لاشكَّ أننا نعيش اليوم في عصر انفجار معلوماتيّ غير عادي، فالمعلومات في مختلف المجالات أصبحت متوفِّرة وبسهولة، لكن لا يستطيع أحد إنكار أننا نعيش أزمة ثقافيَّة حقيقيَّة تتضح ملامحها بسهولة بين أوساط الشَّباب والفتيات، فعلى الرُّغم من أنَّ المعادلة المتوقُّع حدوثها هي أنَّ التقدُّم وزيادة المعلومات مع سهولة الحصول عليها يساوي ثقافة موسوعيَّة، إلا أنَّ الحقيقة المتواجدة والظَّاهرة للعيان هي وجود سطحيَّة واضحة في فكر وثقافة الشَّباب بما يعرف بثقافة "التيك آواي"، فهل يعاني الشَّباب فعلاً من سطحيَّة ثقافيَّة، بل وثقافة بحاجة إلى تصحيح وتوعية؟ ومن المسؤول عن ذلك؟
استطلعنا آراء الفتيات حول مصادر ثقافتهنَّ وتقييمهنَّ لمدى إيجابيَّته، وتحليل وضع جيلهنَّ الثقافيّ من وجهة نظرهن، ومعرفة آرائهنَّ ومقترحاتهنَّ حول الحلول في ما يلي:
*أسلوب التعليم هو المسؤول وبيده الحل
بدايةً تُخبرنا الموظَّفة الشابَّة "رائدة رشاد": "عادةً ما أستقي ثقافتي في المجال الذي أحبُّه وهو الاقتصاد من الكتب والإنترنت، وأنا راضية عن مستوى ثقافتي الحالي فهو يتناسب مع سنِّي، كما أنني أسعى دائمًا إلى تطويره، لكنني لا أستطيع أن أنكر أنَّ جيلنا يعاني من مشكلة انحدار ثقافيّ، حيث أصبحن الفتيات يعتبرن الكتاب حملاً ثقيلاً عليهن، أمَّا الثَّقافة التي يهتممن بها، فهي تتجه في اتجاهات مختلفة بعيدة عن مفهوم الثَّقافة المطلوب، ولاشكَّ أنَّ المسؤول عن ذلك الأمر هو أسلوب التعليم المتَّبع في مدارسنا، والذي جعل الدِّراسة تصبح وكأنَّها وجبة".
وعن الحلول من وجهة نظرها تقول: "يبدأ الحل من المدارس من خلال عودة النَّشاط اللامنهجيّ فيها، وإصدار المجلات الطلابيَّة، وتشجيع الطُّلاب على حب البحث عن المعرفة من خلال العمل الجماعيّ لإنتاج أعمال تستقي معطياتها من ينابيع الثَّقافة المختلفة".
*هروب من روتين الدِّراسة الممل
وتقول الطَّالبة "هاجر صالح": "جيلنا الحاليّ لا يهتم كثيرًا بالثَّقافة المفيدة كالأدب والعلوم والتاريخ والرياضيات، فنحن نرى أنَّ هذه المجالات لا تجذبنا، ولكن هذا لا يعني أننا لا نحب القراءة وتصفُّح الإنترنت في الأمور التي تهمُّنا كالأخبار الخفيفة والطَّريفة، والأغاني والفن وما إلى ذلك، وسبب ميولنا نحوها أننا نكون قد تشبَّعنا ممّا نأخذه في المدرسة، ومللنا منه، الأمر الذي يجعلنا نهرب من هذه المجالات إلى مجالات أخرى مسلِّية يتم عرض مضامينها بطرق أكثر جاذبيَّة بما يتناسب مع أعمارنا وميولنا".
*عزوف الشَّباب عن الثَّقافة خطأ سيجنون ثماره
وتقول "أروى عبد الهادي": "للثَّقافة مصادر كثيرة ووفيرة لمن يريدها ويسعى وراءها، وفي رأيي أنَّ أهم مصدر للثَّقافة بلا منازع هو الكتاب، يليه بعض المجلات الثقافيَّة، ثم الإنترنت وسيلة العصر، كما أنَّ الاختلاط بالنَّاس بشتى اهتماماتهم وثقافاتهم يُعتبر مصدرًا ثقافيًا هامًا، أمَّا بالنِّسبة للمجالات التي تحظى باهتمامي فهي منوَّعة، وأهمها: المجالات الاجتماعيَّة، والأمور السياسيَّة، والعلوم الدينيَّة، وعلم النفس، والآداب العالميَّة، كما أنني بطبيعة عملي وشغفي بالقراءة والتثقيف أحاول أن أطَّلع على كل ما يمكنني الاطِّلاع عليه".
وعن تقييمها لوضع الشَّباب تقول: "لاشكَّ أنَّ جيلنا يعاني من أزمة ثقافيَّة حادَّة تتعدد أسبابها ما بين طرق التعليم المنفِّرة، وعزوف الشَّباب أنفسهم عن القراءة التي تستغرق الوقت، في حين نجد أنَّ قضاء الوقت في التنزُّه والمحادثة ومتابعة التلفاز أسهل وأمتع، فأنا أرى أنَّ أساس الثَّقافة نهم وفضول وحب للمعرفة، وهو أمر يتوقَّف على الشَّخص ذاته".
وعن الحل تُخبرنا: "بدايةً يجب إعادة النَّظر في فلسفة التعليم وتنمية حب الثَّقافة في الأطفال منذ الصِّغر، أمَّا بالنِّسبة للشَّباب فعليهم أن يدركوا أنهم يعانون من أزمة قد تؤثِّر عليهم سلبًا، وأنَّهم المسؤولون عن حلِّها من خلال تخصيص وقت للمشاهدة والاطِّلاع على بعض ما هو مفيد، كما أرى أنَّ مخالطة ومصاحبة المثقَّفين من الشَّباب تخلق الحافز لدى غير المثقَّف للاهتمام بالأمر ومحاولة تثقيف نفسه".
*للتطوُّر التكنولوجيّ هفوات
أمَّا "نائلة عبد الكريم" فتقول: "أنا غير راضية عن مستوى ثقافتي الحالي، فأنا دائمًا ما أتطلَّع إلى الأفضل، وأرى أنَّ المشكلة الحقيقيَّة في أنَّ الشباب يملؤون جميع أوقات فراغهم بأشياء تافهة لا قيمة لها، فهم عندما يقرؤون أو يتصفَّحون الإنترنت، يبحثون عن المعلومات التَّافهة ذات الطَّابع الترفيهي، وللأسف انتشار الفضائيَّات والثورة الإلكترونيَّة أدَّى إلى إلهاء الشَّباب عن الثَّقافة".
كما ترى أنَّ الإعلام هو من قاد الشَّباب نحو السطحيَّة والتَّفاهة من خلال كثرة المواد والبرامج التي تُعرض حول الفن والأغاني والجمال والموضة، الأمر الذي صرف الأنظار عن مفهوم الثَّقافة المفيدة وأهميَّتها في تشكيل الوعي والسُّلوك السَّليم.
الفتيات.. هل عقولهن مملوؤة بالتفاهات؟
- ثقافة وفنون
- سيدتي - شيماء إبراهيم
- 07 يوليو 2013