خلدت العديد من الأماكن ذكرى تأسيس المملكة، وكانت شاهدة على هذه الرحلة التي خاضها الملك المؤسس «عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود» رحمه الله، فاكتسبت هذه الأماكن شهرتها من الأحداث المفصلية التي حدثت بها. الباحث بالتراث الوطني «أنس سندي» يعرفنا إلى هذه الأماكن، فيقول بداية: «هناك العديد من الأماكن في المملكة التي شهدت أحداثاً مهمة في تأسيسها وسنذكر منها هنا أربعة فقط».
قصر المصمك
يعد قصر المصمك الذي تحول حالياً إلى متحف، من أهم المعالم التي شهدت بدء تأسيس المملكة العربية السعودية، فمنه انطلق الملك المؤسس لضم جميع مناطق شبه الجزيرة العربية تحت حكمه. يقع في وسط الرياض، وتعني كلمة المصمك أو المسمك البناء السميك المرتفع الحصين.
يحتوي القصر على خمسة أجزاء رئيسة:
- بوابة القصر: وهي مصنوعة من جذوع النخل والأثل، وتقع في الجهة الغربية للقصر وتبلغ سماكة الباب 10 سم.
- المسجد: وهو عبارة عن غرفة كبيرة ويوجد فيها العديد من الأعمدة، ويقع على يسار المدخل.
- الديوانية: وتعني المجلس وتقع في مواجهة المدخل، وهي عبارة عن حجرة مستطيلة الشكل.
- الأبراج: يحتوي على أربعة أبراج أسطوانية في كل ركن من أركان المصمك، حيث يبلغ ارتفاع كلّ منها 18 متراً تقريباً، ويُصعد إليه بوساطة درج، وفي وسط المصمك هناك برج يسمى «المربعة»، لأنه يتميز بشكله المربع، ويشرف على القصر.
- البئر: كان يسحب منه الماء بوساطة الدلو، ويوجد في الجهة الشمالية الشرقية.
قصر شبرا
هو أحد القصور الموجودة في مدينة الطائف، وقد أنشأه «علي عبدالله بن عون باشا» في عام 1323هـ. يحتل مكانة بارزة في تأسيس المملكة العربية السعودية، لأن الملك المؤسس «عبدالعزيز آل سعود» والملك «فيصل بن عبدالعزيز»، كانا يتخذانه قصراً لهم عند زيارتهم لمدينة الطائف ويديران شؤون حكمهما من هناك. يتميز بفخامة التصميم الذي تأثر بخصائص العمارة الرومانية القديمة، إلى جانب توظيف رائع لخصائص العمارة الإسلامية والمحلية التي تتجلى بوضوح في تصميم الأعمدة والأقواس والحمامات ذات الطابع الروماني الخالص من جهة، والرواشين والأبواب والشبابيك المزينة بالزخارف الإسلامية من جهة أخرى. تم ترميمه وأصبح متحفاً مفتوحاً للزوار.
قصر السقاف
تم استقبال الملك المؤسس في مكة المكرمة في «قصر السقاف» بحي «المعابدة» وهو من أجمل قصور مكة المكرمة، من حيث المساحة وتعدد وحدات الزخرفة فيه والذي اتخذه سكناً ومقراً. يقع القصر شمال شرقي مكة المكرمة ويتكون من طابقين، له مدخل رئيس ومدخلان جانبيان على الواجهة نفسها. يلحق بالقصر في ركنه الشمالي الشرقي برج دفاعي ذو فتحات مستطيلة أُضيف في عهد الملك «عبدالعزيز» للمراقبة.يعدّ القسم الجنوبي الأقدم تاريخياً والأكبر حجماً، إذ بنيت فيه معظم القصور الملكية. تعود ملكية القصر لأحد أبناء «محمد بن عمر السقاف»، ثم اشترى الملك «عبد العزيز» عدداً منها لاستعماله من أسرة السقاف.
يتكون القصر أيضاً من مجموعة من الوحدات السكنية ومباني الخدمات الخاصة بالقصر بُنيت في فترات تاريخية مختلفة تبدأ بعام 1346هـ، وتنتهي في أواخر عهد الملك «عبدالعزيز»، ولكن يرجع تاريخ بعض هذه المباني لما قبل عهد الملك «عبدالعزيز»، وبعضها بني بعد وفاته. أقيمت هذه القصور والمباني، والوحدات السكنية على مساحة تقدر بـ 2,500 متر مربع تقريباً، وقد سلمه الملك «عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود» رحمه الله إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار للمحافظة عليه والبدء في عملية ترميمه والعناية بتطويره.
بيت نصيف
بُني عام 1289هـ، وهو بيت «نصيف عمر أفندي» الذي يعدّ أكبر بيوت جدة قديماً ويمتاز بتوسطه ساحات جدة التاريخية، متعدد الأدوار، ما جعل منه مطلاً من وسط جدة في ذلك الوقت. بني من الحجر البحري المنقبي والطين، تغلب عليه الزخارف الخشبية المنحوتة وله إطلالة ميزته في شكله وجماله. يتوسط «بيت نصيف» ساحات وحارات جدة القديمة، وتتشكل «الرواشين والمشربيات» الخشبية من زخارف إسلامية في غاية الجمال وقد اتخذ الملك «عبدالعزيز» هذه التحفة الإنشائية مقراً وسكناً لإدارة حكمه، حيث كان ينزل فيه الملك كلما جاء لمدينة جدة، واستمر ذلك لأكثر من عشر سنوات، حتى تم بناء قصره الخاص في جدة المسمى حالياً بـ «قصر خزام».