هل تضر التكنولوجيا بدماغ المراهقين؟

صورة مراهق وراء الكمبيوتر
المراهق والتكنولوجيا

هل يمكن أن تتصور التطور التكنولوجي الذي طرأ في العالم بأسره من ضمنه أمريكا اللاتينية؟ إنه تطور كبير وكبير جداً وعالم مثير وجذاب للجيل المراهق، يمكن أن يكون الأمر قد هدأت حدته في العالم الأول، أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه في قمة التطورات والنقاش والتطبيق العملي في بقية أنحاء العالم، وعلى وجه الخصوص القارة الأمريكية اللاتينية التي تنتسب إلى العالم الثالث، هناك في الحقيقة انقسام كبير حول التكنولوجيا إن كان عالم الإنترنت أو وسائل الاتصال الاجتماعي أو تطبيق الدراسات عبر الإنترنت أو حتى كسب الرزق أي العمل (أونلاين).
وفي الجانب الآخر هناك معارضة من قبل جماعات تقول إن التكنولوجيا بعناصرها وأوجهها قد أحدثت تباعاً اجتماعياً (على الصعيد الشخصي)، وأكثرت وطورت حيلاً وطرقاً من أجل الاحتيال وكسب المال عبر طرق غير قانونية، فما الذي تثبته الدراسات والمتخصصون؟

ما هي سنوات المراهقة؟

ما هي سنوات المراهقة؟


هي فترة التطور بين الطفولة والبلوغ، وتتراوح سنوات المراهقة تقريباً بين عمر 10 أعوام إلى 24 عاماً، وهي فترة زمنية يتعلم فيها الأطفال الكثير داخل الصفوف الدراسية وخارجها على حد سواء، ويكتشفون مجالات اهتمامهم، ويتعرفون إلى أنفسهم وما يشعرون به تجاه هويتهم، ويواجه المراهقون في الفترة العمرية ما بين 10 و24 عاماً تغييرات كبيرة سواء في الجسم أو المخ، فخلال هذه السنوات نصبح أكثر حساسية تجاه ما يحدث حولنا، وأكثر قدرة على فهم المشاعر والأحاسيس والتعبير عنها والتحكم فيها والأحاسيس من أجل بناء علاقات مع الآخرين والحفاظ عليها، والتي تشارك في عملية التحكم الإدراكي والمعالجة الاجتماعية وعملية المكافأة من مختلف الزوايا، وهي:

  • سطح النصف الأيمن للمخ، يظهر المناطق التي تشارك في التحكم الإدراكي، والمناطق التي تشارك في المعالجة الاجتماعية.
  • منتصف سطح الجانب الأيسر للمخ؛ ويوضح المناطق الرئيسية للدماغ الاجتماعي.
  • منتصف المخ (تخيل أن الشخص ينظر إليك مباشرةً)؛ يظهر المناطق التي تشارك في عملية المكافأة.


كيف أتعامل مع ابني وابنتي المراهقة؟

ما هي أهداف المراهقين الإنمائية؟

  • تحقيق قدرات مفترضة خلال حياتهم (القدرة على المشي، للأطفال، أو الاستقلال عن الوالدين بالنسبة للمراهقين).
  • اكتشاف هويتهم وتطوير علاقاتهم مع الآخرين، وهذا الهدف قد يتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي، فالمراهق قد يولي عدد الإعجابات أو المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي اهتماماً كبيراً؛ لأنه يشعره بأهميته ومكانته خاصة بين أقرانه، وقد يكون هذا الاحتياج للحصول على المكافآت الخارجية.

للطرفين أسبابهما

قال جوليو ساكانا رئيس قسم البرمجيات في جمعية الكومبيوتر البرازيلية إنه إذا استمعت إلى كل طرف فإنك ستعطي كليهما بعض أو الكثير من المنطقية فيما يقولونه، ولكن الحق يقال فإن الجانب الإيجابي للتطور التكنولوجي أفاد ويفيد جيل المراهقين، بالطبع اعتماداً على الغايات التي من أجلها يستعملون هذا الكومبيوتر، ولكن المجتمعات تنظر إلى نور يخرج من نفق مظلم ليركضوا إليه من أجل إيجاد طريقهم ومعرفة وجهتهم.

التفاعل الدماغي والتكنولوجيا

طبقاً لرأي /سكانا / فإنه توجد في المخ مناطق تتفاعل مع الأشياء الشيقة أو الجذابة، بالإضافة إلى مناطق أخرى تساعدك على التخطيط والسيطرة على اندفاعاتك، ويعمل النظامان معاً لمنحك القدرة على التعلم، ويتغير المخ في مراحل نموه المختلفة؛ مثل الطفولة والمراهقة، كما تتغير التوازنات بين مناطق المكافأة ومناطق السيطرة بالمخ.
وتدفع هذه التغييرات الأطفال والمراهقين إلى المزيد من الرغبة في الاستكشاف وخوض المخاطر والتعلم من الأصدقاء، ولكن تزيد هذه التغيرات من صعوبة السيطرة على السلوك وتنظيمه لدى الأطفال، خاصة عندما يكونون بصحبة أصدقائهم أو في مواقف يتخللها الحماس والإثارة، ويمكن للتكنولوجيا أن تثري عملية التعلم من خلال الموازنة بين المكافأة والتحكم، ولكن قد تتسبب بعض سمات التكنولوجيا في تفاعلات اجتماعية ضارة، أو تزيد من صعوبة السيطرة على الاندفاعات داخل العالم الافتراضي للمراهق.

المراهقون بين العالم الواقعي والعالم الافتراضي

المراهقون بين العالم الواقعي والعالم الافتراضي


عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا يكون الأطفال والمراهقون هم الخبراء بلا منافسة؛ إذ يمتلك خمسة وتسعون بالمئة من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً في الولايات المتحدة على سبيل المثال لا الحصر هواتف ذكية، ويقول 94% منهم إنهم يستخدمون الإنترنت لمدة ساعة على الأقل يومياً، ويزيد الأطفال من استخدامهم تدريجيّاً كلما تقدموا بالعمر ودخلوا في فترة المراهقة (أو البلوغ)، ويستخدمون -أو يمتلكون- أجهزتهم، خاصة عندما يبدأون دراستهم الثانوية.
وأضاف /ساكانا/ أن التكنولوجيا توفر الكثير من الفرص للتواصل والتعلم والاستمتاع داخل الصفوف الدراسية وخارجها، وهذه الحقيقة بدأت تتطور في الكثير من دول أمريكا اللاتينية.
إلا أنها أي التكنولوجيا محفوفة بالمخاطر أيضاً؛ مثل الانفصال عن باقي الأنشطة والعلاقات، وإمضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات، والتسرع في النشر عبر الإنترنت، ويمكن تفاقم الجوانب سواء الإيجابية أو السلبية للتكنولوجيا من خلال بعض السمات الرئيسية لمخ المراهق النامي.
تأثير التكنولوجيا يعتمد على جودة الأنشطة التي نقوم بها في العالم الافتراضي:
يعد البحث في مجال استخدام التكنولوجيا تحدياً ليس باليسير، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب رئيسية:

  • يصعب على الأشخاص تحديد طول المدة التي يقضونها على وسائل الإعلام بدقة.
  • من الصعب تحديد ما إذا كان استخدام التكنولوجيا يتسبب في حصول الأطفال على علامات منخفضة أو يزيد من شعورهم بالغضب، أو ما إذا كان الأطفال الذين يحصلون بالفعل على علامات منخفضة أو الأطفال سريعو الغضب يميلون إلى استخدام التكنولوجيا بصورة أكثر أم لا.
  • نحتاج أن ننتظر حتى يكبر المستخدمون؛ لدراسة الآثار طويلة المدى لاستخدام التكنولوجيا، ورغم هذه التحديات، يظل هذا البحث مهماً.

ما التأثير المباشر من التكنولوجيا على المراهقين؟

قدم /ساكانا/ بحوثاً عالمية يحتفظ بها في برامجه تؤكد النتائج التي يتوصل إليها الباحثون، وهي أن الحل يكمن في الاستخدام المتوازن للتكنولوجيا، وأن المشكلات تأتي إما من التقليل أو الإفراط في استخدام الأجهزة الرقمية، علاوة على ذلك، عادةً ما يكون قضاء وقت متوازن وعالي الجودة على الأجهزة الرقمية مرتبطاً بالتجارب الإيجابية؛ مثل الشعور بالسعادة أو التواصل مع الأصدقاء، ويُقصد بالأنشطة عالية الجودة الأنشطة التي تتطلب منك تفاعلاً؛ مثل التحدث إلى الأصدقاء أو العائلة، أو العمل على مشروع أو صناعي ذي محتوى أو التعلم عبر المرئيات.
وترتبط الأنشطة منخفضة الجودة بالشعور بالاكتئاب والحسد والوحدة، وقد تشمل التصفح السلبي ومقارنة النفس بالآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، أو استخدام الأجهزة حتى أوقات متأخرة من الليل وإهمال إنجاز باقي المهام اللازمة.
ومن المهم التركيز على الهدف أثناء استخدام التكنولوجيا وتجنب تعدد المهام والتشتت، على سبيل المثال إذا كنت تحاول أن تنهي واجباتك المنزلية أثناء التحدث مع الأصدقاء، فستتأثر جودة العملين معاً، ورغم أننا نرغب بالتأكيد في معرفة الآثار التي تصيب البالغين أيضاً، فإن التطور المستمر الذي تتسم به مرحلتا الطفولة والمراهقة يجعلهم أكثر عرضة للآثار السلبية للتكنولوجيا.
يرتبط الاستخدام الموزون للشاشات (الحاسوب، الأجهزة اللوحية، الألعاب الإلكترونية والهواتف الذكية) بأعلى درجات المنفعة، بينما القطبان سواء الاستخدام القليل أو المفرط مرتبطان دوماً بانخفاض المنفعة.

في عصر التكنولوجيا.. كيف أربي المراهق على مراقبة ضميره؟

نصائح حول التكنولوجيا للمراهقين

  • الانتباه إلى جودة ومحتوى ما تقوم به في العالم الافتراضي بدلاً من التركيز على إجمالي المدة التي تقضيها على الشاشات.
  • استخدم التكنولوجيا بطريقة فعالة (إنتاج المرئيات، كتابة الحكايات، التحدث مع الأصدقاء والعائلة، استخدام المرئيات لتعلم مهارات جديدة) بدلاً من الاستخدام السلبي (مثل تصفح الحساب الشخصي لأحد المشاهير).
  • تجنب تعدد المهام، فعندما تقوم بأداء وظيفتك المنزلية، أغلق الهاتف.
  • تأكد أن استخدامك لهذه الأجهزة لا يلهيك عن الحصول على عدد ساعات كافية من النوم وأداء واجباتك المنزلية والتفاعل مع الأصدقاء والأهل.
  • عندما تذهب للنوم، اترك جهازك خارج غرفة نومك، استخدم ساعة منبهة بدلاً منه.

سلبيات محتملة

الاكتئاب والقلق عند المراهقين

مشاركة الأنشطة الخطيرة

قد تدفع الرغبة في الحصول على مكانة مميزة بين الأصدقاء إلى مشاركة الأنشطة الخطيرة، أو تدوين التعليقات السيئة، أو إرسال صور كاشفة لجذب الانتباه.
قد تتسبب الدراما الرقمية والتنمر الإلكتروني والتعرض إلى المواد غير المناسبة في زيادة الضغط على المراهقين، أو شعورهم بالغضب والإضرار بسمعة شخص ما، قد يصعب على المراهق اتخاذ القرارات السليمة عندما تكون المشاعر فياضة؛ إذ إن مهارات التحكم الإدراكية لا تزال في حالة تطور، لذلك عندما تكتب رداً على صديقك الذي جرح مشاعرك أو تختار الصورة التي تريد نشرها، الشعور بالندم لاحقاً من الأثر الباقي لرأي وتصرف، قد يؤثر على الصحة والتجربة المدرسية.

الاكتئاب والقلق

علاوة على ذلك، من شأن قضاء الكثير من الوقت في تصفح حسابات الآخرين أن يؤثر على تقدير الشخص لذاته، إلا أن الباحثين يحاولون تحديد ما إذا كانت الأنشطة على العالم الافتراضي تسبب المشكلات، أم أن الأشخاص الذين يعانون من المشكلات بالفعل يميلون إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة ضارة؟
ومع أخذ هذه التغييرات الاجتماعية العاطفية في الاعتبار، دعنا الآن نتساءل:
كيف يمكنك استخدام التكنولوجيا لبناء صداقات أقوى، وتجنب السلبيات الاجتماعية لهذه الأجهزة؟

الإدمان على الأجهزة

عندما تكون مستمتعاً في العالم الافتراضي يكون من الصعب مراقبة الوقت، وقد تجد نفسك ''متعلقاً'' بأجهزتك الإلكترونية - وتنفق وقتاً يفوق بكثير المدة المفيدة لك، وقد لا تستطيع حتى التحكم في المدة التي تريد قضاءها على جهازك، أو في مقدار الانتباه الذي تريد أن تمنحه له، وتعتبر هذه من أكبر المشاكل في أمريكا اللاتينية (الإدمان).

تحقيق الاستفادة القصوى من التكنولوجيا

تعد سنوات المراهقة فترة مشوقة؛ إذ تكتشف بها من أنت وتحدد ما تحب ومن تحب، كما تنمي المهارات والأدوات التي تحتاجها لتحقيق شغفك، ومن شأن استخدام الأجهزة بشكل هادف أن يساعدك على تحقيق النجاح، بل إن هناك فوائد للصحة العقلية والنفسية للتواصل مع الأصدقاء، ونشر صور لأعمالك الإبداعية أو التواصل مع مجموعة من الناس تشاركك الاهتمامات نفسها، عليك فقط مراقبة الوقت والمحتوى الذي تتعرض إليه في العالم الافتراضي بدلاً من تثبيت عدد الساعات.

النصيحة الأخيرة

استخدمْ التكنولوجيا بفاعليّة بدلاً من السلبية، وتجنبْ تعدد المهام من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من الوقت، وتأكدْ أن استخدامك لهذه الأجهزة لا يلهيك عن الحصول على عدد ساعات كافية من النوم وأداء واجباتك المنزلية، أو التفاعل مع الأصدقاء والأهل، يستمر العلماء في إجراء الأبحاث حول استخدام التكنولوجيا والمخ النامي، وعلينا في هذا الصدد أن نكون مسؤولين في استخدامنا للإعلام الرقمي، كن أنت المسيطر على جهازك ولا تدع الجهاز يسيطر عليك.
ملاحظة من «سيدتي نت»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص