بصعود لافت وخطوات مدروسة وثابتة، تواصل الفنانة هبة طوجي مسيرتها الفنية. وما حقّقته خلال العامين الماضيين، شكّل نقلة نوعية في مسيرتها ميّزتها عن سائر الفنانات اللبنانيات والعربيات، فهي أول فنانة عربية في مسرحية «notre dame de paris» العالمية التي تجول فيها حول العالم، كما أنها تعتبر أول فنانة لبنانية وعربية تغني في السعودية. في المقابل سوف تغني هبة طوجي لأول مرّة في مصر، التي وصلت إليها من خلال الأغنية اللبنانية، وهذه الناحية تُحسب لها.
«سيدتي» التقتها في حوار شامل عن الفن وحياتها الخاصة..
تعرضين حالياً مسرحية notre dame de paris في تركيا، ماذا أضاف إلى تجربتك الفنية تقديم هذا النوع من الأعمال المسرحية التي تجولين بها كل دول العالم؟
مسرحية notre dame de paris هي الأشهر في العالم والمشاركة فيها خطوة عالمية وهي تضيف إليّ الكثير فنياً كما على مستوى الانتشار العالمي، كونها تتيح أمامي الفرصة للتعرّف على جمهور من جميع أنحاء العالم، وأقدّمها على أهم المسارح العالمية. في العام 2017، بدأنا العروض في قصر المؤتمرات في باريس لمدّة ثلاثة أشهر، ومن بعدها قمنا بجولة على المدن الفرنسية شملت أكثر من 80 عرضاً مسرحياً، كما سافرنا إلى آسيا وعرضناها في تايوان ووصلنا إلى الجمهور الآسيوي، الذي كان يعرِف عنها ويعتبر أن المشاركة فيها هو بمثابة إنجاز للفنان، مما حقّق لي انتشاراً هناك. وهذه تعتبر خطوة مهمة أيضاً، كما عرضنا المسرحية في بروكسل وجنيف ولبنان. في العام الحالي 2018سنقوم بجولة عالمية تبدأ من تركيا حيث سنقدّم 20 عرضاً، ومن بعدها سنعرضها في «سان بطرسبرغ» في موسكو. وتكمن أهمية العرض في روسيا أننا سنقدّم المسرحية على أهم المسارح من بينها مسرح «الكرملين» الشهير، وهذه تعدّ خطوة مهمة لي كذلك. وابتداءً من شهر أغسطس (آب)، سنقوم بجولة في عدد من المقاطعات الكندية ولمدّة 3 أشهر. وهذا الأمر يعدّ أيضاً انتشاراً عالمياً وخطوة عالمية، سوف تضيف إليّ فنياً وعلى مستوى الانتشار.
عندما تعرضون في تركيا بأي لغة تقدّمون المسرحية، خصوصاً وأنه يعرف عن الشعب التركي أنه لا يجيد لغات أجنبية؟
نحن نعرض المسرحية باللغة الفرنسية، والجمهور الذي يحضرها لا بدّ وأن يكون بينه من يجيد اللغة الفرنسية، ولكن الأكثرية تكون من أبناء البلد وهنا تكمن أهمية المسرحية، وهذا هو المعنى الحقيقي للعالمية. عندما أسافر إلى أي بلد مع مسرحية notre dame de paris، فإني أغني باللغة الفرنسية، ونحن مثلاً عندما قدّمناها في تايوان كان 90 % من جمهور الصالة من تايوان بالإضافة إلى بعض الجمهور الذي كان من الجالية الفرنسية. هذه المسرحية مشهورة عالمياً والكلّ يحفظها باللغة الفرنسية وشأنها شأن أي أوبرا تعرض في العالم سواء كانت باللغة الإيطالية أو الألمانية أو أي لغة أخرى، حيث يكون هناك جمهور لا يفهم اللغة بالضرورة.
عادة في عروض الأوبرا، تكون هناك ترجمة تمرّ على الشاشات، وحتى لو لم تتوفّر الترجمة فإن الجمهور يتابعها. نحن نعرض المسرحية باللغة الفرنسية لأن الموسيقى هي لغة عالمية.
هل ترين أن مشاركتك في هذه المسرحية، تميّزك عن سواك من الفنانين اللبنانيين والعرب، وهل تعتبرينها التجربة الأهم في مسيرتك الفنية؟
أي عمل يقدّمه الفنان لا بدّ وأن يميّزه عن غيره، فكيف يكون الحال إذا كان العمل هو مسرحية غنائية عالمية منتشرة حول العالم. لا شك أنها خطوة عالمية وفيها تميّز وإنجاز لم يتمكّن الكثيرون من تحقيقه. عادة أنا لا أرتّب أعمالي على أساس الأهم أو الأقل أهمية، بل أعتبر أن أي عمل أشارك فيه هو الأهم، وإن كانت هناك مراحل تحوّل في مسيرة الفنان، تجعله يقفز خطوات أكبر. كل أعمالي مع أسامة الرحباني من ألبومات ومسرحيات تعدّ إنجازاً سواء لقيمتها الفنية الكبيرة أو لتعاملي مع أشخاص كبار من بينهم أسامة الرحباني، وكبير العائلة منصور الرحباني. كذلك تعتبر مرحلة «ذا فويس» نقطة تحوّل، ومثلها مسرحية «notre dame de paris» وأيضاً الحفل الغنائي الذي أحييته في المملكة العربية السعودية كوني أول امرأة تغني فيها. كلّها إنجازات مهمة وأنا أعتزّ فيها، وهي تتيح أمامي الفرصة للتطور والتقدّم أكثر وتحقيق نجاح أكبر. المهم هو الاستمرارية، والتعامل مع أي عمل نقدّمه على أنه الأهم بالنسبة إلينا.
تجربة غنائي في السعودية
كنت أول فنانة لبنانية وعربية غنّت على مسرح في السعودية. كيف تتحدّثين عن أصداء الجمهور معك ومع الأغاني التي قدّمتها هناك، خصوصاً وأننا شهدنا من خلال «السوشيال ميديا» بأن التجاوب معك كان كبيراً؟
لا شك أن هذا الأمر يعتبر إنجازاً مهماً لي سواء على الصعيد الشخصي أو على صعيد حقوق المرأة، وهو موضوع يعني لي الكثير وأحب دائماً أن أتحدّث عنه وأن أشارك فيه. أنا كنت سعيدة بمشاركتي بهذا الإنجاز، ولا أستطيع أن أصف كم كانت ردة الفعل إيجابية، وكم كان التفاعل بيني وبين النساء كبيراً. وهذه الحفلة هي من أكثر الحفلات التي لمست فها تفاعلاً وتأثّراً مع الجمهور. النساء كن يردّدن الأغاني معي عن ظهر قلب، بل هنّ كنّ يصرخن فرحاً والضحكة العريضة ترتسم على وجوههنّ، والدموع تملأ عيونهنّ، وخصوصاً مع أغنية «مين اللي بيختار» التي اعتبرنها نشيداً لهنّ، لأنها تحكي عنهنّ وعن المرأة التي بإمكانها أن تأخذ قرارات، عن المرأة التي باستطاعتها أن تكون قوية وأن تعتمد على نفسها. هذه الأغنية لقيت صدىً كبيراً ووصلت إلى النساء السعوديات اللواتي وجدن أنها تعبّر عنهنّ، وهي كانت أحد أسباب دعوتي للغناء في السعودية. وأنا لن أنسى هذا الحفل أبداً وهو سيبقى من أجمل الذكريات عندي. ولعلّ أهمية هذا الحدث أيضاً أنه تمّت تغطيته إعلامياً من قبل كل وسائل الإعلام العالمية، المكتوبة والمرئية، وهذا ما يجعني فخورة بهذا الإنجاز، وأتمنى أن نستمرّ في حَمْل هذه الأفكار والتحدّث عنها.
برأيك لماذا تمّ اختيارك دون سواك من الفنانات لإحياء حفل في السعودية؟
لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال، ولكنني أظن أن السبب يعود إلى أن كل الأعمال الفنية التي طرحتها مع أسامة الرحباني راقية وفيها فن ملتزم، كما لأني أتعامل مع عائلة الرحباني التي تحظى بالاحترام في أي مكان في العالم. وربما لأنني بالنسبة إليهم أمثّل المرأة التي تستطيع أن تحقّق توزاناً بين المبادئ والتقاليد في الدول العربية، وفي الوقت نفسه، عندها نوع من التحرّر والثقافة والحداثة. عندما أطرح على نفسي هذا السؤال، هذه هي الأجوبة التي تخطر ببالي. في النهاية، أنا امرأة كسائر النساء الجميلات ونحن نشبه بعضنا، ولدينا نفس الهموم والأحاسيس، ويهمّني أن أكون قريبة منهنّ وأن أتكلّم بأصواتهنّ.
خطوة مهمة
سوف تحيين قريباً حفلاً هو الأول لك في مصر، برأيك كيف وصلت إلى الجمهور المصري ومن خلال أي أعمال خصوصاً وأنك تغنّين بالفصحى وباللهجة اللبنانية، ومن المعروف أن الفنان غير المصري يحتاج إلى مجهود لكي يُطلب إلى حفلات فيها؟
إنها المرّة الأولى التي أغني فيها في مصر، منذ أن بدأت الغناء قبل 10 سنوات، وهي خطوة مهمة بالنسبة إليّ وسوف أتشارك فيها مع أسامة الرحباني كما سوف تكون معنا الأوركسترا السمفونية «ثينك» بقيادة المايسترو الدكتور هاني حسن، وسوف أقدّم الأغاني التي انتشرت من خلالها. ما أوصلني إلى مصر، هو كل أعمالي والسنوات التي تعبت فيها وقدّمت خلالها موسيقى وفناً. كل هذه الأعمال وصلت إلى الجمهور المصري، مع أنها باللغة اللبنانية وبالفصحى وهنا تكمن الأهمية، لأنني تمكّنت بهويّتي وبلهجتي اللبنانية من الوصول إلى الجمهور المصري الذي يحبّ أعمالي والفن الذي أقدّمه. سبق أن تلقّيت عروضاً للغناء في مصر، ولكن الوقت والعرض لم يكونا مناسبين، وانتظرت إلى أن حان الوقت والفرصة المناسبان ولبّيت هذه الدعوة التي أفتخر فيها. كل فنان يتمنّى الغناء أمام الجمهور المصري وأنا سعيدة بأنني سوف أحيي في مصر حفلاً في أبريل (نيسان) وأنا أعد بأنه سيكون رائعاً.
هل يمكن القول إنك تشكّلين خلطة فنية فريدة من نوعها، خصوصاً وأنك استطعت أن تحقّقي توازناً في مسيرتك الفنية، سواء من خلال تواجدك في أوروبا وفي لبنان والدول العربية في وقت واحد، أو من خلال نجاحك بالغناء باللغتين العربية والأجنبية؟
منذ عامين، وأنا أتواجد بين أوروبا ولبنان والدول العربية، لأنه يهمّني أن أحافظ على وجودي في بلدي والدول العربية، فهو المكان الذي أعيش فيه والذي انطلقت منه. أنا أريد الاستمرار على هذا النحو، وأشتغل على هذا الأساس، ولا أسمح لسفري وانتشاري في دول العالم أن يأخذني من عملي في الدول العربية، وفي الوقت نفسه أنا أشتغل على فني والأعمال التي أحضّرها وعروضي، في أوروبا والعالم. ولذلك أحاول أن أحقّق توازناً في الوقت، مع أني لا أنكر أن التعب الجسدي والمعنوي كبيران جداً، نتيجة سفري الدائم الذي يحرمني من الاستقرار.
الفرص تُتاح أمامي اليوم، ويجب أن أفتح لها الباب، ويجب على الإنسان ألا ينسى أصله وأن يكون وفياً للجمهور الذي أحبّه ودعمه، كما لكل الأشخاص الذين وقفوا إلى جانبه، ولذلك أنا أطمح للاستمرارية في لبنان والدول العربية والعالم.
يبدو وكأن الحفلات والمهرجانات خارج لبنان، في العامين الأخيرين، بدأت تفرز وبشكل واضح بين النجوم وبين الفنانين الحقيقيين، خصوصاً وأننا نلاحظ أن من يُطلبون إليها، هم فنانون يتمتّعون بمواصفات مهمّة على مستوى الصوت والموهبة. برأيك ما الفرق بين الفنان الحقيقي وبين النجم؟
أنا لا أحب تصنيف الأشخاص، بل أعتبر أن كل إنسان يتميّز بشيء معيّن عن الآخرين، ولكن الأمر المؤكّد أن هناك الكثير من الفنانين الموهوبين، بعضهم نجوم وبعضهم الآخر ليسوا نجوماً. النجومية تتطلّب أشياء كثيرة، فبالإضافة إلى الموهبة هناك الكاريزما والقيمة الفنية التي يقدّمها الشخص وحب الجمهور له وكميّة ونوع الحفلات التي يحييها.
أحب الجمال الطبيعي
كيف تردّين على من يتّهمونك بالمبالغة وبالجرأة في إطلالاتك؟
الجرأة موضوعية وتختلف النظرة إليها بين شخص وآخر. كل شيء أرتديه، حتى لو كان جريئاً، يجب أن يكون «كلاسي» ومحترماً. لست ضد الجرأة إذا كانت «مقولبة» بشكل صحيح وفي المكان المناسب، شرط أن تظلّ ضمن حدود الاحترام والرقيّ. أنا مع الطبيعية في الشكل وأحب الجمال الطبيعي، وأميل إلى الأشياء «الكلاسي» التي تجمع بين البساطة والأناقة، وأفضّل كل ما هو أنثوي على ما هو جريء، وفق المفهوم العام للجرأة.
كم يأخذ الاهتمام بشكلك من وقتك؟
أنا أهتمّ بشكلي كما كل امرأة تحب الاهتمام بشكلها، ولكن واجبي أكبر من هذه الناحية، بحكم التصوير الدائم وإطلالاتي التلفزيونية. أهم شيء عندي الترتيب، وأنا أهتمّ ببشرتي وشعري كثيراً، ولكن في حياتي اليومية، أميل إلى البساطة والطبيعية. كما أني أحب الموضة وأتابع آخر صيحاتها ولكنني أختار لنفسي ما يناسبني وما أقتنع به.
وما رأيك بظهور النجمات على «السوشيال ميديا» وتركيزهنّ على استعراض فساتينهنّ وأحذيتهنّ وصبغات شعورهنّ؟
لست من النوع الذي يستعرض الأشياء التي يملكها على «السوشيال ميديا»، ولكن لا مشكلة عندي إذا فعلت الأخريات ذلك، لأن كل فنانة حرّة بالطريقة التي تستعمل فيها صفحتها الشخصية وأن تعرض عليها ما تجده مناسباً لها. أنا أستعمل «السوشيال ميديا» للتواصل مع الجمهور ولكي يتعرّفوا على الأعمال التي أحضّرها، وفي بعض الأحيان أنشر صوراً من حياتي اليومية ومع أصدقائي وأحياناً أنشر صور «بيوتي شوت»، ولكنني لا أحبّ فكرة استعراض الأشياء التي نملكها.
كيف تحافظين على لياقتك. وهل تعتمدين مثلاً نظاماً غذائياً معيّناً؟
أنا آكل كل شيء ولا أحرم نفسي من شيء، ولكن بكميّات قليلة، كما أحرص على نوعية الطعام الذي أتناوله، مع أنني «أفلت» أحياناً وآكل على سجيّتي.
ما هي المأكولات التي لا يمكنك الاستغناء عنها؟
أنا أحب الشوكولاتة و«المقالي» كثيراً ولا يمكنني أن أمنع نفسي عنهما ولكني أتناولهما بكميّة محدودة.
وهل تمارسين الرياضة؟
نعم أنا أمارس الرياضة ولكن ليس بشكل متواصل، بل عندما أكون مرتبطة بعمل مسرحي أو حفلات لكي أحافظ على لياقتي البدنية. جسمي من النوع الذي «يحرق» ولا أعاني من مشكلة مع السمنة.
ما هي تحضيراتك الفنية للفترة المقبلة؟
حالياً أنا أتواجد في تركيا من أجل مسرحية notre dame de paris التي سوف نعرضها طيلة شهر مارس (آذار) الجاري، وفي شهر أبريل (نيسان) المقبل سوف نعرضها في روسيا، وفي أواخر أبريل سوف أحيي حفلاً في مصر. وفي أشهر أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) سوف نقوم بجولة لتقديم المسرحية في كندا. إلى ذلك نحن نحضّر للكثير من الحفلات في لبنان والدول العربية، التي سوف أتحدّث عنها في الوقت المناسب وعندما يصبح كل شيء رسمياً. كما أنني سوف أغني «تتر» مسلسل «طريق» وهو من بطولة نادين نجيم وعابد فهد وإخراج رشا شربتجي وإنتاج صادق الصباح. الأغنية من كلمات غدي الرحباني، وألحان أسامة الرحباني الذي وضع أيضاً الموسيقى التصويرية للمسلسل..
هناك دائماً وقت متاح للحب
تكرّسين كل وقتك لنشاطك الفني، ولا نعرف شيئاً عن أخبارك الشخصية، فهل يوجد حب في حياتك وهل تفكّرين بالزواج خلال الفترة المقبلة؟
لا شك أنني شخص يتعب كثيراً ويكرّس وقته لعمله، لأنني أحب فني وأعشقه وأشعر أنني أحقّق نفسي من خلاله. ولكن بالرغم من كثرة انشغالاتي، يبقى لديّ وقت لحياتي الشخصية، وهناك دائماً وقت متاح للحب. الزواج مشروع أطمح إليه، ويوماً ما لا بدّ وأن أتزوّج وأن يكون لديّ عائلة وأولاد، لكن حياتي الشخصية «شخصية» كما يقال وأفضّل أن أحتفظ بها لنفسي.
شغف وحلم
سبق وأشرت أنك يمكن أن تطلّي في مسلسل درامي، فهل من جديد على هذا الصعيد؟
«السينما والتمثيل» هو اختصاصي الجامعي ولا شك أنه يوجد لديّ شغف وحلم بأن أخطو خطوات في هذا المجال. عُرضت عليّ المشاركة في الكثير من الأفلام والمسلسلات في الدول العربية وفي الخارج، ولكني أنتظر العرض الذي يناسبني، على مستوى النوعية والوقت. بابي مفتوح لكل العروض وما عليّ سوى أن أختار ما يناسبني ويعجبني..