايا (9 سنوات) ولين (7 سنوات) وميلاني من زواج سابق (42 عاماً) مع أولادها وائل (18 عاماً) وماهر (16 عاماً) ومالك (7 أعوام)، بالإضافة إلى ابنه موسى (22 عاماً) وزوجته حورية الخطيب (17 عاماً) الحامل في شهرها التاسع، على أن تلتقي العائلة قريباً لها في إزمير التركية وهو إياد صفوان (40 عاماً) وابنه مصطفى (13 عاماً)... ويتوجهون جميعهم نحو اليونان للدخول إلى المانيا حيث الأمان والسلام والاستقرار والطمأنينة ... ولكن القدر كان بانتظارهم وغيّر مخططهم بالكامل.
من الهجرة القسرية إلى الهجرة اللا شرعية
ففي التفاصيل أن هذه الكارثة أفجع خبرها المجتمع اللبناني بكافة أطيافه وطبقاته الاجتماعية دون استثناء،وأبكت كل من حضر لمواساة من تبقى من عائلة مايز صفوان ورفض السفر معه لأسباب منوّعة، وحوّلت المنزل إلى بيت أحزان تنتشر بين جدرانه صور من غادروا إلى غير رجعة، كيف لا ومنهم الأب والأم والأطفال والحامل التي توفيت من البرد وبقي موسى (زوجها الناجي) متمسكاً بها ما يقارب ال 10 ساعات لحين وصوله إلى الشاطئ، وماهر (16 عاماً) الذي ظلّ يسبح لمدة 7 ساعات حتى وصوله إلى الشاطئ وكان أول من اتصل بالعائلة في لبنان لإبلاغهم بالفاجعة، بالإضافة إلى موسى مايز صفوان وإياد صفوان اللذين تمكنا أيضاً من السباحة ونجيا.
انطلقت عائلة صفوان الأحد (11 أكتوبر) عصراً من مطار بيروت إلى مطار اسطنبول، وفي اليوم التالي انتقلت بالباص من هناك إلى إزمير الساحلية حيث كان من المفترض أن يلتقوا السمسار ويصعدون جميعهم في مركب نفخ مطاطي وليس في مركب كبير أو زورق. في منتصف ليل الإثنين أبحروا متجهين نحو اليونان ليدخلوا بعد ذلك إلى ألمانيا، إلا أن القدر كان أسرع وقضى على 9 منهم.
ميرنا صفوان: هذا هو القدر
أما ميرنا صفوان (25 عاماً) ابنة مايز الكبرى فقالت لـ "سيدتي نت" بأنها لا تحب السفر أبداً ولكنها كانت دائماً تشجع والدتها عليه من أجل تحسين أوضاع العائلة بكاملها...
وأضافت:
" كان اتصالهم الأخير معي نهار الاثنين 12 أكتوبر الساعة التاسعة مساءً، وأبلغوني أنهم وصلوا إلى إزمير وبعد ساعتين سيقطعون الحدود بواسطة زورق مطاط نحو اليونان. ولكن، مضى الوقت بعد ذلك ولم يتصل بي أحد منهم، مع العلم أنني كنت أتابع جميع خطواتهم وتحركاتهم منذ لحظة وصولهم إلى اسطنبول... وفجر الثلاثاء، أحسست بشيء حزين داخلي، وشعرت بأنه قد أصابهم مكروه ، ونقلت هذا الإحساس إلى أفراد العائلة ولم يصدقني أحد وطلبوا مني أن أكون متفائلة، ولكن كنت أشعر بداخلي بأن شيئاً ما حدث وبأنهم لن يتصلوا بي مجدداً، إلى حين تلقت عمتي ظهر الأربعاء اتصالاً من ابن شقيقتي ماهر يقول لها بأن الزورق غرق وقد اضطروا إلى رمي الحقائب، الموج كان عالياً جداً وقلب الزورق رأساً على عقب وسقط الجميع في الماء، وأنه لا يعلم أي شيء عنهم بسبب الظلام السائد وبأنه موجود في المخفر".
وأضافت ميرنا:
"حتى هذه اللحظة، لا أصدق ما أصاب عائلتي التي رحلت ولم يبقَ لي سوى شقيقتي...هذا هو القدر".
خديجة صفوان:القدر أسرع من أحلامهم
أما خديجة صفوان (شقيقة مريم صفوان الكبرى وابنة عم مايز) فتقول بحزن شديد : " كنت أخشى دائماً ألا أتمكن من رؤية شقيقتي
الصغرى مريم؛ لأنني مصابة بمرض عضال، ولكنني لم أتخيل يوماً ما بأنني سأفقدها غرقاً في البحر.
هذه الفاجعة جعلتني أفقد، بالإضافة إلى شقيقتي مريم، ابنتيها الصغيرتين لين ومايا، وزوجة شقيقي محمد (الذي لم يسافر) ميلاني وابنيها مالك ووائل.
خسرتهم للأبد لأنهم كانوا يحلمون بحياة أفضل وبمستقبل أحلى... خاصة وأن مريم لا تحب السفر أبداً، ولكنها سافرت من أجل عائلتها حتى تحصل على عيشة كريمة، ولكن القدر كان أسرع من أحلامهم وطموحاتهم.
وكانت تقول لي بأنها ستسافر ولكن قلبها مع بناتها الثلاث اللواتي فضّلن البقاء في الأوزاعي وبأنها لن تتأخر أكثر من شهر في ألمانيا وستعود من أجل البنات، ولكن للأسف، كانت هذه رحلتها الأولى والوحيدة".
وختمت خديجة حديثها قائلة:
"على مين بدنا نبكي وعلى مين بدنا نزعل؟".
في إطار الاهتمام الرسمي بقضية الغرقى من عائلة صفوان في المياه الاقليمية التركية، طلب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام من الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير العمل، وبالتنسيق مع السفير في أنقرة، على اتخاذ كل الترتيبات الفورية لنقل الجثث وإعادة من بقي من أفرادها على قيد الحياة إلى لبنان.
تابعوا التفاصيل في العدد 1809 من "سيدتي".