الكاتبة زينة الضاروب لـ"سيدتي": أنا والكتابة توأمان مع الزمن

زينة الضاروب مع كتابها
زينة الضاروب مع كتابها

( أعدّت المادة: عفت شهاب الدين )

"وتأكيداً لكلامي، ألتقط دفتري والقلم من دُرج المكتبة، وبشراهة تبدأ الأوراق البيضاء تمضغ كلماتها حرفاً حرفاً متناسية كميّة الصفحات الملتهمة...
فالكتابة عندي جوع مُزمن لا تُعيقه تُخمة، ومجاعتي العاطفية، في هذه اللّحظة، في أوجّها ومتّجهة صوب "آدم"!
"آدم" أيقظ في داخلي جزءاً ميتاً من إبداعي وعشقي للشِعر والكتابة".
هكذا عبّرت الكاتبة اللبنانية زينة الضاروب عن سرّ علاقتها بالكتابة، وقد اختارت هذه الكلمات من كتابها الذي وقّعته مؤخراً بعنوان "زمن".
أما الكتاب الأول فقد حمل عنوان "ربيع من خريف" وهي الرواية الأولى للكاتبة حيث عكست سيرتها الداتية كامرأة رافقت حبييبها وزوجها طريق الموت من خلال مرض عضال أصابه.
ماذا قالت زينة في هذا الحوار الشيّق مع "سيدتي" حول الكتابة والزمن والحياة والمستقبل.
الكاتبة زينة الضاروب

"زمن" يُحاكي عوالم المرأة

  • بداية ماذا تقولين عن كتابكِ "زمن"؟ لماذا هذا العنوان؟

لم أختر العنوان، بل اختاره وعيي وزمني. فالزمن هو رمزٌ للحياة نفسها، وهو عبور بين الماضي والحاضر والرؤيا للمستقبل، وهو ليس مجرد سلسلة من اللحظات، بل هو تجارب وحِكم.
في عالمنا المليء بالألغاز والتحولات، هكذا نسجت "زمن" قصتها. "زمن" قصة كل إنسان بشكل عام وكل امرأة بشكل خاص. تقدّم الرواية نظرة فلسفية للحياة بطرح لمواضيع عميقة مثل الماضي والحاضر والمستقبل، والحرية والحب، والظلم والعدالة واليقظة والشجاعة. وهي مستوحاة من قصص وتجارب نساء رووها لي من خلال مهنتي كمدربة في التنمية البشرية وقيادة الذات، فأتى كتاب "زمن" ليحاكي عوالم المرأة بكل أزمنتها ويثبت لها من خلال الرواية أنه ليس هناك ما يخيف من أي مرحلة عمرية أو تجربة، وأنه يمكنها التعامل مع كل حالة بوعي وتجربة متعلمة من دروس الحياة.
  • أتيتِ من عالم المصارف (حائزة على شهادة الدراسات العليا في الإدارة المصرفية) إلى الكتابة؟ ما هذه النقلة النوعية؟

هي ليست بنقلة، فالكتابة وأنا ولدنا توأمين، بشهادة القلم والدفتر اللذين لم يفارقا زمني يوماً، أما المفارقة هي أن كتاباتي كانت بمثابة صديقتي المفضلة والوحيدة التي أشاركها أسرار حياتي.
وما أحدث هذا الفرق وجعل النقلة علنية هو تجربة شخصية روحية اختبرتها منذ 10 سنوات عندما توفي زوجي في ريعان عمره وذبل خريف حياتي وشكلت الكتابة مفترق طريق الربيع والأمل والإيمان، وتوجت بولادة كتابي الأول "ربيع من خريف" الذي معه انتقلت من عالم الأعمال والمصارف إلى تصريف عوالمي الداخلية واختباراتي ومشاركتها مع المجتمع بهدف التوعية والوعي والتحفيز.
  • ما تفسيركِ لكل من الأمل، الحب والموت؟

الأمل هو النَفَس الذي تعيش روحنا وليس فقط جسدنا من خلاله. الحب هو تردّد لطيف وعميق وهو أعلى مراتب مستويات الوعي عند الإنسان. هو النبض الذي يبقينا أحياء وفي حالة فرح أو سعادة غير مشروطة. فعندما يموت الحب، نفقد صلة الحياة وتتدنى مستويات الوعي لدينا لتستبدل بالخوف والكره والغضب وما هنالك من مشاعر سلبية. لذلك، الحفاظ على الحب غير المشروط يبقينا في حالة وعي روحانية ويساعدنا للارتقاء والتنور.
أما الموت، فهو الوسيلة الوحيدة لفهم جوهر الحياة، وليس المقصود بالموت هو الخسارة الجسدية إنما خسارة الحياة بأكملها، فثمة أحياء أموات وثمة أموات طيفهم يحيينا.
من المفيد جداً التعرّف إلى نظرة على أنواع الفن التعبيري.

فلسفة الحياة بكل أبعادها

الكاتبة زينة الضاروب توقّع كتابها زمن
  • ما تفسيركِ للربيع والخريف؟ والحياة؟

الربيع والخريف فصلان متصلان بحياتنا شبه اليومية. فقد نبدأ يومنا بخريف ذابل، بمشاعر سلبية جراء مشكلة ما أو حدث ما وبعده لا بدّ للربيع أن يأتي، لاستبدال تلك المشاعر بالإيجابية والفرح وتجاوز الحدث وحل المشكلة وهكذا دواليك، ما من ولادة ربيعية إلا ويسبقها انكسار أو خسارة وهذه سنّة الحياة. العبرة تكمن في كيفية قراءتنا لتلك الفصول وكيفية تعاطينا معها وسبل اختبارنا فيها بخلق وتجدّد وتطوّر ونضج.
  • بماذا تتميّز كتابتكِ؟ منْ هم الكُتاب أو الكاتبات الذين أُثروا بشخصيتكِ؟

تتميز رواية "زمن" بأسلوبها السلِس والمشوق، ويلعب الغموض والخيال دوراً كبيراً في الرواية ليأخذ القارئ إلى عوالم جديدة يستكشف من خلالها فلسفة الحياة بكل أبعادها. تستخدم الرواية تقنيات سردية مميّزة مثل السرد الذاتي ووجهة نظر الراوي العليم.
لطالما كان وسوف يبقى عشقي الأول للفيلسوف والكاتب جبران خليل جبران في دوره الثائر، وطبعاً ميخائيل نعيمه في حكمته وأنا من زمن "طيور أيلول" رائعة إميلي نصر الله ورقّتها الثابتة في الحب وجوهره، كما أحب سلاسة "أليف شافاق" في كتبها وقوة وإبداع "إيمان حميدان" في تصويرها للمرأة.
  • كيف ينتقل الكاتب من مرحلة إلى أخرى دون أن يكرّر نفسه؟

بالاختبار! فتجارب الحياة تنقل الكاتب من حالة وعي إلى حالة وعي أخرى مختلفة، وهنا دور الكاتب بإظهار نضجه بين كتاب وآخر.
تابعوا معنا من خلال هذا الرابط كتاب جديد للتاريخ والتراث الأثري "لإمارة الفجيرة".

الإصلاح والتوعية والإلهام

زينة الضاروب خلال مناقشة كتابها زمن مع الحضور
  • هل الكتابة لها مراحل؟

الكتابة لحظة وعي حالية لا مراحل لها. فنحن نكتب في كل ثانية في حياتنا، عبر أفكارنا، مشاعرنا وسلوكنا وقصصنا اليومية. أما المراحل، فتأتي في سياق جمع المعلومات وضمّ الأفكار إلى بعضها البعض والتأليف وإظهار الإبداع بشتى الطرق.
  • هل الكاتب مؤثّر في المجتمع؟

طبعاً! فالإنسان بكلمة واحدة فقط يحلّق وبكلمة واحدة فقط يهوي. فما بال فيض من الكلمات المترابطة، فيها كمّ هائل من الرسائل وطرح الحلول لمشاكل تعنى بها المجتمعات، ومن هنا أهمية دور الكاتب في أدواره المتعددة كالإصلاح والتوعية والإلهام والتحفيز وبناء مجتمعات مثقفة.
للمزيد من المعلومات حول الفنون التشكيلية، تعرفوا إلى الفنانة التشكيلية كرستين صافتلي: أركز على التفاعل المعقّد بين البشر.

القارئ بطل الرواية

  • كيف يتم التفاعل بين الكاتب والقارئ؟

أجمل تفاعل بين الكتاب والقارئ عندما تلغى المسافات بينهما. فعندما يشعر القارئ أنه بطل الرواية يكون الكاتب قد نجح في إيصال رسالته. لذلك على الكاتب أن يتحدث بقلب وصوت القارئ.
  • كيف تقضين يومكِ؟ ما هي هواياتكِ؟ هل الكتابة تحتل حيّزاً كبيراً من حياتكِ؟ لماذا؟

بالامتنان! الاستيقاظ على شعور الامتنان للحياة وسماع الموسيقى هو ما أبدأ به نهاري. بعدها، أعطي جسدي حقه بالرياضة التي تضاعف الطاقة وتعطي الشعور بالقوة والفرح. وإذ أعتبر أن الغذاء دواء الإنسان، فاتباع نظام صحي يبقيني بعيدة عن الأمراض، وبعدها أزاول عملي الخاص كشريكة مؤسسة لـ"إنت أوت أكاديمي للتدريب والكوتشينغ" ومدربة في التنمية البشرية وقيادة الذات.
الكتابة تحتل كل حياتي، فأنا أمشي وأكتب، أتكلم وأكتب، ولا أقف إلا بعد سرد يومياتي وفي الكتير من الأحيان، أوقف عملي عندما تراودني فكرة ما، فأحب ما عندي أن ألتقط قلمي وأبدأ بحياكة الكلمات على الورق وحياكة بسمة على وجوه الناس.