هناك أطفال يتفننون في صنع المضايقات للآخرين، وكأنهم يلعبون لعبة أو ربما كانوا يبحثون عن الإثارة، وأكثر ما تحدث المضايقات في ساحة المدرسة، داخل الفصل أو خارجه، بالفسحة وسط الفناء الواسع المكتظ بالتلاميذ، لهذا أصبحت المضايقات والتنمر بالطفل أمراً شائعاً في المدارس.
وفي المقابل، نجد كثيراً من الآباء لا يدرون بما يحدث لأطفالهم، ليس لإهمال أو عدم اهتمام منهم، بل بسبب شعور بعض الأطفال بالخجل من الإفصاح عن تعرضهم للمضايقات، أو الخوف من وصمهم بضعف الشخصية؛ كالقول: "أنت من جرّأتهم على ذلك"، ما يجعلهم يتجنبون الحديث عن معاناتهم، وشرح نوعية المضايقات التي يتعرضون لها.
التقرير التالي يستعرض بعض الخطوات والنصائح للآباء؛ من أجل تقوّية شخصيّة الطفل وتحفيّزه على تخطّي ومواجهة جميع المضايقات التي يتعرّض لها، بالحديث عنها أو الشكوى منها، ولهذا كان اللقاء مع خبير الشؤون الأسرية وتعديل السلوك؛ الدكتور حازم عبد الفتاح.
خطوات من أجل شخصية قادرة على المواجهة
- منح الطفل فرصة الجلوس مع أفراد العائلة والأشخاص المعتاد عليهم الأكبر سناً منه، مع إعطائه فرصة لإبداء رأيه والإعجاب به، حتى وإن لم يكن في نفس موضوع الحديث، فذلك يشجعه على الإفصاح عن مشاعره وعدم كتمانها بداخله.
- معاملته معاملة حسنة أمام الآخرين، وعدم التقليل من شأنه أو من آرائه، بل التعامل معه كأنه فرد بالغ، مع شرح الهدف من ذهابه للمدرسة وكيف تتم العملية التعليمية، وتهيئة الطفل وتوضيح الأحداث التي سيتعرض لها وكيفية التعامل معها.
- الحرص على المظهر الخارجي، فهو ينعكس على ثقة الطفل بنفسه، ومحاولة تجنب السمنة والتي تعرّض الكثير من الأطفال للتنمر، مع الاهتمام بالجانب الصحي للطفل؛ وذلك من خلال منحه وجبات صحية ومشروبات مغذية تنشط من ذاكرته.
- الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية في هذا العمر، فهي تجعل الطفل منطوياً، واستبدالها بقراءة الكتب والقصص المصورة، فالأجهزة تحفزه على الاستغناء عن الأصدقاء وإمكانية الاحتماء بهم، والقراءة تعني الثقافة والمعرفة بحقيقة ما يحدث، وتعلم الطفل طرق المواجهة.
طالعي أيضاً الثقة بالنفس للأطفال كيف تدعمينها؟
توجيهات أساسيّة لضمان عدم تأثر الطفل
تشجيع الطفل على ممارسة نشاط ما والاهتمام به
من أجل ضمان عدم تأثّر طفلكِ بالمضايقات التي يتعرّض لها، لا بدّ من بناء واعتماد بعض الطرق الفعّالة التي تسهم في تكوين شخصية الطفل، وتشمل:
تشجيع الأطفال على ممارسة أنشطة يتقنونها لبناء الثقة بأنفسهم، كما يمكن الحديث حول إنجازاتهم وتقديم الإشادة بأعمالهم والتقدّم الذي يحققونه؛ فالرضا الذاتي يساعدهم على بناء الاحترام النفسي.
علّمي طفلكِ كيف يطلب المساعدة بلا خجل
في حال تعرّض الطفل لأي مضايقة -تؤلمه بشكل ما- يجب عليه أن يدرك أنّه يمكنه طلب المساعدة، فالبعض قد يجد صعوبة في الدفاع عن نفسه بمفرده، وهنا يأتي دور تعليمه بأنه ليس هناك عيب في اللجوء إلى شخص بالغ مثل المدرس لحلّ هذه المشكلة، أو سؤال الآباء العون.
الاستماع إلى مشاكل الطفل بشكل دائم روتيني
يجب التحدث مع الأطفال حول ما يحدث في المدرسة، وجعلهم يشعرون بأن كلامهم مهم ومفهوم، فوجود الوالدين كدعم دائم؛ يمكن أن يكون مصدرَ راحة كبيراً للطفل، ما يشجعه على التحدث بحرية حول تجربته.
وفي المقابل، على أولياء الأمور أن يكونوا حذرين من عدم التفاعل بشكل قوي وصادق؛ حيث يمكن أن يثير ذلك خوف الطفل من الإفصاح عن مشاكله مستقبلاً.
مع ضرورة تجنب إيجاد عيب في سلوك الطفل؛ لشرح سبب تعرضه للمضايقة، حيث لا يكون -في أحيان كثيرة- ذنب الطفل، وإذا تم إلقاء اللوم عليه، قد يزيد شعوره بالقلق والتوتّر.
تسمية الأفعال كما هي بمسمياتها
هناك ضرورة لتسمية الأشياء بمسمياتها؛ بمعنى أنه على الآباء استخدام مصطلحات محدّدة، مثل التنمر أو المضايقات، عند التحدث مع الطفل حول تجاربه في المدرسة، ما يساعد الطفل في فهم مضمون التصرفات التي يتعرض لها.
وهذا التوضيح قد يمكّنه من التعبير عن نفسه، وما يحدث له بشكل أوضح، فإذا تمكّن من ربط هذه الكلمات بسلوكيات معينة، مثل تلك التي قد يتعرض لها، فقد يشعر بالقوة الكافية ويهيئ نفسه للتغلب على التحديات.
خطوات لتعليم طفلك مواجهة المتنمرين
التأكيد على عدم التفاعل العاطفي مع المضايقات
من الضروري التأكيد على طفلك بعدم التفاعل العاطفي مع المضايقات؛ حيث يسعى المتنمّرون للحصول على رد فعل قوي من الضحية، ليزيدوه مضايقة وتنمراً، على الطفل تعلّم تجاهل التعليقات المزعجة وعدم إعطاء هؤلاء الأشخاص أي اهتمام، والابتعاد عنهم إذا كان ذلك ممكناً.
علّمي طفلك طريقة تحويل المضايقة إلى مجاملة
يمكن أيضاً تعليم الطفل كيفية تحويل المضايقات إلى مجاملة، فالمضايقون يسعون لجرح مشاعره، ولكن يمكنه على سبيل المثال، إذا كان يرتدي نظارات وأُطلق عليه لقب "صاحب العيون الأربع"، يمكن للطفل أن يشكرهم على انتباههم لهذا الاختلاف في وجهه، وسيؤدّي ذلك بالتأكيد إلى إرباك هؤلاء الأشخاص.
ملامح شخصية الطفل المحبوب والقوي معاً
مع بداية العام الدراسي الجديد، يجب على الأسرة توعية أبنائها ضد مخاطر ومساوئ مضايقات الآخرين، وكيفية التعامل السليم إذا تعرض الطفل لهذا الموقف من زملائه في المدرسة أو من أي شخص آخر، ويفضل البحث والتقصي عن أفضل الطرق والنصائح التي تساعد طفلك على أن يصبح شخصية محبوبة.
- توعية الأبناء، ليس فقط بمخاطر المضايقات، ولكن معرفة الطفل بأنواع التحرش، وكلما كان أكثر وعياً بالتفرقة بين هذه الأنواع وطرق التعامل معها؛ كان قوياً وشجاعاً في مواجهتها.
- التقرب من الطفل بالحوار والدعم المعنوي، حتى يشعر بالأمان النفسي ويلجأ لأبويه في حال تعرضه لأي موقف يشعره بالخوف والحيرة؛ فالاستعداد النفسي لمواجهة أي صعوبات في حياة الطفل يبدأ من داخل الأسرة.
- توعية الطفل ضد مخاطر التحرش، والذي يبدأ من خلال اعتزاز الطفل بنفسه ومعرفته بحدود جسده، وهنا ينبغي علينا تعريف الطفل بأن جسده ملك له؛ لا يحق لأحد لمسه أو التحرش به، خاصة في أيام الدراسة أو الذهاب لخارج المنزل.
- عدم الإهمال في توعية الطفل بحدود علاقاته مع الآخرين، فمهما كانت درجة قرابة بعض المحيطين بالأسرة، يجب على الأم عدم ترك الطفل ينام بمفرده لديهم، وكذلك توعية الطفل بضرورة غلق الباب عند دخول المرحاض في المدرسة، وتجنب دخول أي أحد معه.
- توجيه الطفل بطلب المساعدة في حالة تعرضه لأي مضايقة باللفظ أو اللمس، وعدم الاستسلام للشخص الذي ضايقه، فهو شخص ضعيف سيبتعد فوراً في حالة صراخ الطفل ورجوعه خطوات للخلف لطلب المساعدة.
- فهم ملامح الطفل، وإعطاؤه الفرصة للتعبير عن مشاعره دون مقاطعته، مع تجنب اللوم والتوبيخ؛ حتى لا يتجنب التحدث مع الأسرة؛ خوفاً من ردة الفعل والعقاب، فالمضايقات بأنواعها تترك بصماتها على وجه الأبناء.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.