المؤسس المشارك لمعرض بروكسل للسيراميك جيل بارمينتييه: للمادة إمكانيات لا محدودة من منظور معاصر

جيل بارمينتييه، المؤسس المشارك لمعرض بروكسل للسيراميك
المؤسس المشارك لمعرض بروكسل للسيراميك جيل بارمينتييه (تصوير: Geoffrey Fritsch)

قام البشر بأعمال كثيرة باستخدام السيراميك، منذ أن اكتشفوا إمكانية العثور على الطين بكثرة، وتشكيله على هيئة أشياء مختلفة، عن طريق خلطه أولاً بالماء ثم إحراقه. يرجع تاريخ أقدم قطعة أثرية سيراميكية معروفة إلى عام 28000 قبل الميلاد؛ القطعة عبارة عن تمثال صغير لامرأة، تدعى فينوس دولني فيستونيس، من مستوطنة ما قبل التاريخ الصغيرة بالقرب من برنو، في جمهورية التشيك.
اللافت أن المصنوعات الفنية من السيراميك لا تزال مرغوبة حتى اليوم، من الجامعين، ومحط إعجاب من ملاك المنازل الراغبين بأن يحيطوا أنفسهم بالجمال، فالسيراميك المعاصر جذاب بشكل خاص لهواة الجمع الأصغر سنّاً، وأعمال الفنانين المعاصرين تكسر الحدود وتنظر إلى هذه المادة المتواضعة بعين الحاضر، وتقدمها في صور تجعل أعين المهتمين مشدوهة بها، لا سيما مع دمج السيراميك بمواد أخرى، أو الجمع بين السيراميك والتكنولوجيا.
قبيل انتهاء أيام النسخة الثانية من معرض بروكسل للسيراميك Ceramic Brussels، أول معرض دولي للفن المعاصر مخصص للسيراميك، حاورت "سيدتي"، جيل بارمينتييه Gilles Parmentier، المؤسس المشارك للمعرض، وسألته عن هذه الخامة، وصورها الفنية الحديثة، وأهداف المعرض.

السيراميك المعاصر

من المعروضات في النسخة الثانية من معرض بروكسل للسيراميك (تصوير: MICKAEL PIJOUBERT)

لماذا يركز المعرض على السيراميك؟

لقد لاحظنا تزايداً ملحوظاً في حضور السيراميك في المتاحف والمعارض والمهرجانات والمؤسسات الثقافية. ومع ذلك، لم ينعكس هذا الارتفاع في مكانة السيراميك على وجود منصة موحدة قادرة على الترويج والدعم والذود عن حيوية وجودة السيراميك المعاصر. كانت نشأت فكرة إنشاء معرض مخصص للسيراميك قبل عامين. قرر جان-مارك ديمانش وأنا السفر عبر أوروبا للقاء اللاعبين الرئيسيين في عالم السيراميك ودعوتهم للانضمام إلينا لإنشاء منصة دولية في بروكسل متمثلة في معرض. عُقدت الدورة الأولى في يناير 2024، ويسعدنا أن نقدم الدورة الثانية هذا العام (2025)، مع 65 معرضاً، وثلاثة عارضين، وضيفة شرف واحدة، ومعرض جماعي لـ 10 فنانين، وتجهيز فني من "كريست"، والأخيرة هي جماعة من الفنانين المقيمين في بروكسل. يدعو تركيبهم النسيجي الضخم عند المدخل الزوار للمشاركة والتفاعل. كما يتضمن المعرض برنامجاً غنياً من المؤتمرات وتركيزاً خاصاً على النرويج. تقدم الدورة الثانية مجموعة متنوعة وكثيفة من الأنشطة.

مدينة بروكسل

جانب من المعرض (تصوير: MICKAEL PIJOUBERT)

هل هناك صلة محددة بين السيراميك ومدينة بروكسل؟

تشتهر بروكسل بجامعيها، وانفتاحها على الإبداع، وشبكتها القوية من المؤسسات والفنانين والمعارض المعترف بها دولياً. هناك أعمال منفذة بالسيراميك في استوديوهات العديد من الفنانين البلجيكيين. وعلى الرغم من أن بلجيكا قد لا تمتلك تقليداً طويلاً في مجال السيراميك، إلا أن هناك صناعات تاريخية مهمة مرتبطة بالسيراميك، مثل المصانع في لا لوفيير. من الناحية الفنية، هناك مشهد شاب نابض بالحياة وديناميكي ناشئ اليوم.

تاريخ السيراميك

تشكيلات لافتة من فن السيراميك (تصوير: MICKAEL PIJOUBERT)

ما هو دور المعرض في الإضاءة على شخصيات بارزة في إطار فنّ السيراميك؟

من المهمّ لنا تكريم أولئك الذين شكلوا تاريخ السيراميك. لقد ساهم الفنانون والرواد المعاصرون، وخاصة أولئك من النصف الثاني من القرن العشرين، مثل بيكاسو ويوهان كريتن وميكيل بارسيلو، كل بطريقته الخاصة، في وضع السيراميك في طليعة الإبداع الفني. غالباً ما كان السيراميك يُصنف ضمن الفنون الزخرفية. وقد ساعد هؤلاء الرواد على رفعه إلى مستوى أعلى من جوانبه الوظيفية والعملية، وتحويله إلى شكل فني مستقل - النحت. من خلال المعرض، نهدف إلى تقديم منظور جديد وإعادة اكتشاف هؤلاء الفنانين الذين ساهموا كثيراً في تاريخ السيراميك.

أعمال من النرويج

من مشاركات النرويج في النسخة الثانية من معرض بروكسل للسيراميك (الصورة من QB GALLERY)

 

لماذا تركز النسخة الثانية من المعرض على النرويج؟

يوفر التركيز على النرويج فرصةً لتعريف الزوار والجامعين والمؤسسات بمشهد فني نابض بالحياة، وناشئ، وفريد من نوعه. يترجم هذا التركيز من خلال حضور 5 غاليريهات فنية نرويجية، ويوم من المؤتمرات، وحفلات افتتاح رسمية، ولقاءات، بما في ذلك مشاركة السفير النرويجي. تساهم هذه المبادرة في تعزيز العلاقات وتسليط الضوء على مشهد فني أقل شهرة، خاصة في بلجيكا، مما يخلق فرصاً لتبادلات ثقافية أوسع.

الاستدامة

كيف تقوم الاستدامة بدور في إطار المعرض؟

نحن ملتزمون بشدة باحترام البيئة وتقليل تأثيرنا البيئي، كمنظمين. خلال أيام المعرض، نعطي الأولوية لاستئجار الأثاث، واستخدام المواد المعاد تدويرها، والعمل مع الألواح القابلة لإعادة الاستخدام لضمان نهج مستدام. في العموم، إنتاج السيراميك، بطبيعته، كثيف الاستهلاك للطاقة بسبب اعتماده على الكهرباء ودرجات الحرارة العالية للخبز. يتم تناول هذا الشاغل خلال المعرض من خلال المناقشات والبحوث، مع التأكيد على ضرورة الانخراط مع جميع أصحاب المصلحة لإيجاد حلول مستدامة.

اتجاهات ناشئة

جناح في معرض بروكسل للسيراميك (تصوير: MICKAEL PIJOUBERT)

ما المقصود بالسيراميك الحديث، وما هي الاتجاهات الناشئة؟

من السمات المميزة للمعرض قدرته على عرض تنوع الأساليب والممارسات في السيراميك. نعرض أعمالاً تقليدية من فن السيراميك، إلى جانب الأعمال التي تدفع الحدود، مثل القطع التي تجمع بين الوسائط المختلطة أو تستكشف تقنيات غير تقليدية مثل كسر الأشكال وإعادة بنائها. على سبيل المثال، يجمع بعض التجهيزات الفنية بين السيراميك ومواد مثل الزجاج أو التكنولوجيا، بينما يستخدم البعض الآخر السيراميك لاستكشاف الصوت والحركة. والاتجاه العام هو استكشاف غير محدود من قبل الفنانين الذين يعيدون باستمرار تعريف إمكانيات الوسيلة (السيراميك).

متخصصون وخبراء من أوروبا

ما هي المعايير المتبعة في اختيار الأعمال المعروضة؟

يعمل المعرض، بدعم من مجلس استشاري مؤلّف من متخصصين وخبراء من جميع أنحاء أوروبا، وذلك لتحليل مقترحات الغاليريهات الفنية واختيار المشاركين. في هذا الإطار، يقدم كل غاليري طلباً يوضح رؤيته ومشروعه مع أسماء الفنانين الذين يعتزم تقديمهم. بناءً على هذه الطلبات، تقوم لجنة التحكيم بالتقييم وتقرر ما هي الغاليريهات التي سيتم قبولها. هذا العام، تلقينا عدداً كبيراً من الطلبات ويسعدنا الترحيب بغاليريهات من اليابان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والدنمارك والنرويج وأكثر.

تركيب استثنائي

إليزابيت جاجير، ضيفة شرف النسخة الثانية من معرض بروكسل للسيراميك (تصوير: QIAOSEN YANG)

ماذا عن ضيفة الشرف إليزابيت جاجير؟

لقد ابتكرت إليزابيت جاجير (مولودة عام 1988 في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، وتعيش وتعمل في نيويورك)، ضيفة شرفنا، تركيباً استثنائياً للمعرض، يتكون من تسع صناديق معروضة عند مدخل المعرض. يدعو هذا التركيب الزوار للانخراط في رؤيتها الفنية بطريقة غامرة ومحفزة للتفكير، علماً أن عملها يعرض في شكل شبه متحفي.

من أعمال إليزابيت جاجير، ضيفة شرف النسخة الثانية من معرض بروكسل للسيراميك (الصورة من أرشيف غاليري Mennour)

 

تعزيز الروابط العالمية

هل هناك خطط لضم فنانين أو معارض فنية من خارج أوروبا، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، في النسخ القادمة؟

ترحب النسخة الثانية، بالفعل، بعدد صغير من المعارض الفنية من خارج أوروبا، مع حرص على توسيع نطاق المعرض الدولي، بشكل أكبر. يعد تعزيز روابطنا العالمية أولوية استراتيجية. نعد بنسخة ثالثة من المعرض، أكثر شمولاً على الصعيد الدولي.