مرحلة الطفولة من أهم مراحل التنشئة، فيها يغرس الآباء القيم الدينية والاجتماعية والحضارية، والعمل على ترسيخها في قلوب الأبناء منذ الصغر، ومنها تعزيز الروح الوطنية ودعم روح الانتماء للوطن النابع من الحب والولاء للأسرة، مع مسايرة التقدم العالمي واكتساب المعارف، والسؤال: بمناسبة اقتراب الاحتفال باليوم الوطني السعودي الذي يصادف 23 سبتمبر، كيف تقوم الأسرة بتعزيز روح الانتماء للوطن بقلب أطفالها؟ للإجابة كان لقاؤنا ومحاضِرة التنمية البشرية وأستاذة طب النفس الدكتورة فاطمة الشناوي.
الوطنية والمواطنة
الوطنية هي حب الوطن والانتماء والوفاء وحب الأرض، والاعتزاز كذلك بقيم الوطن وعاداته ومكتسباته، والمواطنة هي السلوكيات والأفعال التي تترجم هذه الوطنية في أكمل صورها، وهي الإحساس بروح الانتماء.
وكذلك العمل والتضحية من أجل تحقيق وإثبات هذه الوطنية والانتماء، وكلها صفات جادة واضحة تُولد منذ السنوات الأولى لعمر الطفل، وهو وسط أسرته وعلى أرض وطنه.
ولتعزيزها؛ يجب اتباع عدة أساليب تربوية، تعتمد على التدريب والتلقين والمشاهدة. وللأسرة فضل عظيم في تعزيز روح الوطنية في قلوب الأطفال، وذلك بإعدادهم لأن يكونوا مواطنين صالحين متمسكين بعقيدتهم.
هل تدركين كيف نزرع حب الوطن في أطفالنا؟
خطوات لتعزيز روح الانتماء
- كلنا يعرف أن تربية الأبناء تحتاج إلى جهد كبير، وعمل متواصل، ودراسة وتدريب، هذا لمن يريد لأولاده أن يكونوا نافعين لدينهم ولوطنهم.
- وتربية الأبناء على حب الوطن والعمل على نهضته، من المعاني المهمة التي يجب أن يعتني بها الآباء والمربون ؛ ما يولِّد عند الأبناء الولاء والانتماء والعمل الجاد.
- كما أن تشرب روح الانتماء والاقتناع بها يعلم الطفل أن هناك هدفاً أكبر يعيش من أجله في هذه الحياة، يتعدى المصلحة الشخصية إلى المصلحة العامة الجماعية.
- من هنا كانت أهمية تنشئة الأبناء على العادات الصحيحة للمواطنة؛ ويتم ذلك بالحديث عن حب الوطن، وتشجيع احترام القانون وأنظمة الدولة، وبإيصال المعلومات الصحيحة لهم؛ لأنها قوانين لحماية الوطن وسلامة المواطنين.
- غرس حب الوطن في نفوس الأبناء منذ الصغر، بالكلام والحكايات عن التاريخ والأمجاد؛ ليعملوا بحب في الكبر من أجل إعلاء شأن الوطن، وعمل رحلات داخلية مع الأبناء؛ للتعريف بصروح الوطن، التاريخية منها والتراثية.
- إكساب مهارات للطفل تمكنه من الانتماء لوطنه، وذلك بتعزيز ثقافة الحوار المشتركة، وتعزيز ثقافة التسامح والتآخي بين أبناء الوطن، مع زرع روح تقدير المصلحة العامة، وتقديمها على المصلحة الشخصية للنهوض بالصالح العام.
- التدريب على المشاركة في العمل الجماعي؛ لتعزيز تحمل المسؤولية، والتعود على ممارسة العقلانية في الحوار، للحفاظ على السلام الجماعي، والتمسك بالحقوق والعدالة الاجتماعية.
- تحفيز حب الوطن للطفل بالرسومات التي تشير لمقدسات الوطن، كرسم العلم على الوجوه في المناسبات الوطنية، وحفظ الأناشيد الوطنية، وتحفيز الهواة من الأطفال والموهوبين على تأليف أشعار وكتابات تمدح الوطن.
حب الانتماء للوطن.. وفقاً لأسلوب التربية
-
القدوة من الآباء والمربين
عندما يرى الأبناء دائماً والديهم يتابعون الأحداث والقضايا المهمة المتعلقة بالوطن، وعندما يجدونهم مشاركين بفاعلية في هذه الأحداث؛ فإن ذلك يُعتبر خير وسيلة لتربية الأبناء على حب وطنهم والانشغال بقضاياه.
وأيضاً عندما يشعر الأبناء بالأب والأم دائمي المتابعة للأخبار بشغف ويتأثران بما يحدث من أحداث، سواء بالفرح والسرور أو بالحزن والهم، يتألمان لإخوانهم إذا أهمهم هم أو ألمت بهم مشكلة، كذلك يفرحان لإخوانهما في الوطن، إذا شاهداهم في خير وسكينة واطمئنان؛ كل هذه المشاعر الصادقة تنتقل من الوالدين إلى الأبناء بتلقائية، لأن الوالدين هما القدوة للأبناء.
-
حب الأوطان من الإيمان.. "نحلم ونحقق"
كلنا نحلم بالخير والتوفيق في مسعانا، وعليكم أيها الآباء والأمهات بحكاية القصص التي تنمي روح الوطنية وحب الوطن في نفوس الأبناء، والتي ستنجح في ربط حب الأوطان بالإيمان.
ها هو النبي –صلى الله عليه وسلم– يضرب أفضل الأمثلة في حبه لوطنه عندما ترك "مكة"؛ فكان يخاطبها وعيناه تسكبان الدموع: "والله يا مكة، لأنت أحب البلاد إلى الله، وأحب البلاد إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت".
وكذلك كح سعيه –صلى الله عليه وسلم– في نهضة بلدته وأمته بنشر قيم الخير والعدل، ومحاربة قيم الظلم والشر؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- جلس في مكة ثلاث عشرة سنة لم يكل ولم يمل، ولكنه ثابر وصابر من أجل هداية قومه وإخراجهم من الظلمات إلى النور.
-
تدريب الأطفال على إظهار حبهم لوطنهم
اصطحاب الأطفال في الأماكن التي تبرز فيها الروح الوطنية كالندوات والاحتفالات الوطنية؛ ما يعمق حب الوطن لدى الطفل منذ الصغر، وشراء الأعلام والرايات التي تبرز معنى الوطنية وحب الوطن.
حفظ الأناشيد الوطنية؛ ما له أكبر الأثر في تنمية الحس الوطني، وتشجيع الأطفال على إبراز حبهم لوطنهم؛ بالتعبير عن ذلك الحب بالكلام والكتابة والشعر والمناقشات بينهم وبين الوالدين.
-
تبسيط المعاني والمفاهيم لتدخل عقل الطفل
فقد تكون هناك ألفاظ لا يستطيع الطفل استيعابها، فيُستعان بذلك بتقريب المعنى بما يناسب طبيعة ومرحلة الطفل.
وعلى سبيل المثال؛ إننا لن نستطيع أن نُفْهِم الطفل معنى التضحيات والبطولات وأهميتها بالنسبة للأمة،
ولكن يمكن الاستعانة بالقصص التي يحبها الطفل، بقص حكايات الأنبياء والشخصيات الدينية العظيمة، وهكذا.
ملاحظة من "سيدتي نت": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج؛ عليكِ باستشارة طبيب متخصص.