أن تكون شغوفًا بالغد، باحثًا عن الحياة التي بين كل سكونٍ يجتاح تفاصيلك، هذا لا يدل إلا على أن هذا الشسوع الذي يغطي العالم بات يغريك للكتابة، للحب، للسير الطويل تحت انهمار السماء، للرقص على تفاهة الأغنيات، للضحك على بؤس العشاق، لتأمل اختلاف إطلالات النوافذ، للثرثرة مع عابري الحنين، للتوقف عن طرح الأسئلة المباشرة وغير المباشرة، للركض من الماضي، من الحاضر، من المستقبل، ومنك أنت.
أنت حرٌ بأفكارك، بنصوصك، بتناقضك، بمزاجيّتك، بجنونك وبهروبك، حرٌ بالكامل، إذًا لماذا تقيدك؟ أو حتى لماذا تسمح لهم بذلك؟
احمل ثقلك الغائر فيك، ثم اتجه نحو الشق الآخر من هذا العالم، ارحل لتكتشف كيف تصبح الحياة من على بعدِ شهقة وعودة، ارحل لتصافح أيادٍ غير يدِ وجعك، ارحل حتى تتعلم كيف تبتسم روحك قبل ملامحك، ولا تعد، لا تعد لأن العودة لن ترحب بك مجددًا، فنحن نحمل أوطاننا بداخلنا ثم نمضي، فتذكرة رحيلنا باتجاهٍ واحد يا صديقي، لا يمكنك الهرب ثم العودة.
ثمة ضياع بمثابة حياة، وأنت الوحيد القادر على اختيار ضياعك الملهم.
لا تحتاج لاستراحة محارب حتى تنضج بما فيه الكفاية، بل كل ما عليك فعله هو أن تتفشى بين هذه الجموع الغفيرة من البشر بذكاءٍ مخيف، لكن لا تخف من جرأتك، من جسارتك ومن الحيل التي ستقوم بارتكابها في حق الآخرين وفي حقك، أنت في النهاية تريد أن تنضج، ولن تكبر طالما لم تتعدد تجاربك بنجاحاتها وبفشلها، فالحياة المثالية التي يسعى لها الكثيرون لا تلائم الأشخاص المفكرين، لا تلائم الكتّاب والفنانين، نحن نبحث عن الخلق، نحرص على القفز فوق كل صورة نمطية قد تناط علينا دون رغبة منا، وأنت كذلك يا صديقي.
|