مع استمرار فعاليات موسم الرياض 2024، تُفتح أبواب عالم مليء بتجارب وأحداث لا تنتهي؛ فهذا الموسم ليس فقط وجهة ترفيهية؛ بل يعَد منصة محفزة ومعززة للقيم الإيجابية لدى الأطفال. وفي ظل تفاعلهم مع تلك البيئة المتنوّعة، يمكن تعلُّم القيم الإيجابية الأساسية، مثل: التعاوُن، الاحترام، والمشاركة؛ مما يُسهم في تشكيل شخصياتهم كمواطنين فاعلين وأبطال في المستقبل القريب.
في هذا التقرير، يستعرض أستاذ التربية وتعديل السلوك، الدكتور سعد السرجاني، كيف تساهم الفعاليات في تعزيز قيم التعاون والتضامن والمشاركة؛ مما يساهم في تشكيل أبطال المستقبل.
أهمية القيم الإيجابية في نموّ الأطفال
تُعتبر القيم الإيجابية جزءاً لا يتجزأ من تطوير شخصية الطفل؛ فمن خلال تعلُّم التعاون- الألعاب الجماعية أو وسط جماعة- يتعلم الأطفال كيفية العمل كفريق واحد لتحقيق أهداف مشتركة. الاحترام صفة تصبح عادة بدوام التعامل معها؛ فهي تساهم في بناء علاقات قوية مع الآخرين، كما تعزز المشاركة من روح التضامن والتعاون، وكلها قيم تؤسس لجيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل بروح إيجابية.
خطوات طالعيها لكيفية تحديد الإستراتيجية المناسبة لتدريس طفلك حسب شخصيته
الفعاليات التي تعزز القيم الإيجابية
أنشطة التعاون الجماعي:
تقدّم فعاليات موسم الرياض مجموعة من الأنشطة التي تتطلب العمل الجماعي. مثل: ورش العمل الفنية، ألعاب الفريق، والمنافسات الرياضية. ومن خلال هذه الأنشطة، يتعلم الأطفال كيفية التواصل مع بعضهم البعض، وتبادُل الأفكار، وتحقيق الأهداف المشتركة.
ألعاب الفريق، مثل كرة القدم وكرة السلة، تشجّع الأطفال على تعزيز روح الفريق؛ حيث يُدركون أهمية العمل معاً لتحقيق النجاح.
ورش العمل الإبداعية:
تُعَد ورش العمل الفنية والموسيقية فرصة مثالية للأطفال لتطوير مهاراتهم الإبداعية، ولكنها أيضاً تُعزز من قيم المشاركة والتعاون. فمن خلال هذه الورش، يُشجَّع الأطفال على التعاون في إنجاز الأعمال الفنية؛ مما يُعزز من روح الفريق والتواصل.
مثال: ورش الرسم الجماعي؛ حيث يشارك الأطفال في رسم لوحة كبيرة، يتعاونون في اختيار الألوان والأفكار؛ مما يعزز من روح التعاون بينهم.
الفعاليات الثقافية:
تقدّم الفعاليات الثقافية فرصة رائعة للأطفال للتعرُّف إلى تراثهم وثقافاتهم؛ مما يُعزز من قيمة الاحترام، من خلال المشاركة في الفعاليات. يُمكن للأطفال فهم تاريخهم وثقافاتهم المختلفة؛ مما يُساعدهم ويحفزهم على احترام التنوُّع والاختلاف.
العروض المسرحية- مثلا- يمكن أن تتناول مواضيع حول التسامح والتعاون بين الثقافات؛ مما يُعزز من قيم الاحترام والمشاركة.
المسابقات الرياضية:
تنظّم فعاليات رياضية تشمل مسابقات جماعية تشجّع الأطفال على العمل معاً لتحقيق الفوز؛ فمن خلال الرياضة، يتعلم الأطفال أهمية التعاون والروح الرياضية التي تخلق منافسة شريفة.
التحديات الرياضية: مثل سباقات التتابع، والتي تتطلب تنسيق الجهود والعمل الجماعي لتحقيق النصر؛ مما يُعزز من قيمة التعاون لهدف أكبر وهو النصر والإنجاز.
تأثير الفعاليات على تنمية القيم
تطوير مهارات التواصل: من خلال التفاعل مع أقرانهم في الفعاليات، يكتسب الأطفال مهارات التواصل الفعالة؛ حيث يتعلمون كيفية التعبير عن آرائهم، الاستماع للآخرين، والتفاوض مع بعضهم البعض بشكل إيجابي.
تعزيز الثقة بالنفس: عندما تُتاح للأطفال فرص للعمل في مجموعات وتحقيق إنجازات مشتركة، يشعرون بالثقة في أنفسهم، وهذه الثقة تعزز من رغبتهم في المشاركة في الفعاليات الاجتماعية الأكبر.
تنمية المهارات القيادية: من خلال الفعاليات التي تتطلب التعاون، يُمكن للأطفال تطوير مهارات القيادة؛ حيث يتشجعون على أخذ المبادرة، وتنظيم الأنشطة، وتحفيز زملائهم على المشاركة.
قصص نجاح من الفعاليات
لنأخذ بعض الأمثلة من فعاليات سابقة في موسم الرياض، وكيف ساهمت في تعزيز القيم الإيجابية.
مهرجان الفنون
خلال مهرجان الفنون، تم تنظيم ورش عمل تجمع الأطفال من مختلف الأعمار، كان من المدهش رؤية كيف تعاون الأطفال في إنشاء عمل فني جماعي، هذا العمل لم يكن مجرد لوحة؛ بل رمزاً لروح التعاون والمشاركة.
ألعاب الفرق
في إحدى البطولات الرياضية، تم تشكيل فرق مختلطة من الأطفال من مختلف المناطق، كانت المنافسة قوية، لكن ما لفت الانتباه هو كيف تَشارك الأطفال في تشجيع بعضهم البعض؛ مُظهرين روح التعاون والاحترام المتبادَل.
دور الأهل والمجتمع
توجيه الأطفال نحو المشاركة في الفعاليات له أهمية كبيرة؛ فهم الذين يقومون بتشجيعهم على تجربة أنشطة جديدة والتفاعل مع أقرانهم؛ مما يُعزز من مهاراتهم الاجتماعية.
تقدير الجهود التي يبذلها الأطفال في الفعاليات يُعزز من ثقتهم بأنفسهم، وعندما يشعر الأطفال بأنهم مُقدَّرون، تتولد بداخلهم رغبة أكبر في المشاركة والعمل الجماعي.
الالتزام من جانب الأهل بالقيم الإيجابية في حياتهم اليومية يمثل القدوة لأطفالهم. بهذه الطريقة يُمكنهم تعليم أطفالهم كيفية تطبيق هذه القيم في المجتمع.
إن بناء جيل واعٍ ومثقف يتطلب جهوداً مشتركة من المجتمع، الأهل، والفعاليات؛ ليصبحوا في النهاية أبطالاً للمستقبل، يُساهمون في بناء مجتمع أفضل.