لقد استشطت غضباً وانزعاجاً، بعد أن سمعت طفلي، 8 سنوات، وكنت قد أرسلته إلى "السوبر ماركت" القريب من المنزل لشراء بعض الحاجات، عندما رجع بعد دقائق، كان في حالة من الاندهاش، ترتجف أوصاله. وعندما سألته عما حدث؛ أجابني على الفور -من دون بكاء أو غضب- لقد وضع صاحب المحل يده على جسمي، أول مرة حسبته لا يقصد، وفي الثانية تأكدت من قصده ذلك. وسكت طفلي عن الكلام وجرى إلى غرفته!
دعوني أصارحكم وأكشف لكم أكثر ما ضايقني؛ إنه الإحساس بالذنب والتقصير؛ وأنني مازلت ألوم نفسي وأعاتبها؛ فأنا لم أنبّه طفلي من قبل عن الفرق بين اللمسة الآمنة والأخرى غير الآمنة، المزعجة، أرجو ألا تكونوا مثلي!
عن مشكلة التحرش، والتي يقع فيها الأطفال الصغار، وينزعج من أجلها الآباء، كان اللقاء مع الدكتور عادل منصور، أستاذ الطب النفسي، لتوضيح الكثير؛ حتى لا تتكرر التجربة، ووضع بعض التحذيرات والنصائح.
أفكار انتبهي لأهميتها
أحياناً كثيرة يُظهر الطفل سلوكيات لا تليق. ترتبط بأجزاء من جسمه الخاصة، فيكون لديه فضول حول كل شيء، بما في ذلك أعضاء جسمه.
يجب تعليم الطفل السلوكيات الصحيحة وتعديل السلوكيات غير اللائقة لديه؛ ليتمكن من التفرقة بينهما في سن مبكرة، وحتى يتعلم الطفل معنى الحياء، والحدود التي يجب أن يقف عندها.
يمكن استغلال أوقات الاستحمام، أو النوم، أو التعرض للمواقف الجديدة لتذكير الطفل بالسلوكيات الصحيحة المتعلقة بسلامته الشخصية.
يحتاج الطفل لمعرفة أعضاء جسمه، وكيفية التصرف إذا حاول شخص ما لمسه بطريقة غير مناسبة، تجعله يشعر بعدم الارتياح، ويمكن تعليمه الفرق بين اللمسات الآمنة والسيئة.
مثال: العناق، ومسك الأيدي، من اللمسات الآمنة التي تعبر عن الاهتمام، أما الركل، أو الضرب، أو لمس الأجزاء الحساسة؛ فهي من اللمسات السيئة التي يجب أن يرفضها ويوقفها فوراً.
كما أنه من حق الطفل أن يرفض العناق أو القبلات، حتى من الأشخاص الموثوق بهم؛ كجده أو جدته مثلاً، وعدم إجباره على ذلك؛ لتعزيز فكرة أنّ جسمه ملكه وعليه حمايته.
نصيحة لا تغفليها: أكثري من عناق طفلك لينمو بشكل أفضل
إعطاء الطفل المعلومات المناسبة لعمره
- إعطاء المعلومات المناسبة حسب عمر الطفل، فإذا كان الطفل يبلغ من العمر خمس سنوات، وسأل: من أين يأتي الأطفال؟ فيمكن الاكتفاء بهذه الإجابة: (هو موجود داخل بطن الأم).
- يجب توعية الطفل عندما يكبر، كما يجب على الآباء توطيد علاقتهم مع طفلهم؛ حتى يشعر بالارتياح في طلب المساعدة منهم، واللجوء إليهم دائماً.
- يجب استخدام لغة واضحة ومناسبة عند تعليم الطفل أعضاء الجسم بما في ذلك الأعضاء التناسلية، حيث يجب أن يعرفها بأسمائها الصحيحة دون اختلاق أسماء أخرى لها.
- تعليم الطفل قواعد الاستئذان، ضمن القواعد المنزلية للطفل؛ كتعليم الطفل آداب الاستئذان قبل دخول غرفة ما بطرق الباب والانتظار، حتى يؤذن له بالدخول.
- عدم السماح بوجود شخص آخر مع الطفل بالحمام، وغيرها من القواعد التي تُعلم الطفل الحدود المناسبة والسلوكيات الصحيحة، مع الحرص على طمأنة الطفل بوجود والديه دائماً إلى جانبه.
- أن يكون الأم والأب مستعديْن دوماً لحمايته والاستماع إليه؛ حتى لا يشعر بالخوف من إخبارهما بقيام أي شخص بلمس أجزائه الحساسة أو النظر إليها.
- العمل بجدية على مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل على الإنترنت، لتجنب تعرض الأطفال لمحتوى غير لائق من خلال البرامج، والأفلام، وألعاب الفيديو، وغيرها.
- تقديم الإجابة المناسبة عن أسئلة الطفل، بل الاستعداد للإجابة عنها بإعطائه عبارات بسيطة ومعلومات مناسبة لعمره، وعدم إبداء أي رد فعل يجعله يشعر بالخجل من فضوله.
عرّفي طفلك الفرق بين اللمسة الآمنة والأخرى المزعجة
الأطفال غالباً ما يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم، وعما يحدث لهم من اعتداء؛ لأنهم لا يعرفون الكلمات التي يجب استخدامها، ولكن عليك تدريبهم على وضع حدود شخصية:
- دربي طفلك على استيعاب جملة "جسدي ملكي ويجب أن أدافع عن نفسي"، وأخبريه بأن عليكِ التوقف عن المزاح، وقول: "توقف! هذا يزعجني".
- درّبي طفلك على قول "لا" في حالة الشعور بلمسة غير مرغوب فيها، حتى لو كانت من شخص مألوف، وساعديه على التدرب على النطق بـ"لا" بصوت قوي ومهذب.
- لا تصرّي على دفع أطفالك لمصافحة وتقبيل الأقارب والأصدقاء، إذا كانوا لا يرغبون في ذلك، هذا يعلّم الأطفال أن يقولوا "لا" لبعض من الناس في أسرهم وآخرين لا يعرفونهم.
علامات خاصة لكل لمسة
اللمسة الجيدة هي اللمسة الآمنة:
- اللمسة الآمنة تجعل الطفل يشعر بالحب والعناية.
- من الجيد أن يعانقك ويقبّلك الأشخاص الذين تحبهم.
- قبلات ولمسات الأم الحانية عند الاستيقاظ.
- كذلك الأب عندما يعطيك عناقاً وقبلة سعيدة.
- عندما تأتي الجدة والجد للزيارة، والجميع يحصل على العناق والقبلات.
- اللمسة الجيدة هي ذلك الشعور الذي نشعره من حضن الأم والأب، أو اللمسة التي تشعرنا بالارتياح والأمان.
- عندما يحبنا أحد ويهتم بأمرنا ويلمسنا؛ فهذه لمسة آمنة، كاحتضان ماما أو بابا أو أحد المقربين لنا، نشعر بشعور جميل.
اللمسة السيئة أو اللمسة غير المرغوب فيها:
هي اللمسة التي تجعلك تشعر بعدم الارتياح، وعادة ما تكون مؤذية ومؤلمة؛ مثل الضرب والرفس، إنها ليست شيئاً جميلاً ومريحاً، (على سبيل المثال: الضرب والدفع والقرص والركل) هي لمسات قد تترك لديك شعوراً بالقلق وعدم الارتياح، أو أنك تشعر بالانزعاج وتريد أن يتوقف ذلك فوراً، وعندما تعطيك بعض اللمسات هذا الإحساس؛ فقد يكون معناه أنه اعتداء، خاصة إذا طلبت من الشخص التوقف عن ذلك ولم يفعل.
ماذا تفعل عندما يلمسك أحدهم لمسة سيئة؟
- قل "لا!"، "لا تلمسني"، "توقف وابتعد". أخبر الشخص بصوت عالٍ بأنك لا تحب ذلك.
- ابتعد بسرعة! اهرب من الشخص الذي لا تحبه أن يلمسك.
- لا تبقَ وحدك مع هذا الشخص مرة أخرى إلى الأبد.
- اطلب المساعدة من الآخرين، يمكنك الصراخ بصوت مرتفع.
- ثق بنفسك. أنت لم تفعل شيئاً خاطئاً.
- أخبر شخصاً تثق به على الفور. إذا كان شخص ما يلمسك بطريقة خاطئة.
- لا تدع التهديدات تخيفك بالهروب أو السكوت.
- عندما يلمسك شخص ويطلب منك أن تُبقي هذا سراً بينكما، اسأل نفسك: "هل هذا السر يزعجني؟".
- أخبر والديك على الفور. لا تحتفظ بالأسرار التي تجعلك تشعر بعدم الارتياح.
- يجب عليك الذهاب إلى شخص تثق به؛ كأحد الوالدين أو الأقارب أو المعلم أو طبيبك.
- إذا لمسك أحدهم لمسة سيئة؛ فلا تشعر بالسوء، الشخص السيئ هو من يلامس الآخرين لمسات سيئة، وليس أنت.
- وقاية الطفل من التحرش تبدأ من الوالدين؛ فكوني عزيزتي الأم وعزيزي الأب مصدر المعلومات الصحيحة ومصدر الأمان لطفلك.