تعاني غالبية الأمهات من تصرفات أطفالهن غير المسؤولة، إلا أنّ هذه الأخيرة يمكن السيطرة عليها وتقويمها من خلال إشراكهم في أنشطة جماعية.
وفي هذا الإطار، تشرح أستاذة علم الاجتماع الدكتورة مها يوسف في جامعة الملك سعود أن للطفل طاقات هائلة، فإذا واجه قيوداً تحدّ من حركته الطبيعية أو إهمالاً يقلل من مكانته التي يسعى للوصول إليها تخرج هذه الطاقات تلقائياً على شكل تصرفات مزعجة للأهل! ومعلوم أن الطفل يولد مع ذكاء اجتماعي يمنحه القدرة على التواصل مع الآخرين والاشتراك معهم في أنشطة جماعية، ما يتيح لمخزون الطاقة لديه أن يخرج ويستهلك بشكل إيجابي.
يمكن تنمية الذكاء الفطري في مراحل الطفولة المختلفة من خلال تدريب الصغير على مهارات اجتماعية كالتعامل مع الآخرين والتعاطف مع ظروفهم وتقدير مشاعرهم وتعليمه كيفية عقد صداقات والحفاظ عليها والقيادة والتخطيط والتفاوض وفض النزاعات والإمساك بزمام الأمور، مع حثّه على الاشتراك في أنشطة تطوعية جماعية.
وبالطبع، يجدر بالأبوين مراعاة الفروق الفردية بين طفل وآخر، فلا يصحّ إقحام الصغير في مجال أو نشاط غير مؤهّل له، إذ يجب معرفة ميول الطفل قبل البدء في عملية تدريبه على بناء علاقات اجتماعية سليمة، وبالتالي تنمية مهاراته الحياتية بما يتناسب مع ظروفه واحتياجــاته واستعداداته. وتعتبر الأم الأكثر دراية بأحوال طفلها وطرق جذبه ودفعه إلى مشاركة الناس والتعاون معهم. وممّا
تفرغ الأنشطة الجماعية
طاقة الطفل بصورة إيجابية
لا شك فيه أن الآباء الذين لا يؤمنون بأهمية النشاط الاجتماعي في تربية الطفل وتعديل سلوكه يكونون غير مدركين أنّ هذه المهارة هي ما يجعله يشعر بأنه شخص هام ومقبول وذو قيمة.
ولتفاعل الطفل مع مجموعة من الأطفال جوانب إيجابية أخرى، أبرزها:
> حمايته من الانعزال والانطواء.
> دفعه إلى التعبير عن مشاعره وأفكاره واحتياجاته.
> سعة مداركه، مع الاطلاع على وجهات نظر الآخرين وأفكارهم.
> عدم خشيته من مواجهة الآخرين أو الخجل منهم.
> قدرته على اتخاذ قراراته.
> تعريفه على آراء الآخرين فيه والتعديل من سلوكه حتى لا يغضبهم.
> تأثيره في الآخرين وإنتاج مناخ جيد أثناء وجوده.
> تنمية روح التعاون والتخفيف من الأنانية وحب السيطرة والتملك.
دراسة
إنّ مشاركة الطفل في جمعيات الكشافة أو أي نشاط مشابه بعد الدوام المدرسي تعود عليه بالفائدة من النواحي الاجتماعية والسلوكية، إذ تبيّن دراسة صادرة عن جامعة أوهايو الأمريكية أنّ الأطفال الذين يشاركون في هذه الأنشطة تقلّ عندهم كثيراً احتمالية إساءة السلوك في المدرسة أو البيت، وأنّ العمل في مجموعة يساعدهم في تطوير إحساس أقوى بشخصياتهم ويعزز من مهاراتهم الاجتماعية، كما يساعدهم في تجنّب سلوكيات غير مناسبة.
المرحلة العمرية
يمكن للطفل أن يتقبّل وجود أطفال آخرين ابتداء من سنّ 3 سنوات، وإن وجد متعة في صحبتهم فإنه يحب قضاء أطول فترة ممكنة معهم، وقد يبكي عندما يفترق عنهم. لذا، يفضّل إلحاق الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 3 إلى 5 سنوات برياض الأطفال. وإن لم تكن هذه الأخيرة متاحة، يمكن للأم أن تتفق مع جاراتها أو صديقاتها ممن لديهن أطفال في مثل هذا العمر ويكوّنّ معاً رياضاً مصغّرة للأطفال داخل المنزل ويتبادلن استضافتهم فيما بينهن. وكما هو معلوم، يجب أن يخضع اجتماع طفلين أو أكثر إلى رقابة مشدّدة من الكبار حتى لا يتأذى أحدهم.ويمكن في هذه السنّ ممارسة أنشطة منوّعة كالألعاب الجماعية وتلوين الرسوم وتشكيل الصلصال بشكل جماعي أو منفرد ضمن الجماعة والغناء وتعليمهم الحروف والأرقام من خلال الصوت والصورة. أمّا الأطفال الذين يبلغون سنّ المدرسة، فإنّ الخيارات أمامهم كثيرة، إذ توفّر المدارس مجالات وأنشطة من شأنها استهلاك طاقات الطفل بشكل إيجابي، من بينها الأنشطة الرياضية التي تحفّز على التنافس الممتع والأنشطة الثقافية (أصدقاء المكتبة أو جماعة الشعر والقصص) والأنشطة الاستكشافية (الرحلات أو المسابقات والمعسكرات والندوات).
وإن لم تكن الأنشطة المتوافرة في المدرسة كافية للحد من نشاط الطفل الزائد والذي يخرج على شكل إزعاج لأفراد الأسرة، يمكن إلحاق الطفل بدورات مسائية في تعليم اللغات أو الكومبيوتر أو تحفيظ القرآن أو ممارسة رياضة بشكل منتظم.
