من البديهي للغاية، أن تحول غريزة الأبوة الإنسان الضعيف أو العادي، إلى وحش يتصارع مع وحوش الطبيعية الحقيقيين، في سبيل إنقاذ حياة أطفاله من براثن الموت، وحتى لو أدى ذلك إلى مصرعه، فالأهم بالنسبة إليه أن لا يصيب صغاره أي أذى، وجسّد أب كندي هذا الأمر بشكل واقعي خلال اليومين الماضيين، عندما حاول حماية أبنائه الثلاثة من هجوم تعرضوا له من قبل أحد الدببة القطبية الشرسة، فدفع حياته ثمنًا لذلك بعد أن صارعه وهو أعزل بدون سلاح، لكنه تمكن من إنقاذ صغاره من الموت، وذلك في إقليم «نونافوت» شمال كندا.
وبحسب ما أعلنته شرطة الخيالة الكندية الملكية، بأن «آرون جيبونز» البالغ من العمر 31 عامًا، كان في يوم الثلاثاء 3 تموز/ يوليو الجاري، في منطقة برية تشتهر بصيد الأسماك والحيوانات المختلفة، تقع بالقرب من قرية «أرفيات» على الشواطئ الغربية لخليج «هودسون» شمال كندا، وخلال تواجده مع أبنائه الثلاثة في تلك المنطقة، وجد نفسه في مواجهة غير متوقعة مع أحد الدببة القطبية الضخمة، وتابعت شرطة الخيالة الكندية، أن «جيبونز» كان أعزل حينما وجد نفسه في مواجهة الدبّ، ولم يكن حينها مُسلحًا، وأفادت الشرطة أن «جيبونز فارق الحياة في مكان الحادث، فعلاً بأنه كان قد مات بطلاً».
وقال «غوردي كيدلابيك»، وهو عمّ «جيبونز» خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة «وينيبيغ فري برسس Winnipeg Free Press» الكندية، إن ابن شقيقه كان يستمتع بيومه مع أولاده على جزيرة صغيرة، ولكن عندما بدأ الدب بمطاردة أحد أطفاله، أخبرهم بالعودة إلى القارب ووقف بين أبنائه والدب ليحميهم منه، محاولاً مصارعته وإبعاده عنهم بدون أن يحمل أي نوع من السلاح، وتابع «كيدلابيك» بأن «جيبونز» أوصل أبناءه، الذين ما زالوا في سن المدرسة بأمان إلى القارب، حيث قاموا بدورهم بطلب المساعدة من خلال جهاز اللاسلكي، ويُشار بأن «كيدلابيك» كان من بين الذين سمعوا النداء ووصفه بأنه كان «مفجعًا».
وبعد أن قام الأطفال بإطلاق نداء النجدة عبر جهاز اللاسلكي، سمعهم بعض الأشخاص الذين كانوا يتجولون قريبًا من المنطقة، وحضروا على الفور وبدأوا بإطلاق النار على الدب حتى أردوه قتيلاً، إلا أنهم لم يتمكنوا من مساعدة «جيبونز» الذي لقي مصرعه في نفس المكان، متأثرًا بجراحه التي أصيب بها من أثر الهجوم الشرس من الدب القطبي، وعلق النائب المحلي «جون ماين»، خلال مقابلة أجرتها معه هيئة الإذاعة الكندية «سي بي سي CBC» قائلاً: «إن ما حدث أمر محزن للغاية حقًا، نحن مجتمع صغير وعندما يحدث شيء كهذا، فإنه يؤثر على المجتمع بأكمله».
اقتراحات سكان المنطقة لحلّ مشكلة الدببة..
بعد أن سببت هذه الحادثة صدمة حقيقية لسكان قرية «أرفيات»، قرر الأهالي أن يواجهوا الأمر بأفضل طريقة ممكنة، وبدأوا يطرحون العديد من المقترحات لحل هذه الأزمة، حيث اقترح «كيدلابيك» عم «جيبونز»، مبادرة تنص على القيام بجولات للدببة القطبية التي تعيش في مناطق «تشرشل» و«مانيتوبا»، اللتين تقعان على بعد حوالي 250 كيلومترًا جنوب قرية «أرفيات»، وتهدف هذه المبادرة كما يقول «كيدلابيك» إلى جعل الدببة يتأقلمون مع وجود البشر.
وصرح «كيدلابيك»: «ستُعرض صور للسائحين وهم يلمسون دبًا من خلال السياج، بينما سيقوم أشخاص آخرون بجولات على القدمين بالقرب من الدببة، ومن ثم، يهاجر الدببة من مانيتوبا، حيث يتم تنظيم الجولات، نحو المجمعات السكنية الشمالية على غرار أرفيات»، ويتوقع «كيدلابيك» أن تساعد الجولات على تفسير سلوك الدببة المتغير مؤخرًا، مشيرًا إلى أنه «قبل 10 أو 15 سنة، كانت الدببة تهرب من صوت سيارة أو دراجة ثلجية لكن اليوم، لا تخاف الدببة أبدًا، وتتجول في الأماكن المجاورة للسكان، ولا تهرب، وتظل تسير في الطريق إلى جانبك، لقد فقدت الدببة أي شعور بالخوف من البشر»، إلا أن إدارة البيئة كانت قد رفضت التعليق عن وجود أي صلة محتملة بين جولات الدب القطبي والهجوم.