استوقفني ذات يوم جوابٌ للممثّل السينمائي مارلون براندو في إثر قيامه ببطولة فيلم عن العنصرية في جنوب أفريقيا.
في سياق حديث أجرته معه صحيفة كندية وجِّه إليه السؤال التالي:
أو تظنّ أنه سيجيء يوم تختفي فيه النزاعات التي تقوم بين بني البشر؟
وكان جوابه: إذا لم تعد هناك خلافات حول ما يفرّق الناس من أسباب عنصرية أو عرقية، وجنسية أو دينية فإن الذين يستخدمون اليد اليمنى سوف يقاتلون من يستخدم اليد اليسرى.
أي باختصار: إن الخلاف يبقى من طبيعة البشر؛ يولد معهم، وينمو من خلال ما يتعلمون أو يمارسون في سلوكهم أو عملهم.
>>>
أذكر من بعض الدروس المُدرجة في المناهج التربوية للأطفال درساً يُركّز على العناية بالفوارق الفردية لدى الطلاب، من أجل ملاحظتها ومراعاتها كي لا ينساق الجميع بعصا واحدة؛ لأن الإنسان، من بين سائر المخلوقات، يتميّز بتلك الفردية، ويتوقف سلوكه الشخصي على تربيتها وتوجيهها.
لكن مراعاة الخصوصية الفردية لا يعني غرس بذور الخلاف بل الاختلاف، خصوصاً متى كانت نابعة من عناصر سلبية.
>>>
أثار هذا الموضوع ما يدور في العالم من صراع تدوّي به وسائل الإعلام، وتنشر أثره بكل القبح والعدائية؛ حتى إذا ما حاولنا تجاهله، ولجأنا إلى الزوايا القريبة في المجتمع، نكتشف بأن المشكلة تبدأ هناك، وفي الجذور التربوية، بل تنشأ في أحضان الأسرة، وبسبب نقص في التوجيه التربوي؛ لأن الأب الذي لا يساوي بين أبنائه في المعاملة، يخلق بذرة تنمو معهم وتسبب بالتالي، الفرقة والعداء.
كما أن الأم وهي الحضن الدافئ، والذي يجمع ويضمّ العائلة، تهب من حنانها وعطفها، في بعض الأحيان، إلى أحد أولادها، ما لا تسخو به على أخته أو أخيه. وقد تفعل ذلك عن جهل أو من دون قصد، لكنها تغرس بذوراً تقود إلى الشقاق والخلاف.
>>>
لا نحتاج إلى الذهاب بعيداً كي نكتشف صحّة هذه النظرية؛ إذ يكفي أن نلتفت حولنا، لنسمع أصداء الخلاف الذي ينشأ بين الإخوة والأخوات، ويكون السبب، في معظم الأوقات، عدم مُراعاة الأهل، في توزيع الحصص بالتساوي كما المحبّة، على أبنائهم والبنات.