كل قطيعة عاطفية تحدث يكون الكبرياء، وخلف كل الحرائق العشقيّة لا يوجد سوى الغياب، لذلك يصبح الكبرياء سبباً للجفاء، للرحيل، للحنق، للضغينة، وللهرب، لذلك فقط قد نشعر بأننا معتدّون جداً بكبريائنا الطاعن في أرذل العمر العاطفي، والحقيقة هي أننا لا يمكننا الاعتراف أمامهم بضعفنا وبخوفنا، وحتى بفزعنا وقلقنا، لذلك كانت حُجتنا الجماليّة هي الكبرياء.
ولذلك فقط كانت شبهة الحب ترتسم بين ملامحنا بشعور لا ندركه، وبحنين نسعى أن نطمسه كلما تعالى صوت الحب فينا، فنحن مأخوذون جداً بمشاعرنا البكر، التي تأبى الانقسام أو حتى المناوشات والمزايدات العاطفية، ومأخوذون بشرقيّتنا المفرطة بالحب، وغافلون جداً بأنه يمكننا قبل الرحيل عنوة أن نتحدث، بل أن نصرخ بشفافية المشاعر بكل غضبها وأتونها، دون الرحيل بصمتٍ مقفر يقفز خلف الكبرياء، يمكننا أن نشهق الكبرياء بحب أكبر، وبوداعٍ أعظم، فقط إن علمنا كيف يصبح للكبرياء ثقافة، فخلف كل الغضب يولد الحب من رحم الحنان، لذلك تنفسوا غضبكم برفق.
قد نحتاج لترويض المشاعر؛ حتى نستطيع أن نهذب جماح كل الأمور المشتعلة بداخلنا من توافه التفاصيل؛ حتى نستطيع أن نفرّق بين الكبرياء والكرامة العاطفية، فليست كل الأحداث التي تقع بيننا يكون الحد الفاصل فيها كبرياء الأنا، الكبرياء يمكننا أن نتجاوزها إن رغبنا بالحفاظ على علاقتنا العشقية، بينما إن تخطت أو حتى قاربت بالمساس بالكرامة، فهنا يصبح الحدث كارثياً، بل مفخخاً بالفراق الأبديّ، هنا يصبح الاحتضار أكثر سواداً، وهنا تصبح للأنفاس رهبانيّة، كل الأمور قد تحدث وقد يمكن تصحيحها، بل يمكن إصلاح عطبها، ما عدا أن تهان كرامة الرجل أو المرأة، حتى وإن كانت باسم الحب، فلا يمكن من بعدها أن نعيد للملامح العاشقة نضارتها التي كانت، ولا يمكن أن نملأ القلب بالسلام العاطفي الذي دُهس قهراً، ولا يمكن لنا أن نعود، طالما رحلنا ونحن نحتضر.