«باب النجار مخلع»، مثل ينطبق على معلمات التربية الرياضية في المدارس، فبدلاً من أن يكنّ نموذجاً للرشاقة وخفة الحركة تعاني نسبة عالية منهن سمنة وصل بعضها إلى المفرطة؛ ما جعلهن مادة دسمة للسخرية من الطالبات، فما الذي دعا الوزارة بعد هذه السنوات إلى إعلان الحرب عليهن؟
عندما أعلنت خولة المعلا، الوكيلة المساعدة للأنشطة والبيئة المدرسية في وزارة التربية والتعليم، عن نتائج اختبارات اللياقة البدنية لمعلمي ومعلمات التربية الرياضية التي أجريت تحت إشراف إدارة التربية الرياضية للتعرف على لياقة، وأوزان المعلمين والمعلمات، كشفت أن نحو 36.30 % من المعلمين، و19.60 % من المعلمات لديهم سمنة مفرطة، و19 % من المعلمين، و25.40 % من المعلمات يعانون زيادة في الوزن.
تمازح إحدى الطالبات زميلة لها قائلة: إن لم تصمتي فإن معلمة التربية البدنية ستجلس عليك وتحولك إلى قطعة برغر!
اعتراف
حسن لوتاه، مدير إدارة التربية الرياضية في وزارة التربية والتعليم، لم ينكر وجود هذه الظاهرة المقلقة بين صفوف معلمات التربية الرياضية، ووصل الأمر إلى تشبيه أحد أولياء الأمور «السمينة» التي تدرس التربية الرياضية بمعلمة التربية الإسلامية التي لا ترتدي حجاباً، والحل من وجهة نظر لوتاه هو إقدام وزارة التربية والتعليم على ربط تجديد العقود للمعلمين باجتيازهم اختبارات اللياقة البدنية، وتابع: «لاحظنا أن المعلمات استشعرن الخطر، وأظهرن حرصاً على اتباع برنامج رياضي، وحمية غذائية لإنقاص الوزن».
الوزارة أعدت دليلاً لاختبارات اللياقة البدنية لمعلمي التربية الرياضية ومعلماتها، وهذا ما بدا سلام محمد الخطاط، اختصاصي برامج رياضية في إدارة التربية الرياضية، سعيدًا لأجله، فقد وصله أن بعض المعلمين والمعلمات استشعرن أن تقييم الأداء مرهون بالوزن، وتابع: «الاختبارات البدنية ستقلص من هذه الظاهرة التي تزيد لدى الإناث».
ليس جديداً
تصدرت منطقة دبي التعليمية قائمة المناطق بنسبة 44 % للسمنة المفرطة في المعلمين فقط، بينما تصدرت منطقة رأس الخيمة القائمة في السمنة المفرطة للمعلمات، والتي خرجت بنسبة 30 %.
لكن قمبر المازم، مدير مدرسة حلوان في الشارقة، يرى أن الاختبارات أتت متأخرة فسمنة الهيئات التدريسية في مادة التربية الرياضية ليست جديدة. ويتابع: «غالبية معلمي المادة غير مناسبين؛ لذا ينظر الطالب إلى الحصة بشيء من الاستهتار، فلدينا كثير من الطلبة الذين يمتلكون قدرات عالية في كرة القدم، والتنس، والجري لكنهم بحاجة إلى من يكتشفهم».
نظري
أمجد القفاس، معلم تربية رياضية، يرى أن المشكلة في فكر بعض مدرسي المادة الذين ويعتقدون أن الرياضة مادة نظرية فقط. وشجع على إصدار إنذارات للمدرسين والمدرسات الذين يصلون إلى مرحلة السمنة، وإعطائهم فرصة، وإن لم يلتزموا بها يحق للمدرسة اتخاذ خطوات حازمة وجدية؛ لأن الأمر أصبح على حد تعبيره «معيب جداً».
ورغم ما سيلحق علي جمعة حسين، معلم تربية رياضية، من كره زميلاته، لكن سبق وخطر بباله في بعض اللقاءات المشتركة أن يقول لهن اذهبن إلى بيوتكن للطهو!
مجرد سؤال
فيما ترى فاطمة عوض، موظفة علاقات عامة في مصرف الشارقة الإسلامي أنه من الصعب أن تسأل معلمة تربية رياضية سمينة ماذا تعملين، وبعد أن تخبرك لا تتمالك نفسك من الضحك.
سوسن غوانمة معلمة في مركز تعليم الكبار، تحمل فكراً مغايراً، وتعتقد أن الوزن ليس مرتبطاً بالرشاقة والأداء والحركة رغم أنها اعترفت في النهاية أنه تناقض كبير! تعلّق: «إن لذلك علاقة بفكر عام سائد لم يولَ أهمية أصلاً للحصة منذ البداية، حتى باتت مجرد قضاء لوقت ممتع، وليس لممارسة رياضة مفيدة».
سخرية
الطلبة يرون أن المسألة معيبة ومضحكة في آن واحد، حيث كروش تتدلى، ومشروع هزة أرضية قد يحدث في حال فكرت معلمة بالركض أو القفز، وعادة ما يقلد الطالب محمد علي، في المرحلة الإعدادية، هو وزملاؤه المعلم السمين في حركاته، يتابع: «نفعل ذلك في الخفاء، ونطالبه دوماً بأن يشرح لنا حركة ما ليس لتعلمها، بل للضحك سراً عليه».
أما زميله يعقوب سلطان، فيعتبر حصة التربية الرياضية ساعة مجانية للضحك المتواصل، يستدرك قائلاً: «لا نستمع لنصائحه عن الغذاء المناسب؛ لأن الفعل يتناقض مع القول دوماً».
في حين أن زميلهما عثمان عليّ يرى أن على معلم التربية الرياضية الذي يعاني من الوزن الزائد أن يترك المهنة لغيره، أو يخضع نفسه لريجيم قاس، يعلّق: «وإلا لا خيار آخر أمامه بأن يجعل نفسه أضحوكة المدرسة».
وكما تقول سعاد علي طالبة في ثانوية الأهلية الخيرية بدبي: "أغلب معلماتنا اللواتي أشرفن على المادة في السنوات الماضية، لا يستطعن الحركة إلا بصعوبة، وأكثر شيء يمكن لهن فعله حركات اليد إلى الأعلى والأسفل وهي حركات أمهاتنا بل وجداتنا تعلمنها في المدارس".
ولا تنسى أمل طارق، في المرحلة الإعدادية، معلمة الرياضة السمينة في مدرستها عندما تؤدي حركة رياضية يهتز جسمها كله، ويتصبب منها العرق غزيرًا، وتلهث المسكينة بشدة، وتضيف أمل: نشعر عندها بالشفقة عليها ونتساءل في سرنا: لماذا لا تجلس في البيت أحسن لها؟!