ما أكثر تلك الأمنيات التي يفصل بيننا وبينها جدار الوقت، والتي إن عاد الزمن إلى الوراء لربما دخلنا من أجل الاحتفاظ بها في معارك كبرى مع الواقع والعرف والبشر والحياة..
وأنت كنت أمنية بيضاء نبتت في داخلي حين كان في قلبي مساحات صالحة لنمو الأمنيات، فأنت تلك الأمنية التي دثرتها بالجزء الأكبر من قلبي، ووضعتها أمام عتبة باب الواقع في ليلة شتائية شديدة البرودة، ومضيت مبتعدة بكل قوتي كي لا أندم أو أتراجع، فالندم قد لا يمنحنا حق الرجوع، فقد نندم ونقف عاجزين عن العودة للنقطة ذاتها واللحظة ذاتها، ونكتشف أننا فقدنا حق العودة منذ تلك اللحظة التي قررنا فيها الرحيل، وأن أيادينا أقصر من ملامسة عجلة الزمن..
لذا تتحول الكثير من حالات الندم إلى مجموعة من الأمنيات البعيدة، التي يفصل بيننا وبينها سنوات زمنية مرعبة، لن نصل إليها إلا إن لف الزمن إلى الوراء، لذا تبقى عودة الزمن أمنية لتجديد كل تلك التفاصيل التي ارتكبناها ذات حماقة، ثم عدنا فندمنا عليها..
فلو عاد الزمن إلى الوراء فسأمسك يدك بقوة، ولن أتنازل عنك بذهول أميرة تتنازل عن عرشها، وعن آخر مدينة من ملكها..
لو عاد الزمن إلى الوراء فلن أقذف بك في فم الأيام كأنك أثقل ما تحمل سفينتي..
لو عاد الزمن إلى الوراء فسأقبض على ذراعك بإحكام، وسأتعلم معك السباحة ضد التيار، والطيران بلا أجنحة إلى مدن تقاسمنا حلم الطيران ذات حب إليها..
لو عاد الزمن إلى الوراء فسأتصف بالكثير من الشجاعة، لن أكون تلك الأنثي الخائفة، التي تتخفى فوق المحطات كي تلوح لقطارك الأخير مودعة..
لو عاد الزمن إلى الوراء فلن أقول (نعم) حين يجب أن أقول (لا)، ولن أجاهر ب (لا) حين يجب أن أجاهر (بنعم)..
لو عاد الزمن إلى الوراء فسأحولك إلي قضية قلب، ولن أسلم العقل دفة قراراتي المصيرية، ولا مجاديف مراكبي..
لو عاد الزمن إلى الوراء فسأتحول إلى أنثي متوحشة، وسأدافع عن صغار أحلامي معك بشراسة،
لو عاد الزمن إلى الوراء فلن أبني أمنياتي من الرمال، ولن أسمح للأمواج بإفساد قصوري فوق الشواطئ..
لو عاد الزمن إلى الوراء فسأجاهر بك كحكاية جميلة تستحق النور وسأحولك إلى رواية فوق رف مكتبة كبرى، وأمنحهم حق قراءتك بهدوء..
قبل النهاية بقليل:
نحن نخسر معارك (قلوبنا) حين نبوح (لعقولنا) بأسرارنا الخضراء..