«الماء الأبيض» مرضٌ يتسبَّب في تشكُّل مادة سائلة على عدسة العين، وتدريجيًّا يفقد المصاب به بصره. وينتشر هذا المرض في المناطق الفقيرة بشكل كبير، خاصة في الدول الإفريقية، التي سجلت أكثر من ٣٥ مليون إصابة، وفي كل ٦٠ ثانية يُصاب طفل بالمرض فيها، هذا على الرغم من أن العلاج لا يكلف سوى ٤٠ دينارًا، والعملية لا تستغرق أكثر من ١٥ دقيقة، على أن كثيرين لا يجدون المال الكافي للعلاج؛ ما دفع عمر فاروق، الشاب البحريني، والمخرج يوسف القناعي، إلى طرح فكرة إطلاق حملة لجمع التبرعات لعلاج مرضى مصابين بالماء الأبيض في إفريقيا «نحو ٤٠٠ شخص».
وقد بدأت الحملة بجمع ١٠٠ فلس من كل شخص ينوي المشاركة فيها للوصول إلى مبلغ ٤٠ دينارًا، تمثل تكلفة العملية الواحدة، واختار عمر ويوسف زيًّا يحتوي على جيوب كثيرة لجمع التبرعات، لكنهما عند خروجهما، بعد أخذ الموافقة الرسمية، واجها تحدي إتمام المبلغ في يوم واحد فقط؛ لذا استعانا بالفنان حمود الخضر لزيارة مناطق عدة في مدينة الكويت، وطلب التبرعات فيها، وبالفعل لاقى «الفريق» إقبالاً كبيرًا من قِبل الناس، حتى إن المتبرعين كانوا يريدون وضع مبالغ أكبر من ١٠٠ فلس، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك؛ لأن هذا يخالف الفكرة الأساسية للحملة.
وساعدهم عدد من المتبرعين في جمع التبرعات، وقد زار الفريق صالة إفطار جماعي، وعلى الرغم من ضعف الحالة المادية لأغلب الناس هناك، فإن عددًا كبيرًا منهم شارك في الحملة، وعند الساعة العاشرة، طلبوا المساعدة من سيدتين لجمع التبرعات معهم، هما شيخة النوري، لاعبة ويجا بورد، وفاطمة المطر، رحالة.
وقال يوسف الهاجري: «هذا المبلغ وإن كان قليلًا، لكنه قد يشكِّل فارقًا كبيرًا لدى عائلة ما»، وأشار إلى أنه شارك في حملة مشابهة لهذه الحملة العام الماضي، وجاءت لإنقاذ طفل يبلغ من العمر ست سنوات فقدَ بصره عند ولادته بسبب الماء الأبيض، وقال: في ربع ساعة فقط، خرج وهو يبصر، وكم كانت هذه اللحظة عظيمة! حيث إنه كان يبحث عن مصادر الصوت المعروفة بالنسبة إليه، ويتعرف إلى وجوههم للمرة الأولى.
أما حمود الخضر فاستغرب من فكرة حصر التبرع في 100 فلس فقط، لكنه فهم الفكرة عند جمع المبلغ، حيث إن الكل كان قادرًا على دفعه، فقليل دائم خير من كثير منقطع.
وفي نهاية اليوم جمع الفريق ٦٣ دينارًا و٤٠ فلسًا، أي تكلفة عملية ونصف العملية، وأُطلق رابط للتبرع الإلكتروني من جميع أنحاء العالم بتصديقٍ من جمعية العون المباشر، وجرت تغطية مبلغ العلاج في المخيم الأول البالغ ١٦ ألف دينار في أول ١٥ ساعة فقط، وبقي التبرع مفتوحًا لعلاج المرضى في المخيمات الأخرى. وبلغت قيمة التبرعات في اليوم الخامس ٣٢ ألف دينار من ٢٠٧٢ شخصًا، وسافر عمر فاروق للإشراف على علاج المصابين، وتوثيق ذلك ليطمئن الناس على أن أموالهم وصلت إلى مستحقيها من المرضى.
وقد تم علاج ٤٠ مريضًا في اليوم الأول من سفر عمر، الذي كشف مدى فرحتهم الكبيرة عند نداء أسمائهم لإجراء العملية، كذلك حمل عمر لسكان قرى في إفريقيا رسائل من عشرة أشخاص عشوائيين من مدن عربية مختلفة لتوليد شعور بالتفاؤل في أنفسهم، كما حمل لهم بعض الهدايا البسيطة من متجره، وبعد الكشف على أعينهم في اليوم التالي للعملية، جمع عمر قطع الشاش التي وُضِعت على أعينهم، بالزي نفسه الذي جمع به التبرعات.
يمكنكم مشاهدة مقطع الذهاب إلى إفريقيا لمتابعة العمليات هنا: