اخترعت كرة القدم في السابق، حتى لا يبقى العاطلون عن العمل يتسكعون في الشوارع.
الناس في السابق كانوا يذهبون بكامل أناقتهم لمناسبات مهمة، اليوم أصبح الناس يقطعون تذكرة في السوق السوداء ويقطعون أميالاً طويلة ويسافرون ليشاهدوا مباراة القرن بين برشلونة وريال مدريد.
يذهبون وهم بكامل أناقتهم ليشاهدوا أولئك الذين اخترعت من أجلهم كرة القدم، حتى لا يتسكعوا في الشارع.. لكن هذه المرة أصبح الناس هم الذين يتسكعون في الملاعب.. في حين اللاعبين لديهم ما يفعلونه.. أنهم يلعبون.. عفوًا يعملون!!
مرة أخرى اخترعت كرة القدم في السابق، حتى لا يبقى العاطلون عن العمل يتسكعون في الشوارع أو لكي يهرب إليها الفاشلون في الدراسة، أو لكي تكون ملاذًا أقل ضررًا من تعاطي الممنوعات، فهي تحدي المتسكعين وحياة الفاشلين، أما اليوم فهي عمل الناجحين، والذي لا يجد له مهنة في كرة القدم يكاد يكون فاشلاً فأهمية الشخص تقاس بأهميته في كرة القدم بعدما أصبح الكثير من رؤساء الدول يحسدون اللاعبين على شعبيتهم التي تفوق شعبية السياسيين.
بدليل قلة قليلة تعرف اسم رئيس الأرجنتين، لكن لا يوجد أحد في العالم لا يعرف مارادونا، حتى وهو عاطل عن العمل!
وقلة قليلة يذكرون خطط تشرشل العسكرية في الحرب العالمية وتفاصيلها... لكن هذه القلة تتحول إلى كثرة عندما يتعلق الأمر بخطط مارادونا الهجومية وهدفه الشهير في مرمى شيلتون في عام 1986.
وهو الأمر نفسه الذي جعل الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك يحسد واحدًا مثل زين الدين زيدان، لأنه يتقاضى راتبًا يعادل 200 ضعف لراتب الرئيس، وهو بالتأكيد الشعور ذاته الذي يحمله أي رئيس برازيلي لا يعرفه أحد سوى السكان المحليين، في حين العالم من أقصاه إلى أقصاه يعرف رونالدو، ورونالدينو، وكافو وروماريو، وبيبتو وقبلهم زيكو وسقراط، كما أن ذاكرة العالم لا تزال زاخرة وحبلى بأدق التفاصيل لأهداف الملك بيليه الذي يفوق في أهميته أهم ملوك أميركا اللاتينية، فهو قارة تمشي على قدمين، ويكفيه فخرًا أن أميركا اللاتينية تعرف به كأهم الملوك الذين تربعوا على عرشها لعقود طويلة.
فأميركا اللاتينية التي أنجبت الشعراء والمناضلين والثوار الذي ملؤوا العالم صخبًا وضجيجًا وحرية، لا تزال تعتبره الابن الاكثر نضالاً من أجل إعطاء قيمة أفضل لحياة الحالمين من الصبيان الذين لا يملكون رغيف الخبز في بلاد تعاني من سقوط حكومة ومجيء حكومة أخرى بسبب الفقر والعوز ورغيف الخبز.. ولكنهم يملكون الطموح والأحلام الكبيرة. وقبل ذلك كرة قدم يطاردونها في السكك والحواري والأزقة لبناء مجد أشبه بمجد بيليه...
ففي هذه القارة الكبيرة والقديمة لا يوجد لدى الناس سوى الحلم وكرة القدم وأشياء كثيرة لا تأتي لأولئك والعاطلين عن العمل العاطلين عن الأمل، إلا بأمل يجعلهم عاملين أو لاعبين لا فرق.. فلا عمل ولا أمل لهم إلا بكرة القدم!
شعلانيات:
. لن ينسى الله خيرًا قدمته،
ولا همًا فرّجته ولا عينًا كادت أن تبكي فأسعدتها
عش على مبدأ: «كُن مُحسنًا وإن لم تلق إحسانًا»
. لا تصدق كل ما يقوله الناس فقط شاهد ما يفعلون، فمعظم الناس يقولون ما لا يفعلون!
. كل شيء زائل.. ونحن الذين نعطيه قيمته وأهميته..
. ثم نتألم ونتعذب من أجل هذه الأهمية المزعومة!