يصاب 90% من الأشخاص في العالم بشعور مفاجئ بألم شديد في الرأس، غالباً ما يزول بشكل تلقائي بعد ساعات قليلة، بدون تناول مسكنات دوائية.وفي هذا الإطار، أثبتت دراسة طبية صادرة حديثاً عن «الجمعية الدولية لآلام الرأس» (IHS) International headache Society أن غالبية أوجاع الرأس ليست خطرة بطبيعتها، وأن النساء يعتبرن أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الصداع من الرجال بنسبة قد تصل إلى 63.9% نتيجة التغيّرات الهرمونية التي تحدث أثناء فترة الحيض. ورغم غياب التفسير العلمي الواضح للأسباب المسؤولة عن حدوث أوجاع الرأس البسيطة، إلا أن الباحثين اتفقوا على أن العوامل البيئية والسيكولوجية والفسيولوجية والغذائية قد تكون أسباباً غير مباشرة للإصابة بالصداع بشكل عام.
«سيدتي» اطلعت من رئيس أقسام طب الأسرة ومدير عام التدريب بمجموعة مستشفيات السعودي الألماني الدكتور أحمد عبد المنعم على أهمّ الأسباب المؤدية للإصابة بالصداع العام وأحدث سبل علاجه.
يصنّف الصداع الشائع Common headache بأنه من بين أكثر أنواع أوجاع الرأس شيوعاً على مستوى العالم، ويعرف بأنه شعور بألم له طبيعة نابضة، يصيب غالبية الناس في المراحل المختلفة من حياتهم.
وقد أظهرت الإحصائيات الصادرة حديثاً عن «منظمة الصحة العالمية» WHO أن حوالي 90% من سكان الولايات المتحدة الأميركية يعانون من هذا النوع من الصداع سنوياً، أي بما يعادل إصابة 465 شخصاً في الدقيقة وقرابة 7 أشخاص في الثانية الواحدة، ما يجعل كل الأفراد عرضةً للإصابة به. ويعزو باحثون في جامعة «هارفارد» الأميركية Harvard University حدوث الإصابة بالصداع الشائع إلى نزلات البرد والأنفلونزا بنسبة 80% أو اضطراب الرؤية بنسبة 55%. وقد تتراوح شدة الألم الناتجة عنه ما بين الخفيفة، المتوسطة والحادة، تصاحبها رغبة شديدة في القيء ونقص في الشهية وضعف عام أو وهن في الجسم.
أسباب شائعة
وتغيب الأسباب الخطرة المسؤولة عن هذه الحال، إذ أن غالبية المصابين يشعرون بالتحسّن لمجرد تغيير نمط حياتهم أو اتّباع بعض أساليب الاسترخاء أو الراحة أو تناول بعض المسكنات الدوائية.
ومن بين أبرز أسباب هذا الصداع شيوعاً:
- عدم الحصول على قسط كاف من النوم، أيّ أقل من 6 ساعات نوم متواصلة أثناء الليل.
- عدم تناول الوجبات الغذائية بانتظام، ما يؤدي إلى تغيّر مستوى السكر في الدم، سواء بالزيادة
أو النقصان. وقد أشارت «هيئة الغذاء والدواء الأميركية» FDA إلى أن الحرمان من الطعام لفترات طويلة من اليوم كاتّباع حميات قاسية يؤدي إلى حدوث صداع، كما أن الجفاف والعطش الشديد قد يزيدان من حدّة الألم.
- تناول المشروبات المنبّهة المحتوية على الكافيين كالشاي والقهوة باستمرار، فيصبح الشخص عرضة للإصابة بهذا النوع من الصداع عند الامتناع عن تناول الجرعة اليومية له.
- الإكثار من استهلاك بعض الأطعمة كالجبن والنقانق لاحتوائها على مادة «التيرامين» Tyramine، وهي أحد منتجات الأحماض الأمينية التي تصاحب ارتفاع ضغط الدم والصداع.
- الإجهاد البدني والذهني الناتج عن ضغوط العمل المتواصلة وإبقاء الرأس والرقبة في وضع منتصب لفترات طويلة.
- يصيب هذا الصداع غالبية النساء قبل نزول الحيض، نظراً للتغيّرات الهرمونية التي تتعرّض لها في هذه الفترة من الشهر.
- التعرّض لبعض العوامل البيئية، أبرزها: الروائح النفاذة وتغيّر المناخ ونقص الأوكسيجين في الجسم وزيادة ثاني أكسيد الكربون والضوضاء والأضواء المبهرة والتحدّث لفترات طويلة على الهاتف المحمول والتعرّض للشمس لفترات طويلة.
- ارتباط هذا النوع من الصداع ببعض الأمراض كاضطرابات الجهاز الهضمي وسوء عملية الهضم وأوجاع الأسنان وعيوب قصر النظر وارتفاع ضغط الدم والإمساك والتهاب الجيوب الأنفية، والذي يتميّز بحدوث الألم في مقدّمة الرأس والوجه نظراً لوقوع الجيوب الأنفية تشريحياً خلف الأنف والعيون والوجنتين، ويزداد الألم مع الحركة والميل إلى الأمام أو عند الاستيقاظ مبكراً من النوم، مصحوباً باحتقان في الحلق وإفرازات أنفية.
- الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية البسيطة كالملل أو الكآبة البسيطة أو التقلّبات المزاجية.
التوصيات العلاجية
- قد يزول الألم بمجرد الشعور بالراحة، مع إغلاق العينين وإبقاء الرأس مستنداً إلى الخلف.
- استخدام التقنيات الطبيعية في العلاج وأشهرها أساليب الاسترخاء كاليوغا والتنفس بعمق والتدليك باستخدام الماء الدافئ، خصوصاً في أسفل الرأس والجزء العلوي من الرقبة.
- استعمال بعض العقاقير المسكّنة عند اللزوم، شرط أن يتمّ هذا الأمر بإشراف الطبيب.
وهناك اتجاه جديد في علاج الصداع بالطاقة التي تركّز على مراكز محدّدة في الجسم، وتفيد في منع ومكافحة حالات الصداع البسيطة، أبرزها:
- العلاج بالألوان: يعتمد على استغلال القوى العلاجية للألوان والضوء في إعادة التوازن الطبيعي إلى أجهزة الجسم، فللأخضر تأثير مهدئ ومطمئن، أما الأزرق فيوصى به لحالات الصداع الناتج عن أوجاع الأسنان لخصائصه المنشّطة والمسكّنة.
- العلاج المغناطيسي: تستخدم القوى المغناطيسية الحيوية أو المغناطيسية الكهربائية لعلاج الحالات الجسمانية والعاطفية المختلفة، وتزداد فعاليته في حالات الصداع وأوجاع الظهر. ويتمّ إلصاق المغناطيس بأشرطة عازلة على منطقة الألم كالجمجمة لفترة محدّدة.
متى تجدر استشارة الطبيب؟
- في حال الإصابة بالصداع للمرة الأولى بشكل يتعارض مع أنشطتك اليومية.
- في حال التعرّض للصداع بشكل مفاجئ وعنيف.
- عند الشعور أن هذه المرة هي الأسوأ على الإطلاق حتى في حال تعرضك للإصابة به باستمرار.
- إذا كان مصحوباً بلعثمة في النطق واضطراب في الرؤية ومشكلة في تحريك الأطراف واختلال في الاتزان أو ضعف في الذاكرة.
- إذا ما ازدادت شدّته بشكل مستمر ومتواصل على مدار 24 ساعة.
- إذا كان مصحوباً بتشنّج في عضلات الرقبة وارتفاع في درجة الحرارة وقيء أو رغبة فيه.
- في حال التعرّض لحادث أو جرح في الرأس.
- إذا ما كان متمركزاً حول إحدى العينين، مع احمرار أو احتقان بها.
- إذا تجاوز عمر المصاب الخمسين عاماً، وبدأ يشعر بالصداع للمرات الأولى، مصحوباً باضطراب في الرؤية يزداد عند مضغ الطعام.
3 أنواع من أوجاع الرأس
صنّف أطباء من جامعة طب كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية أوجاع الرأس إلى 3 فئات مختلفة، هي:
1 الصداع العصبي Tension headache: يصيب الصداع العصبي، بصورة عامّة، النساء أكثر من الرجال لأسباب سيكولوجية ونفسية، ويستمر الشعور بالألم لساعات قليلة فقط اثر الإصابة به.وقد قامت "الجمعية الدولية لآلام الرأس" بتحديد أبرز العوامل المسؤولة عنه، وحصرتها في: التعرض للإجهاد الذهني والبدني والإضطرابات النفسية (الاكتئاب والتوتر) أو التعرض لأي ضغط عصبي والجلوس في وضعية خاطئة أو إبقاء الرأس لفترة طويلة في وضعية معينة خصوصاً أثناء الأعمال الكتابية واستخدام الكومبيوتر لفترات طويلة. وفي العادة، يستجيب هذا النوع من الصداع للعلاج بالاسترخاء والمسكنات العادية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، كما يتحسّن بممارسة التمرينات الرياضية اليومية.ومن المعروف أن هذا النوع يحدث شدّاً في الرقبة والجبهة وفروة الرأس، لذا يعد تدليك فروة الرأس أمراً ضرورياً في إتمام العلاج.
2 الصداع العنقودي Cluster headache: تشير إحصائية نشرت حديثاً في صحيفة "الديلي تلغراف" البريطانية إلى أن هذا النوع من الصداع يصيب الرجال أكثر من النساء بنسبة تتراوح ما بين 15.8% إلى 21.3%.وتتمثّل أعراضه، في:نوبة من الألم الشديد في جانبي الرأس، مصحوبة بألم قوي في احدى العينين. وتفيد دراسة صادرة عن جامعة طب أكسفورد أنّ معدّل الإصابة بنوبات هذا النوع من الصداع تتضاعف كثيراً أثناء النوم، وقد تستمر لساعة كاملة.
3 الصداع النصفي Migraine: يصيب ملايين الأشخاص حول العالم في كل عام. ويعزو الباحثون الإصابة بهذا النوع إلى اتساع بعض الأوعية الدموية وضيق بعض الشرايين الأخرى في الدماغ، ما يعيق وصول الدم إلى المخ بشكل طبيعي، وبالتالي عدم إمداد المخ بالأوكسجين اللازم له للقيام بالوظائف العصبية، الأمر الذي ينجم عنه الشعور بالصداع النصفي.