مثل أي حضارة أخرى عاشت ولا تزال على وجه كوكبنا، تمكنت الحضارة العربية منذ بداياتها أن تصنع خصوصيتها بكل ما له شأن في الحياة، لا سيما تلك الأمور اليومية التي تعبر عن حياة الإنسان العربي بشكل أوسع وأكثر دقة، ولأننا أهل لغة وأدب، كانت كل الأمور التي تم تسميتها أو التعامل فيها، تعود إلى جذور لغوية عميقة، ومعانٍ تُرد مباشرة إلى لغتنا العربية الكبيرة.
ومن المعلومات التي لا يعرفها إلا القليل فقط، أن أسماء الأيام في التاريخ العربي، لم تكن كما نعرفها الآن "السبت، الأحد، الإثنين، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس والجمعة"، بل كان لها أسماء أخرى، كل واحد منها له علاقة متينة بحالته ووضعه بشكل عام، وكيف يراه ويعيشه الناس، بشكل يتعدى مجرد ترتيبه العددي بين أيام الأسبوع.
والجدير بالذكر، أن أيام الأسبوع عند العرب القدماء، كانت تبدأ بيوم الأحد، وفي هذه المقال، سنعرض عليكم أسماء أيام الأسبوع السبعة عن العرب القدماء، وسبب تسميتها في ذلك الوقت.
يوم الأحد: الأول
كان يوم الأحد عند أجدادنا من العرب القدماء يُسمى "الأول"، وذلك لأنه يفتتح أيام الأسبوع، ويُعد أول هذه الأيام، ومنه يبدأ العد في هذه الأيام حتى آخرها.
يوم الإثنين: الأهون أو الأوهد
أما يوم الإثنين، وهو ثاني أيام الأسبوع، فقد كان العرب يطلقون عليه اسم "الأهون" أو "الأهود"، وذلك للدلالة على سهولة مرور هذا اليوم، ولأنه كان يُعتبر خفيفاً وسهلاً بالنسبة إلى باقي الأيام.
يوم الثلاثاء: الجُبار
يوم الثلاثاء، والذي يأتي في منتصف أيام الأسبوع، كان يدعونه العرب بـ"الجُبار"، وعن سبب تسميته بهذا الاسم، قيل لأنه "جُبر فيه باقي أيام الأسبوع"، وذلك لانتصافه ترتيب الأيام، فكان كأنه حلقة الوصل بين بداية ونهاية أيام الأسبوع.
يوم الأربعاء: الدُبار
ويوم الأربعاء، أو رابع أيام الأسبوع عند أجدادنا من العرب القدماء، فهو يوم "الدُبار"، وقد تم تسميته بذلك لأنه جاء بعد اليوم الذي تم من خلاله "جَبر" أيام الأسبوع، وقال العرب القدامى أنه "دَبُرَ ما جُبِرَ به العدد"، أي جاء بعده وتبعه، وكلمة "دبر" معناها ما تلا أو تبع أمر ما.
الخميس: المؤنس
ولأن اللغة العربية لم تكن مجرد طريقة للتواصل، كحال الكثير من اللغات الأخرى، وبأنها لغة شعر وأدب ومعنى عميق، أطلق العرب على يوم الخميس، أو خامس أيام الأسبوع اسم "المؤنس"، تعبيراً منهم بأنه اليوم الذي يأتي قبل نهاية الأسبوع، ووهو اليوم الذي يميل فيه الناس إلى الإستمتاع ببعض الملذات والفرح، فهو اليوم الذي "يؤنس" فيه الناس من تعب أيام العمل السابقة.
يوم الجمعة: عروبة
أما سادس أيام الأسبوع عند العرب، واليوم قبل الأخير، فقد كان يوم الجمعة، الذي أطلقوا عليه في ذلك الوقت اسم "العروبة"، وهو مُشتق من كلمة "الإعراب" بمعنى "الإفصاح"، ويرى عدد من المؤرخين، أنه كان قد تم اشتقاق اسمه من كلمة "العرب"، وذلك تمجيداً واحتراماً لهذا اليوم، الذي لطالما كان يوماً له أهمية وقدسية كبيرة عند العرب.
يوم السبت: شِيار
أما آخر أيام الأسبوع وسابعها، فهو يوم السبت، الذي كانوا يطلقون عليه اسم "شِيار"، أي بمعنى الشيء الذي تم أخذه من مكانه، وإظهاره في مكان آخر.
وكان الشاعر الجاهلي أبا بكر محمد بن الحسن بن دريد، الذي يعدّ أحد أهم علماء اللغة العربية وأدبائها، وهو من أشهر الشعراء القدامى، كان قد ذكر أيام الأسبوع بتسمياتها القديمة في أبيات من الشعر جاء فيها:
أؤمّل أن أعيش وأنّ يومي ** بأوّل أو بأَهْوَن أو جُبَار
أوالتالي دُبَار أو فيومي ** بمُؤْنِس أو عَرُوبَة أو شِيَار
وقال العرب القدماء في ذكر يوم الجمعة أو كما كانوا يسمونه "عروبة":
يا حُسْنَهُ عند العزيز إذا بدا ** يوم العَرُوبَة واستقرّ المنبرُ