عملت الفنانة إشراق العويوي على تأسيس أول مدرسة لفن المنمنمات على مستوى السعودية والخليج، وتتطلع من خلالها لتطوير هذا الفن وحمايته من الاندثار، باعتبارها وثائق تاريخية تمثل حياة المجتمع العربي الإسلامي المعاصر، وفيها عادات الأمة وتقاليدها وقيمها، وأنماط السلوك والأعياد والأحداث التاريخية والبيئة والعمارة، فضلاً عن قيمتها الفنية. حول بداياتها والعقبات التي واجهتها وطموحاتها المستقبلية، كان لنا معها هذا الحوار:
* كيف كانت بداياتكِ في رسم المنمنمات؟ وما سبب اختياركِ له دون غيره؟
بداياتي في الرسم منذ أن كان عمري ست سنوات فقد جذبني من الطفولة بعالمه السحري بما يحمله من حكايات عالمية تحتوي على رسوم توضيحية (Illustrations)، فتحت أبواب الخيال الخفية لعوالم سحرية رافقتها رغبتي في إثبات الذات والتعبير عن مشاعري وأحاسيسي.
سبب اعتناقي لفن المنمنمات يعود إلى عشقي للفنون الإسلامية، ولقراءة الكتب، وأغرمت بالمنمنمات الموجودة في الكتب القديمة مثل: كتاب كليلة ودمنة. وعشقتها لما تفصح عنه من معانٍ جميلة ما جعلني أستوحي لوحاتي من القصص الشعبية التي ترويها لي جدتي بما تحمله من عبق الماضي، وعصور غابرة لم أعاصرها.
وتدربت على يد الفنانة معصومة الماحوزي، وعندما كنت بعمر 11 سنة تدربت على يد الفنانة القديرة خلود السالم، وبعد ذلك على يد الفنان قاسم ربيع بور، ثم الفنانة مرضية باشائي لمدة ست سنوات في معهد مشهد للفنون الجملية. وكذلك حضرت ورشة عمل للفنانين موسى كشكاش، ومصطفى بلكحلة في معرض لوحة وفنان بأرامكو السعودية.
منمنمات بطابع خليجي
* ماذا أضاف لكِ فن المنمنمات؟
إضافتي في مجال المنمنمات تمثلت في إضافة الطابع والتراث الخليجي من حيث المواضيع وملامح الوجه، وطورت في التقنيات من حيث دمج الألوان، وإضافة الظل والضوء في بعض اللوحات.
* ما المنمنمات، والأدوات المستخدمة فيه؟
المنمنمات عبارة عن صور إيضاحية لمضمون المخطوطة أو الكتاب، مهمتها تمثيل الفكرة بشكل مصغر وبالألوان، والمنمنمات الإسلامية حفظت لنا صور الحياة والبيئة، والعادات، والطقوس، والتقاليد، وأنماط السلوك، والأعياد، والأحداث التاريخية، وطبيعة المناخ، والعمارة، والزي، والفنون، ومفردها «منمنمة» والمنمنمات تتصف بسعة دلالتها، فهي تعني الإنتاج الفني صغير الأبعاد الذي يتميز بدقة الرسم والتلوين، وهي تطلق عادة على الأعمال الملونة وغيرها من الوثائق المكتوبة، المزينة بالصور، أو الخط، أو الهوامش المزخرفة على الخشب والعاج والعظام، والجلود والكرتون والورق والمعدن وغير ذلك من المواد.
فن مندثر ونادر
* هل أُعطي هذا الفن حقه في الدول العربية؟
الفنان العربي ابتعد عن هذا الفن، وأصبح في بعض الدول الإسلامية يمارس ويدرس، ويزدهر، فاشتهر في الهند، وباكستان، وطاجاكستان، وإيران، وفرنسا، وإسبانيا، أما في الدول العربية فتميزت به الجزائر.
* ما ينقص هذا الفن في السعودية؟
للأسف الشديد هذا الفن مندثر ونادر في الخليج والسعودية، حيث يوجد من يمارس فن التذهيب وهو نوع من فن المنمنمات، ولكن لا يوجد من يمارس رسم فن المنمنمات من نوع رسم الأشخاص أو نوع الطيور والزهور. وينقصه دعم المؤسسات الحكومية والخاصة وتسليط الضوء عليه إعلامياً، وكذلك تنقص المراكز الأكاديمية المتخصصة في تدريس هذا الفن والمعارض، ولكن توجد بوادر أمل جميلة في تنظيم معارض فنية مثل: أرامكو السعودية.
وقت طويل
* كم من الوقت تحتاجينه في الرسم؟
أقضي من 6 إلى 12 ساعة في الرسم، حيث تحتاج الرسمة من 20 إلى 100 ضربة من الفرشاة التي تتألف من شعرة إلى خمس شعرات، أو 10 شعرات. وتحتاج اللوحة من 3 إلى 6 أشهر، والبعض إلى سنة لرسمها، وقد أنتجت نحو 27 لوحة فنية من المنمنمات.
* ما طموحاتكِ المستقبلية؟
نظراً لاندثار هذا الفن، وما يحمله من شواهد على حضارتنا الإسلامية، وما يمثله من تمسك بالأصالة والتراث كان إصراري على إضافة ثوب الحداثة ممتزجة بالأصالة، ولذلك أصبح من أهدافي تأسيس مدرسة المنمنمات في الخليج، وفي السعودية خاصة، بشكل متوسع، وبإمكانيات أكبر، ونشر الثقافة والوعي بفن المنمنمات، وإن شاء الله سوف أشارك قريباً في المهرجان الدولي للمنمنمات في الجزائر للعام 2012م، وكذلك سوف أشارك في معرض للفن التشكيلي بدبي بدولة الإمارات.
بطاقة
إشراق أحمد العويوي خريجة فنون جميلة بمشهد، أسست أول مدرسة لفن المنمنمات في منطقة (البحر) شرقي السعودية، شاركت في عدة معارض منها: معرض أمجاد وطن، ومعرض محايل أدفا 1433هـ، ومعرض أرامكو، المنمنمات 1432هـ.
تابعوا الحوار الكامل في عدد "سيدتي"1657