سبق للأمم المتحدة، أن أطلقت الكثير من الأيام الدولية التي تحاول نشر الوعي ولفت الظر إلى العديد من القضايا المهمة والأساسية في العالم، وإيجاد حلول مناسبة لمعالجة هذه القضايا، ولكن ومن بين كل هذه الأيام، ربما يكون "اليوم العالمي للمعلمين"، والذي يتم الإحتفال فيه بـ 5 تشرين الأول / أكتوبر من كل عام، هو اليوم الأبرز والأهم للإحتفال به، ولتوجيه جُلّ نظرنا واهتمامنا صوبه، وذلك لما للتعليم والمعلمين من أهمية بالغة في إنشاء مجتمعات حقيقية قادرة على مواجهة صعوبات وتحديات المستقبل.
24 عاماً لليوم العالمي للمعلمين..
خلال العام 1994، تم الإعلان عن اليوم العالمي للمعلمين، وذلك إحياءاً لذكرى توقيع توصية منظمة الـ"يونسكو" ومنظمة العمل الدولية، التي أُتمت خلال العام 1966، والتي تتعلق بأوضاع المعلمين في مختلف دول العالم، وينظّم هذا اليوم العالمي منذ الإعلان عنه قبل 24 عاماً، بالشراكة بين عدد من المنظمات الأممية هي: منظمة الأمم المتحدة للطفولة الـ"يونيسيف"، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة العمل الدولية والإتحاد الدولي للمعلمين.
وبحسب منظمة الـ"يونيسكو"، فإن اليوم العالمي للمعلمين، يُمثل منذ اعتماد هدف التنمية المستدامة "رقم 4" المعني بالتعليم بحلول عام 2030، فرصة لاستعراض الإنجازات التي تم إحرازها في هذا المجال، والنهوض بمهنة التعليم بشكل عام، وتُحيى فعاليات هذا اليوم للعام 2018، في إطار احتفال دولي في مقر الـ"يونسكو"، بالإضافة إلى عدد من الفعاليات التي تنظم في جميع أنحاء العالم.
لماذا المعلمين علة وجه الخصوص ..؟
يبدو جواب هذا السؤال واضحاً للغاية، فالخطوة الأولى لأي مجتمع في العالم، تبدأ بكل تأكيد من المعلم، وذلك لكونه هو الشخص الذي يتولى المهمة الصعبة في أن يؤسس الأجيال القادمة علمياً وحتى أخلاقياً أيضاً، لتكون هي السواعد القادرة على بناء أوطانها، وإنجاز ما يمكن إنجازه، فمن الممكن اعتبار أن مصير ومستقبل هؤلاء الأطفال والشباب الناشئة، موجود بين يدي المعلمين، إن كان على مستوى الإنجاز والنجاح الفردي، أو على المستوى الجمعي والقيام بمجتمعاتهم وبلدانهم، وبذلك لا نلغي دور العائلة في التنشئة، إلا أننا نوجه الإنظار إلى دور المعلمين المهم مع هذه الأجيال.
لماذا علينا الإهتمام بالمعلم ..؟
هناك الكثير من الإجابات التي لا بدّ أن تكون صالحة للسؤال السابق، إلا أن منظمة الـ"يونيسكو"، أجابت عنه بالإحصائيات والأرقام، وبشكل علمي لم يكتفِ فقط بالعاطفة اتجاه دور المعلم، وأشارت المنظمة الأممية على موقعها الإلكتروني الرسمي، إلى أن هناك العديد من العوامل التي من شأنها أن تؤثر سلباً على عملية التعلّم، ومنها مثلاً، ازدحام القاعات الدراسية، وعدم توفير تدريب كافٍ للمعلمين، والافتقار إلى فرص تنمية المهارات المهنية أثناء العمل.
وعليه، كان شعار لـ"اليوم العالمي للمعلمين"، الذي أطلقته الـ"يونيسكو" لهذا العام 2018، هو "ضمان تقديم تعليم جيد يقتضي وجود معلمين مؤهلين"، وأوضحت على موقعها الإلكتروني أنه ومن هذا المنطلق، يركز هذا اليوم على الحق بوجود معلمين مؤهلين للأجيال الناشئة، وأعلنت أنه بهذه المناسبة، سيجري إحياء عدة فعاليات في مقر الـ"يونسكو" خلال يومي 4 و5 تشرين الأول / أكتوبر للعام الجاري 2018.
إحصائيات الـ"يونيسكو" في يوم المعلمين العالمي ..
وبحسب الإحصائيات الحديثة التي نشرتها منظمة الـ"يونيسكو" في اليوم العالمي للمعلمين، فإن العديد من الفصول الدراسية تخضع لإشراف أشخاص لم يحصلوا على التدريب اللازم لممارسة مهنة التعليم، إذ تفيد البيانات الصادرة عن معهد اليونسكو للإحصاء خلال العام الماضي 2017، بأنّ 85% من معلّمي المرحلة الابتدائية في العالم حصلوا على تدريب للمعلمين، ولكن هذه النسبة تخفي أوجه تفاوت كبيرة على الصعيد الإقليمي، فهناك 64% فقط من معلّمي المرحلة الابتدائية في أفريقيا جنوب الصحراء حاصلين على هذا التدريب، وتصل نسبتهم في جنوب القارة الآسيوية إلى 71%.
ويثير هذا الوضع مخاوف شديدة بحسب الـ"يونيسكو"، إذ يرافق افتقار المعلمين للتدريب الكافي ازدحام الفصول الدراسية أيضاً، وتصل نسبة عدد الطلاب في الفصول الدراسية في أفريقيا جنوب الصحراء مثلاً إلى 38 طالباً لكل معلم واحد في المرحلة الابتدائية، وذلك مقابل 35 طالباً في جنوب آسيا.
الإحتفال باليوم العالمي للمعلمين 2018 ..
وانطلاقاً من الشعار الذي أعلنت عنه منظمة الـ"يونيسكو" لليوم العالمي للمعلمين لهذا العام الجاري 2018، والذي هو "ضمان تقديم تعليم جيد يقتضي وجود معلمين مؤهلين"، ستكون مسألة توفير التدريب اللازم للمعلمين محط اهتمام جميع الفعاليات التي سيتم تنظيمها في مقر المنظمة، ومن ضمنها فعالية إصدار منشور بعنوان: "تحسين جودة تدريب المعلمين والمعلمات في أفريقيا جنوب الصحراء"، وسيم تنظيم حلقة نقاش بشأن المعلمين بحضور"أودري أزولاي"، المديرة العامة الحالية للـ"يونسكو".
وسيجري بعد الحفل الرسمي، تسليم جائزة "اليونسكو - حمدان بن راشد آل مكتوم"، لمكافأة الممارسات والجهود المتميّزة لتحسين أداء المعلمين في نسختها الخامسة، للفائزين الذين جرى اختيارهم. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الجائزة تقدّم لمكافأة مشاريع كان لها إسهامات مميزة في تحسين جودة عمليتي التعليم والتعلم.