سُمي بالعالم الافتراضي والبُعد الثالث في حياتنا، ولكنه أصبح اليوم بعداً أساسياً يكاد يصل إلى المرتبة الأولى في أهميته لدى الكثير من الأفراد، وأفرط الكثيرون في استخدامه حتى أصبح بديلاً واقعياً عن العالم الحقيقي، ونتجت عنه الكثير من الإيجابيات، وبالمقابل الكثير من السلبيات والسلوكيات التي اختلف حولها مرتادو تلك الشبكة العنكبوتية، إحداها إفشاء الأسرار حيث يخبر المثل الايطالي: «إذا تجاوز السر ثلاث آذان انتشر»، واليوم اعتبر الكثير من الأفراد شبكات التواصل الاجتماعية والمنصات الإلكترونية ملاذاً للكثير من لحظات ووقائع حياتهم اليومية، فأصبحوا كالكتب المفتوحة على الملأ.
«سيدتي نت» استقصت آراء بعض الشباب والفتيات في السعودية حول ذلك السلوك، فقالت خلود العسكر، 32 عاماً، موظفة في القطاع الخاص إنّ الفضفضة غالباً بأشكالها المختلفة تكثر من الفتيات عن الصبيان، وترى أن شبكة «تويتر» يكثر فيها هذا النوع من الفضفضة الإلكترونية إلى حد أن الفتيات يذكرن تفاصيل حياتهن وممتلكاتهن وعلاقاتهن الخاصة على الموقع.
ويرى المهندس علي عبدالقادر البالغ من العمر 26 عاماً، أنّ البعض من فرط استخدامهم بشكل متكرر للشبكات الاجتماعية، أصبحوا يخلطون بين الأحداث في حياتهم الواقعية وبين الأحداث التي يتابعونها في العالم الافتراضي، كما أنّ الأفراد قد يخفون بعض الأمور عن حياتهم الواقعية أمام الأفراد الحقيقيين، في حين يعلنون عنها في شبكات التواصل، في كلتا الحالتين قد يتعرض الشخص لبعض المواقف المحرجة أمام أصدقائه، وذكر موقفاً له، حيث كان يُخفي إتقانه للعزف على الجيتار عن حياته العامة، وفي أول سنة جامعية قام بإضافة بعض الأصدقاء المقربين فصادف رؤية أحد المعلمين لمنشوراته ومقاطع الفيديو الخاصة بعزفه ففاجأه الدكتور المحاضر في إحدى المحاضرات بقوله: «وأنت تعزف الجيتار وموهوب أيضاً وما عندنا خبر؟!».
ويقول هشام مسعود، مصور فوتوغرافي، 30 عاماً: «الفضفضة وكثرة الكتابة في شبكات التواصل أصبحت واقعاً مواكباً للعصر، ويعتمد بشكل كبير على ما يقوله الشخص ومدى الثقة في الشخص الآخر، كما أن الفضفضة لها أغراض كثيرة، قد تكون للتنفيس أو لاستجلاب المشاعر، وقد تكون للمباهاة والمفاخرة، وهذا ما يحدث غالباً، وقد تكون لهدف تجاري أو تسويقي، وذكر موقفاً طريفاً لأحد زملائه في العمل حيث قام بتصوير مادة الجلوكوز وهي في يده وهو في حالة مرض في إحدى المراكز الصحية، ونشرها على صفحته في إحدى شبكات التواصل ليقنع زوجته التي تسكن في دولة أخرى بأنّه تعب من كثرة العمل.
أحمد يوسف، صحافي يبلغ من العمر 29 عاماً، يعتقد أنّ الإنترنت أتاح مساحة من الخصوصية والتسهيلات والسرعة في إيصال المعلومة والتواصل مع المختصين ومع الأفراد الآخرين، بهوية غير حقيقية أحياناً وعرض المشكلات، وبالمقابل ظهرت السلبيات التي جردت الأفراد من خصوصيات أخرى، وساهمت في قلة التواصل المباشر.
الرأي الاجتماعي
يخبرنا الدكتور مبارك الحارثي، أخصائي ومستشار اجتماعي في جمعية تعافي، أنّ للموضوع أبعاداً سلبية عدة، والبعد الأهم هو انعدام الخصوصية في استخدام شبكات التواصل، وقد حدثت الكثير من مسائل الانفصال بسبب النشر المبالغ فيه، أو النشر بشكل غير مرغوب فيه من الطرف الآخر، ما يؤدي إلى كشف بعض تفاصيل الحياة أو أسرارها، والبعد الآخر انشغال الأهالي والأفراد القدوة عن الأبناء والأقارب، ما يجعل الفرد يتعمق في شبكات التواصل والعلاقات الإلكترونية المختلفة وابتعد عن الجو الحميمي الأسري، البعد الثالث هو بعد سلبي في التواصل مع الأفراد غير الثُقات، هؤلاء هم من يروجون لأمور أو سلوكيات سلبية ويُظهرونها بشكل إيجابي يُقنع الشخص الذي يتحدث أو يُفضفض بها، وهناك بُعد آخر إيجابي إذا كان نقل الأحداث للاتعاظ أو نقل خبرة ما، أو رسالة إلى فئة معينة من الأفراد، ولابد من الأسرة أن تعطي الثقة للأفراد وتثقيفهم حول التواصل الإلكتروني، بالإضافة إلى إيجاد المساحة الكافية للحوار، ومساحة محددة للاستخدام بعض الأحيان في بعض الأوقات.
تطبيقات للفضفضة
يقول الكاتب الإنجليزي الشهير «أوسكار وايلد»: «إنّ الرجل سيقلل من نفسه عندما يتحدث عنها، أعطه قناعاً وسيقول لك الحقيقة» لذا فمن الذكاء أن تبتكر أموراً مواكبة لبعض متطلبات الأفراد في العصر الذي تعيش فيه، لذا قام بعض مبرمجي التطبيقات الذكية بإطلاق تطبيقات تعتني بشكل خاص بأمر الفضفضة والبوح، فتطبيق «Masque» يسمح بالدردشة باسم مستعار ومشاركة الوسائط أيضاً وتطبيق «Secret» الذي يتيح التعرف على أشخاص جدد في كل مرة تستخدمه ومشاركتهم أسرارك وأفكارك الغريبة وتطبيق «Whisper» أحد تلك التطبيقات التي تضمن السرية، حيث يتمكن الشخص من محادثة الآخرين والرد عليهم بشكل سري، وقد ذكرت الشركة المبرمجة أن 70% من المستخدمين للتطبيق نساء.
«الفضفضة الإلكترونية» أسرار على الملأ
- أخبار
- سيدتي - فاطمة باخشوين
- 31 أكتوبر 2016