حتماً تدرك أن الحياة لن تمنحك دور البطولة في كل الحكايات التي ستؤدي دورك على مسارحها؛ فبعض الحكايات لن تجد لك فيها مكاناً مناسباً، وبعض الحكايات ستكون البطولة فيها ناقصة، وبعضها سيقتصر دورك فيها فقط على المشاهدة بصمت، وبعضها الآخر ستكتشف أن الألم هو الدور الوحيد الذي كُتب لك كي تؤديه بها.
فأدوارنا على مسارح الحياة قد لا تتشابه مع تلك الأدوار التي نرسمها لأنفسنا ونهيئ أرواحنا للقيام بها؛ فعلى كل مسرح هناك دور يختلف عن بقية الأدوار التي نؤدي بعضها بحب، وبعضها بفرح، بينما قد نجد أنفسنا أحياناً مضطرين للقيام ببعضها الآخر.
فدرب نفسك على تقبل كل الأدوار التي ستؤديها على مسارح الحياة، ولا تغضب من أولئك الذين لن تتوافق أدوارهم مع أدوارك، ولا من الذين ستتعلق بهم كثيراً ولن يبادلوك الشعور، ولا من الذين ستغير حياتك من أجلهم ولن يشعروا بك، ولا من الذين ستمر بأبوابهم شوقاً إليهم ولن يفتحوا لك، ولا من الذين ستشعل لهم كل شموعك ويقذفون بك إلى العتمة بلا تردد، ولا من الذين ستتحول إلى طوق نجاة كي تنتشلهم من الغرق، ولا الذين ستسير عكس التيار كي تلتقي بهم، ولا من الذين ستمطرهم باستفسارات لن تجد لها إجابات مقنعة لديهم؛ فلا أحد يملك دفة قلبه، ولا أحد ينجح في تغيير مسارات مشاعره كي يجامل الآخرين، ولا أحد يُبادل الحب بمجرد أن يقرر ذلك.
فالتغييرات لا تحدث فجأة، وما من أحد منا تغير دون أن تهتز به أشياء كثيرة؛ فقلة أولئك الذين يملكون قدرة الثبات للأبد.
فرياح الحياة تغير الكثير من اتجاهاتنا، وترغمنا على تغيير الكثير من الأشياء التي ظنناها من ثوابت أعمارنا، قبل أن نكتشف أن الرياح تأتي أحياناً بقوة أكبر من قوة جذورنا، وأن الأمواج قد تنتصر علينا أحياناً رغم مقاومتنا للغرق.
لذا قد لا نُمنح دائماً فرصة انتقاء رفاق الرحلة، أو المقاعد المناسبة في قطارات العمر..
فالأشرعة لا تبقى ثابتة حيث وضعناها، ورياح الحياة متعددة القوة والشدة، بعضها سيكون معنا، يسير مع اتجاهاتنا، وبعضها سيكون ضدنا، يسير عكس اتجاه أحلامنا وقراراتنا، وأشرعتنا.
لذا سنخدع أنفسنا كثيراً إن نحن ظننا أن كل الأدوار ستلائم أحلامنا ورغباتنا؛ فنحن أيضاً قد لا نلمح تلك الزهور الجميلة التي يحرص بعضهم على زراعتها في طريقنا، ولا أولئك الذين ينحنون لإماطة الأذى عن طرقات أعمارنا.
قبل النهاية بقليل:
لا تبحر عكس التيار وعكس الأمواج كي تثبت أنك المختلف من بين المتشابهين؛ فالغرق ليس اختلافاً..