- ألم ترتوِ بعد؟ أم أصابك الجفاف؟!
هذه الحموضة التي بقيّت عالقة بفمك ستقتلك يوماً، ستتسمم بسببها، ولن يكون الماء هو الحل، عطشك من نوعٍ آخر، ابحث عمن يسقي جذورك الميتة، ابحث عمن يعرضك للضوء، للبدايات الجديدة، ابحث عمن يبقيك تحت الحب، كمن يبقى تحت المطر دون أن يمرض، دون أن يسأم ويبكي.
وحيدٌ أنت وتالف، كرزمةٍ قد بقيَت في أقصى الزاوية، منسيّة، متراكمة بغبارها، قابلة للصرفِ، للحرق، وللنسيان.
لا بأس إن أحبتك ورقة، فجعلتك تكتب وتكتب دون أن تتوقف، لا بأس إن أحبتك النوارس، فحرضتك على تأملها، على مراقبتها والتبسم لها، لا بأس إن أحبكَ الصمت، فتحدث معك بلغته الساكنة دون الحاجة بأن تفهمه، لا بأس إن شاركك الضجيج متعة الصخب، لا بأس إن وجدت الحب بين أشيائك العزيزة، دون أن تتكفل عناء البحث عنه بعيداً، عشه وكأنه آخر الشعور، كأن لا شيء سيأتي من بعده، عشه وكأنه حبك المقدس، العظيم، الذي مهما شعرت بخيبةِ الحياة فلن يخذلك هو.
- منذ متى قد خذلتنا أشياؤنا المحبوبة؟
يبدو أنها الوحيدة التي لم تتبدّل، لم تتغير، لم تغيرها الظروف، الأزمنة، وحتى الأمكنة؛ لذا هي باقيّة معنا دون أن تمسها يد الغياب أو الإهمال.
ثمة من يخشى حتى من المحاولة، بأن يتعرف إلى التفاصيل المرتبطةِ به، فكيف سيعثر على الحب دون أن يشعر بقربه أولاً!
اعتدّ بغربتك، بالوحدة التي تخلق من صمتك ألف فكرة وفكرة؛ كي تدفعك نحو الحياة كما لم تفعل من قبل. عش الشعور رغماً عن كآبته، رغماً عن بؤسه، وسواده؛ كي تتقاطع أقدارك بالهوى، وكأنها المرة الأولى، وكأنها اللحظة الأولى التي يُولد فيها الحلم، وتبدأ الفصول بمواسمها، والأغنيات، كل الأغنيات لن تتوقف عن الغناء باسم الحب.