تشير الدراسات الحديثة إلى أن واحداً من كل 10 أطفال في المدارس الابتدائية، تتراوح أعمارهم بين 5 و10 سنوات، يعاني من حالة صحية نفسية يمكن التعرف إليها. وهذا يعني حوالي ثلاثة أطفال في كل فصل. وفي الوقت الحاضر، أصبحت الصحة النفسية للأطفال موضوع نقاش عالمياً، ولكن غالباً ما يتم تجاهلها عند الأطفال. وإذا تم إهمال صحة الطفل، فإن ذلك يؤثر سلباً على نموه المعرفي، حيث قد يكون من الصعب عليه فهم المشاعر السلبية الطبيعية ومعالجتها، فكيف يسهم المرح في تعزيز الصحة النفسية للأطفال، حسب رأي الأطباء والاختصاصيين؟
دور اللعب والمرح في تعزيز الصحة النفسية الإيجابية
اللعب هو الوقت الذي يطور فيه الأطفال العديد من مهارات حل المشكلات، ويبنون الثقة، ويقيمون الصداقات. إن حل المشكلات والتوصل إلى حلول إبداعية أثناء اللعب يمنح الطلاب شعوراً بالإنجاز، وقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة إكستر أن الأطفال الذين يقضون وقتاً أطول في اللعب، لديهم أعراض أقل للقلق والاكتئاب.
إن منح الأطفال مساحة للعب يمكّنهم من التعامل مع مشاعرهم أثناء التصرف، كما يمنحهم اللعب وسيلة للتعبير والشرح عن الأشياء التي يكافحون من أجلها، من خلال إعادة تمثيل الأحداث عبر اللعب الخيالي، حيث يحاول التلاميذ الأصغر سناً فهم تأثير ما حدث.
تساعد الألعاب التخيلية الأطفال على فهم المجهول. فالأطفال الذين يتعلمون من خلال اللعب يطورون المهارات، كما يكتسبون الثقة والقدرة على الصمود من خلال وضع قواعد لألعابهم الخاصة. ويمكنهم التعبير عن آرائهم والتعبير عما يزعجهم، كما يتمتعون بقدرة أكبر على التحكم في استجاباتهم العاطفية، وهذه أدوات قوية لحماية الصحة النفسية للأطفال.
كيف يُمكن للمعلمين استخدام الأنشطة الإبداعية لتعزيز الصحة النفسية للأطفال؟
هناك العديد من الأنشطة الإبداعية التي يمكن للمعلمين استخدامها لتعزيز الصحة النفسية للأطفال، ومساعدة التلاميذ على التعبير عن مشاعرهم، وبناء المرونة، وتطوير مهارات التأقلم، ويمكن إدراجها كالآتي:
علموا الأطفال تدوين يومياتهم
يمكن أن يساعد تدوين المذكرات على تحسين التطور العاطفي، وتقدير الذات، والثقة، والتواصل. كما يمكن أن يساعد تدوين المذكرات على تهدئة المشاعر بعد الانفعالات والحد من الانفعالات العاطفية أو نوبات الغضب، وهذا يسهم في تحسين المهارات الاجتماعية؛ من خلال تشجيع التأمل الذاتي منذ سن مبكرة.
عندما يتعلم التلاميذ التعبير عن أنفسهم في شكل مكتوب، فإنهم يتركون أفكارهم ومخاوفهم ومشاعرهم على الورق، ما يساعدهم على معالجة مشاعرهم بطريقة فعالة. هذه الطريقة هي ليست فقط مجرد منفذ إبداعي للأطفال لتعلم كيفية التعبير عن مشاعرهم، ولكن يمكن للتلاميذ أيضاً من خلالها بناء مهاراتهم الحركية وتحسين خط اليد لديهم.
في حين أن تدوين اليوميات المكتوبة قد يكون أفضل بالنسبة لمرحلة التعليم الابتدائي الثاني، إلا أن التلاميذ الأصغر سناً قد يستفيدون من الرسم، فهو يوفر التوازن بين البنية والإبداع. يمكن للتلاميذ فتح صفحة فارغة وملؤها بأي شيء؛ ملصقات أو أعمال فنية أو قوائم بالأشياء التي يحبونها. يمكن للتلاميذ جعل أي نوع من المجلات أكثر إبداعاً وشخصية؛ باستخدام أقلام لامعة أو ألوان أو صور.
علموهم الإبداع في درس الفنون
حضّروا جلسة للفنون والحرف اليدوية للأطفال. يحب الأطفال الإبداع، وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم من خلال الفن الذي هو وسيلة للتعرف إلى مشاعرهم. وسواء كانوا يحبون الرسم أو التلوين أو النحت، فإن هذا النشاط الإبداعي سوف يكون له تأثير كبير، وتتضمن أفكار الحرف اليدوية ما يلي:
- إعداد جلسة تلوين بعد الظهر باستخدام أقلام التلوين والأقلام الرصاص وأقلام التحديد.
- تنظيم مسابقة النحت باستخدام عجينة اللعب.
- استخدموا مواد بسيطة (مثل الأطباق الورقية والقش والملصقات وما إلى ذلك) لإنشاء زخارف للفصل الدراسي.
- يمكن للتلاميذ الأكبر سناً تجربة التلوين الذهني الذي أصبح شائعاً بين البالغين.
علموهم الكتابة الحرة
إن توفير إرشادات الكتابة وإعطاء الأطفال 30 دقيقة للكتابة قد يكون أمراً إبداعياً وممتعاً، ناهيك عن كونه ممارسة رائعة للكتابة.
كيف يمكن إدارة فترات الراحة للأطفال بعد الحركة؟
يمكن أن تساعد هذه الفترات المعلمين أيضاً! حيث تشجع التمارين الرياضية للأطفال الجسم على إنتاج الإندورفين، وهو هرمون الشعور بالسعادة، والذي يمنح المعلمين والتلاميذ دفعة فورية من المزاج، عبر الطرق الآتية:
علموهم اليوجا
حيث تشجع اليوجا على الحركة والتمدد والاسترخاء واليقظة. وتستند العديد من طرق جلوس اليوجا إلى الحيوانات، وهذا ما يجعل الطلاب الصغار متحمسين لتجربة هذا النشاط منخفض التأثير.
شجعوهم على الجري
بين الدروس، اصطحبوا أطفال الصف إلى الخارج، للجري 10 دقائق حول الملعب، من دون أي تخطيط أو معدات. حيث يطور الجري عادات صحية، ومع الاستمرار يمكن للأطفال أن يشعروا بإحساس بالإنجاز مع زيادة مستويات لياقتهم البدنية، والعودة إلى الفصل وهم مستعدون للتعلم.
استخدموا صندوق اليقظة
دعوا الأطفال يملأون صندوقاً ببطاقات توضح أنشطة مهارات التركيز للطفل لنهاية هادئة لليوم، حيث تشجع هذه البطاقات الأطفال على التفكير في كيفية دمج الصحة النفسية الإيجابية جنباً إلى جنب مع إستراتيجيات تنظيم المشاعر. يمكن أن تشمل الأنشطة تمارين التنفس، وهي أكثر فعالية عند دمجها في الروتين اليومي.
خذوهم برحلة إلى الخارج
تشير الدراسات إلى أن التواجد في الهواء الطلق في الطبيعة يعزز الصحة العقلية والرفاهية والنمو بين الأطفال بعدة طرق، لدرجة أن الأنشطة الخارجية كانت منذ فترة طويلة جزءاً من المناهج الدراسية في الدول الإسكندنافية مثل فنلندا.
شجعوا الأطفال على اللعب في الهواء الطلق باستخدام التعزيز الإيجابي. على سبيل المثال، يمكن مكافأة الصف على "العمل الجاد" واصطحابهم إلى الخارج لمدة عشر دقائق يومياً. وتتضمن الأنشطة عدّ الفراشات أو أنشطة خارجية أخرى.
علموهم الدراما والتمثيل
يمكن استكشاف لعب الأدوار والارتجال. قسّموا التلاميذ إلى مجموعات مع طرح سيناريو لتمثيله ومناقشة النتائج (على سبيل المثال، اطرحوا موقفاً واسألوهم: ماذا سيفعلون؟) ركزوا على المشاعر التي قد يشعر بها الطلاب إذا كانوا في موقف معين. يساعد الارتجال على الإبداع ويمكِّن التلاميذ من الاستمتاع والضحك.
أنشطة ترفيهية جديدة لضمان طفولة سعيدة.. استفيدي منها
أفكار أخرى لأوقات مرحة مع الأطفال
متعة العطلة: وتتضمن المشاركة في التلوين، والكلمات المتقاطعة، وتدوين المذكرات أو لعبة السودوكو (بما يتناسب مع العمر) لتنشيط عقولهم قبل بدء الدروس.
الموسيقى: غالباً ما تكون منفذاً قوياً للعواطف. يمكن للتلاميذ من جميع الأعمار الاستمتاع بالاستماع إلى الموسيقى وتأليفها.
كتابة الرسائل: يمكن أن تكون طريقة فعالة لدفع التلاميذ إلى التحدث عن مشاعرهم، وبالتالي العمل على مهارات التعبير عن الذات والتواصل.
زراعة زهرة في الفصل الدراسي: وهذا النشاط يعني أن التلاميذ سيتعلمون الصبر. كما أن تكليف أحد التلاميذ بالعناية بالنبات كل أسبوع يمنحهم شعوراً بالمسؤولية والاستقلال.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.