يوافق اليوم في الثامن من شهر مايو من كل عام اليوم العالمي للثلاسيميا، الذي يهدف إلى رفع مستوى الوعي حول هذه الحالة، والسعي للوصول إلى علاج مناسب. ويسلّط موضوع هذا العام، "تمكين الحياة، واحتضان التقدم: علاج الثلاسيميا المنصف والمتاح للجميع"، الضوء على أهمية ضمان حصول الأفراد من جميع الخلفيات على الرعاية التي يحتاجون إليها ليعيشوا حياة طبيعية.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 5% من سكان العالم يحملون مورثات اضطرابات الهيموجلوبين وخاصة مرض الخلايا المنجلية والثلاسيميا، على الرغم من أن هذا الأمر لا يعني بالضرورة إصابتهم بالمرض، بالإضافة إلى ذلك، فإن التقديرات تشير أيضاً إلى أن نحو 300 ألف طفل يولدون سنوياً مع اضطرابات هيموجلوبين شديدة.
وفي هذا اليوم لا بد من تسليط الضوء على مرض الثلاسيميا المزمن وأحدث العلاجات.
يعد فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا من الأمراض الوراثية الناتجة عن الاضطرابات في الهيموجلوبين الذي يعتبر البروتين أحمر اللون المسؤول عن نقل الأكسجين في الدم، وفي حالة فقر الدم المنجلي، تؤدي طفرة جينية إلى تكتل الهيموجلوبين غير الطبيعي مع بعضه البعض، ما يجعل خلايا الدم الحمراء منجلية الشكل، في حين يؤثر مرض الثلاسيميا بيتا على قدرة الجسم على إنتاج الهيموجلوبين، وتعتبر الهند ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين الدول ذات أعلى مستويات الإصابة بهذين المرضين.
علاجات وراثية لفقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا
وفي جديد العلاجات، أصبح هناك ثلاثة علاجات وراثية لمعالجة المصابين بفقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا؛ الأمر الذي سيُسهم في تحسين جودة حياة المرضى وحصولهم على علاج وظيفي في أغلب الحالات.
ووفقاً للدكتور ربيع حنا، اختصاصي أمراض الدم والأورام، ومدير برنامج زراعة الدم ونخاع العظام في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال، فإنّ هذه السبل العلاجية الجديدة تتسم بقابلية تحمُّل المرضى لها بشكل جيد، وقدرتها على إحداث تحول ملموس في حياتهم، كما أنها تمكِّن الأفراد من التحرر من الآثار المنهكة في كثير من الأحيان لهذه الأمراض وطرق علاجها التقليدية مثل عمليات نقل الدم المتكررة التي قد تنطوي على مخاطر زيادة الحديد، وتلف الأعضاء.
مضاعفات فقر الدم المنجلي والثلاسيميا
ويرتبط كل من فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بمضاعفات تمتد طوال الحياة، وتتسبب بإحداث ضرر في أعضاء متعددة بالجسم، إلى جانب إمكانية الإصابة بأمراض مصاحبة تؤثر على جودة حياة المرضى، ما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى قصر أعمارهم.
وكان العلاج الوحيد المتوافر إلى الآن هو نقل الدم أو زرع النخاع، لكن العثور على متبرع مناسب كان صعباً في الكثير من الأحيان، كما أن هذا العلاج يترافق بعدة تعقيدات بسبب إمكانية الإصابة بداء تفاعل الطُّعم حيال الثوي (GVHD) الناتج عن التفاعل المناعي بين المتبرع والمتلقي (المريض).
ووفقاً لدراسة أجرتها المكتبة العامة للعلوم ( (PLoS)، فإن ارتفاع معدل انتشار حاملي مرض الثلاسيميا بين السكان يمثل مصدر قلق للصحة العامة، ويعني ذلك أن هناك فرصة بنسبة 25% لإنجاب طفل مصاب بالثلاسيميا الكبرى في حالة حدوث تزاوج بين شخصين حاملين للمرض، وهذا ما يؤدي بدوره إلى زيادة محتملة في عدد حالات الإصابة بالثلاسيميا الكبرى.
لذلك تعتبر الوقاية أمراً بالغ الأهمية في معالجة مرض الثلاسيميا، إذ تمثل الاختبارات الجينية والاستشارات الطبية أدوات أساسية للتخفيف من خطر الإصابة بالثلاسيميا الكبرى.
ويشمل علاج الأفراد الذين يعانون من المرض عادةً نهجاً متعدد الأوجه، والذي يتضمن عمليات نقل الدم، والعلاج باستخلاب الحديد (Iron Chelation Therapy)، والتعديلات الغذائية، والمكملات الغذائية لإدارة الأعراض على نحو فعّال.
علاجات الثلاسيميا الجديدة ذات فعالية عالية
لكن العلاجات الجديدة تعمل عبر استخراج الخلايا الجذعية المنتجة للدم من المريض نفسه، ثم تعديل أو إضافة مورثات منتجة لخلايا دم حمراء طبيعية من الناحية الوظيفية، وإعادة زرع هذه الخلايا الجذعية المنتجة للدم في المريض، ما يلغي بالتالي الحاجة إلى إيجاد متبرع مطابق، أو استخدام أدوية لتثبيط المناعة؛ ما يقلل بالتالي من خطر رفض الجسم للطعم المزروع وتجنّب مضاعفات داء تفاعل الطُّعم حيال الثوي (GVHD).
- تقوم أحدث الطرق العلاجية Exagamglogene autotemcel [Casgevy]، بمعالجة فقر الدم المنجلي والثلاسيميا بيتا لدى الأطفال من عمر 12 عاماً فما فوق والراشدين، وحصلت هذه الطريقة العلاجية في يناير من العام الجاري على الموافقة لاستخدامها في علاج مرض فقر الدم المنجلي، كما حصلت في ديسمبر 2023 على الموافقة لاستخدامها في علاج الثلاسيميا بيتا المعتمدة على نقل الدم، وهي تعتبر أول دواء يحصل على الموافقة لاستخدامه في الولايات المتحدة ويستعمل أداة التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد (CRISPR) للتعديل الوراثي والتي حصل مخترعوها على جائزة نوبل للكيمياء في عام 2020.
- أما الأسلوبين العلاجيين الآخرين فهما: Lovotibeglogene autotemcel [Lyfgenia]، الذي حصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في ديسمبر من العام الماضي، ويتم استخدامه لعلاج المرضى المصابين بفقر الدم المنجلي ممن يبلغون 12 عاماً من العمر فما فوق؛ وBetibeglogene autotemcel [Zynteglo]، الذي حصل على الموافقة في عام 2022 لعلاج الأطفال والراشدين المصابين بالثلاسيميا بيتا المعتمدة على نقل الدم.
ربما ترغبين قراءة هذا الموضوع أعراض نقص الحديد في الجسم وطرق التعامل معه
نجاح ملموس للعلاج الذي يتلقاه المريض مرة واحدة
لقد أظهرت التجارب السريرية نجاحاً ملموساً لهذا العلاج الذي يُقدَّم إلى المرضى لمرة واحدة في حياتهم، مع معدلات شفاء وظيفي تزيد على الـ 90% بكثير وتتمثل إما بعدم الحاجة إلى نقل دم لدى مرضى الثلاسيميا أو البقاء دون ألم لدى مرضى فقر الدم المنجلي. ولكن يجب على المرضى المحتملين إدراك حقيقة أن هذه الرحلة العلاجية مؤلفة من عدة مراحل، ولذلك فإن المراكز التي لديها الخبرة الشاملة والمتخصصة لتقديم العلاج اللازم قليلة بحسب الدكتور ربيع حنا.
- وتمتد المرحلة التحضيرية الأولية لشهرين أو ثلاثة أشهر، لتهيئة الجسم لأخذ الخلايا الجذعية وذلك من خلال التقليل من أي التهابات في نخاع عظم المرضى. ويمكن إعطاء بعض الأدوية أو إيقاف بعضها، كما قد يحصل المرضى على عمليات نقل دم إضافية.
- بعد ذلك، يتم سحب الخلايا الجذعية من المرضى، وإرسالها إلى شركة خارجية للقيام بالتعديل الوراثي، وفي هذه المرحلة تتم إضافة المورثة القادرة على إنتاج هيموجلوبين طبيعي، أو استبدالها بالمورثة المعيبة في الخلايا الجذعية المأخوذة من المريض.
- وتخضع الخلايا المعدّلة بعد ذلك إلى اختبار ضمان الجودة الذي يمتد لشهرين إضافيين.
- وبحلول نهاية تلك الفترة، يخضع المرضى للعلاج الكيميائي على مدى بضعة أيام لتدمير ما تبقى من نخاع العظم وإفساح المجال لنمو الخلايا التي تمَّ إصلاحها والتي سيتم زرعها مرة أخرى في الجسم.
- وفي المرحلة النهائية تشتمل على البقاء في المستشفى لمدة أربعة إلى ستة أسابيع، حيث سيتم زرع الخلايا وسيخضع المريض إلى المراقبة الدقيقة تحسباً لأي آثار جانبية.
وهنا يوضح الدكتور حنا أنه يتم استخدام عقار واحد، في العلاج الكيميائي هو "بوسولفان"، وذلك للتخلص من نخاع العظام القديم وتوفير المساحة اللازمة للخلايا الجذعية الجديدة المعدلة.
تعتبر هذه الطريقة في الأساس عملية زرع ذاتي، أي أنها تستخدم خلايا المريض نفسه، لذلك لا يحتاج المرضى إلى تناول أدوية لتثبيط أجهزتهم المناعية، كما أنها لا تنطوي على مخاطر الإصابة بداء تفاعل الطُّعم حيال الثوي (GVHD) والذي تقوم خلايا نقي العظام أو الخلايا الجذعية للمتبرع فيه بمهاجمة جسم المتلقي.
قد تودين الإطلاع على علاج نقص الحديد بعناصر غذائية نباتية.
*المصادر:
-George’s University/School of medicine
-Cleveland Clinic
*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.